الدكتور منذر الفضل : الوضع القانوني لإتفاقية الجزائر

Picture

-1-
تطورات الاوضاع قبل إتفاق الجزائر


تدور منذ مدة نقاشات بين السياسيين والمواطنين العراقيين حول اتفاقية الجزائر ومعاهدة الحدود العراقية – الايرانية الموقعة بين العراق وايران في 6 اذار من عام 1975 والتي كانت برعاية رئيس جمهورية الجزائر حينذاك السيد هواري بومدين وبحضور السيد عبد العزيز بوتفليقة الذي كان يشغل منصب وزير الخارجية لدولة الجزائر .

كما نسمع ونشاهد ونقرأ عشرات التصريحات العجيبة والغريبة حول الاتفاقية المذكورة من اعضاء مجلس النواب الحالي ومن المسؤولين العراقيين دون مشاركة من ذوي الاختصاص في الموضوع في حالة تمثل جانبا من المشهد السياسي العراقي  المأساوي المضطرب .
وهذا الجدال السياسي والقانوني تجدد عقب احتلال القوات الايرانية لحقل الفكه النفطي العراقي رقم 4 الواقع على الحدود بين الدولتين في منطقة العمارة في  شهر ديسمبر (كانون الاول)  2009 وهذه المنطقة  كانت احدى المناطق التي دارت عليها حرب ضروس بين العراق وايران دامت ثمانية سنوات 1980-1988 وتركت هذه الحرب  اثارها البليغة ولاتزال تأثيراتها قائمة حتى الان على الصعيد البشري والمادي والبيئي والاقتصادي وغيرها.ولاشك ان ملفات العلاقات الحدودية والاقتصادية والسياسية والامنية بين العراق وايران يعد من اعقد الملفات واكثرها ضررا على الشعوب الايرانية والعراقية بسبب الحروب التي دارت واجواء التوتر التي خيمت على هذه العلاقات عبر تاريخ طويل من الصراع والتجاوزات الحدودية والاطماع التوسعية من ايران وردود الفعل الخاطئة من انظمة الحكم العراقية بما فيها الحكومة الحالية .

وتعود اجواء التوتر الخطيرة بين البلدين في العصر الحديث الى تموز من عام 1968 اي بعد  وصول حزب البعث الى السلطة في العراق حيث لم تمض الا شهور معدودة حتى قام نظام شاه ايران باطلاق مياه نهر الكارون واغرق جزأ كبيرا من مدينة البصرة وكان النصيب الاكبر من الاضرار قد لحق بجامعة البصرة التي غرقت كليا بسبب هذا الفعل العدواني المتعمد من نظام شاه ايران .ثم تبع ذلك عام 1969 تجاوزات كبيرة على الحدود من ايران بعد الغاء معاهدة عام 1937 من طرف واحد من الجانب الايراني والتي كانت تنظم الحدود البرية والمائية  بين الطرفين علما ان هذه المعاهدة لم تكن الاولى ولا الاخيرة فقد عقدت سلسلة من المعاهدات بين الدولة العثمانية وبريطانيا التي كانت تحتل العراق , وبين ايران والعراق بعد استقلال العراق في عام 1921.

ومن بين هذه المعاهدات العديدة التي حاولت تنظيم العلاقات بين الدولتين هي معاهدة زهاب ومعاهدة ارضروم الاولى ومعاهدة ارضروم الثانية وبرتوكولات القسطنطينية ومعاهدات اخرى عديدة كان اخرها هي اتفاقية الجزائر ومعاهدة الحدود العراقية – الايرانية الموقعة في 6 اذار عام 1976 (  مع بروتوكولات طهران الملحقة بها ) بهدف تنظيم العلاقات بين ايران والعراق من الجانب الحدودي والامني, كما ان  جميع هذه المعاهدات والخرائط موجودة ومحفوظة في اسطنبول وفي الامم المتحدة لأنها مسجلة لديها حسب قواعد القانون الدولي ووفقا لإحكام المعاهدات وفي ايران وربما في دول اخرى واظن لم يبق منها شيئا في العراق بعد الخراب والنهب والسلب المتعمد الذي وقع فيه من اطراف عديدة  والذي رافق عمليات تحرير العراق من النظام الدكتاتوري عام 2003 .

في شباط من عام 1969 كنت في زيارة ضمن رحلة طلابية من كلية الحقوق بجامعة بغداد الى مدينة البصرة ( حيث كنت طالبا في السنة الثانية من كلية الحقوق ) وقد لفت انتباهي معاناة اهالي مدينة البصرة من التجاوزات الايرانية على الحدود في قضاء ( ابو الخصيب ) و (السيبة ) ومناطق اخرى و التي لم نتمكن من الوصول اليها بسبب الخطر الايراني وهي مدن عراقية كانت تضرب من القوات الايرانية , كما شاهدت معاناة طلبة جامعة البصرة التي اغرقت جامعتهم – كما اسلفت - بفعل الانتهاكات الايرانية المتعمدة.

ويبدو ان ايران تستعمل سلاح المياه بصورة واضحة ما بين اطلاق المياه تارة كما حصل في البصرة والعمارة عام 1969 حين اطلقت كميات كبيرة من مياه نهر الكارون الحدودي وبين قتل الحياة بقطع المياه عن هذه المناطق تارة اخرى منذ سقوط الدكتاتورية عام 2003 وحتى الان, حيث يعاني سكان جنوب العراق حاليا , رغم ان الغالبية الساحقة منهم من العرب الشيعة, من شحة في المياه بسبب قطع مياه نهر الكارون المتعمد من الجانب الايراني والذي سبب موت الحيوانات وهجرة كثير من السكان وتدمير للزراعة وللبيئة وهو عمل لا يدلل على وجود حسن النوايا وعلاقات الجوار من الجانب الايراني .

في عام 1970 ادعى نظام البعث بانه سيقدم على خطوة ايجابية الى الامام لحل القضية الكوردية حين اصدر بيان 11 اذار الذي تضمن انجاز اتفاقية بين الثورة الكوردية بقيادة زعيم الثورة الكوردية مصطفى البارزاني وبين حزب البعث سميت باتفاقية اذار عام 1970 ومضمونها الاعتراف بالحقوق القومية للشعب الكوردي ومنح المنطقة الكوردية حكما ذاتيا والاعتراف بخطوات مهمة تضع حدا للاقتتال الداخلي و تصنع السلام في العراق كما جرى تعديل الدستور العراقي المؤقت لعام 1970 طبقا لذلك . الا ان هذه الاتفاقية تنكر لها حزب البعث وتنصل من تنفيذ بنودها ولم يكن صادقا في وعوده وغدر بالثورة الكوردية ولم  يتحقق السلام فاندلعت الثورة الكوردية مجددا بثورة سميت ب ثورة كولان يوم 26 ايار 1976 .

كان صدام حسين يشغل منصب نائب رئيس مجلس قيادة الثورة والشخص الثاني في الدولة العراقية بعد احمد حسن البكر وكان مسؤولا عن ملف حل القضية الكوردية في العراق, وكانت اتفاقية اذار 1970 تنص على ان تطبيقها سيكون خلال 4 سنوات, وقد استغل صدام هذه الفرصة, فبينما كان على اتصال مباشر وغير مباشر مع البارزاني الخالد عقب توقيع الاتفاقية المذكورة الا ان صدام وحكم البعث الفاشي كان يلعب دورا مزدوجا في السر والعلن من خلال الاستمرار بالمفاوضات مع القيادة الكوردية وبين الاشراف على عمليات التصفية والاغتيالات التي إمتدت حتى الى قائد الثورة الكوردية مصطفى البارزاني والذي تعرض لمحاولة اغتيال غادرة في 29 ايلول من عام 1971, هذا فضلا عن ان صدام بعث برسائل سرية الى نظام شاه ايران يعرض فيها حل المشكلات بين العراق وايران لقاء التضييق على الثورة الكوردية و التنازل عن نصف شط العرب وعن مناطق حدودية اخرى وبذلك فرط صدام بالسيادة الوطنية العراقية وهذا يعد خرقا دستوريا وقانونيا وبمثابة خيانة عظمى يستحق عنها صدام وجميع رموز النظام أنذاك المحاسبة القانونية عن خرق الدستور .

وقد تم توقيع اتفاقية الجزائر في 6 اذار من عام 1975 في العاصمة الجزائرية ( الجزائر ) وسميت باتفاقية الجزائر التي تضمنت معاهدة الحدود العراقية – الايرانية وتبادل صدام مع شاه ايران القبلات متوهما ان جميع المشاكل قد حلت سواء بين ايران والعراق اوبين نظام البعث الغادر و الثورة الكوردية.

اما على الصعيد الداخلي, فقد قام صدام بعمل جبهة وطنية صورية تتألف من الحزب الشيوعي العراقي واحزاب كوردية كارتونية صنعها بهدف تقوية الجبهة الداخلية وضرب الثورة الكوردية والتمهيد لجرائم إبادة الشعب الكوردي كما هو واضح من سيرة احداث التاريخ في جرائم تهجير مئات الالاف من الكورد الفيلية وسلسلة الاغتيالات للشخصيات الكوردية السياسية وشن جرائم حرب الابادة في كوردستان التي صارت معروفة للقاصي والداني .

وكما هو معروف لم يسلم من غدر صدام ومن سياسة البعث الفاشية لا الحزب الشيوعي العراقي ولا غيره من الشخصيات السياسية او المستقلة الرافضة لهذا النهج الاجرامي, فقد تعرض الحزب الشيوعي الى حملة تصفيات قاسية منذ عام 1976 ولم تنفع بنود اتفاقية الجبهة الوطنية ولا تعهدات البعث, ولعل تحالف الحزب الشيوعي مع حزب البعث حينذاك كان من أكبر الاخطاء السياسية التي وقع بها الشيوعيون  فقد احترقت اصابعهم بالنار التي اوقدوها حين تحالفوا مع حزب البعث الذي يؤمن بالفكر القومي المتطرف القائم على سياسة الغدر والغاء الاخر واحلام عنصرية خيالية من خلال بناء وطن عربي من المحيط الى الخليج على غرار ما سعت اليه النازية بقيادة هتلر في المانيا .

ان الهدف الاساس من توقيع اتفاقية الجزائر سيئة الصيت هو الوهم الذي وقع فيه صدام والبعث وهو ابادة الشعب الكوردي وضرب وتدمير الثورة الكوردية كليا حتى ولو كان ذلك على حساب ارتكاب الخيانة العظمى بالتنازل عن جزء من السيادة العراقية . وقد كان هذا الفعل الاجرامي من الاخطاء الاستراتيجية البليغة من صدام وحزب البعث الفاشي, لا بل يعد من اصناف الجرائم الدولية التي كان يجب ان يحاسب عليها  صدام واركان نظامة قانونيا, وهذا ما حصل لاحقا بعد سقوط الدكتاتورية 2003 حيث تشكلت المحكمة الجنائية العراقية  العليا بموجب قانون رقم 10 لعام 2005 لمحاكمة المتهمين العراقيين ممن اتهم بارتكاب جرائم الابادة والجرائم ضد الانسانية ولكنها لم تخصص ملفا مستقلا عن قضية التفريط بالسيادة الوطنية وانتهاك الدستور العراقي لعام 1970 والحنث به .

كما ان الدليل على هدف سياسة صدام والبعث النازي في ضرب الثورة الكوردية هو ما حصل لاحقا من جرائم خطيرة ارتكبت ضد الكورد وكوردستان خلال الحرب العراقية – الايرانية من ضرب حلبجة بالسلاح الكيماوي وضرب قلعة دزه بالنابالم وتدمير 4500 قرية وتغييب 188 الف كوردي وازدادت وتيرة التهجير ضد الكورد الفيلية كما زرع ملايين الالغام في كوردستان وغيرها من مئات الالاف من الجرائم العمدية الخطيرة , وقد اصدرت المحكمة الجنائية العراقية  المختصة احكامها  في بعض من هذه القضايا , وما تزال قضايا اخرى قيد المحاكمة فضلا عن دعاوى اخرى ينبغي ان تحرك جنائيا ضد أركان النظام الدكتاتوري السابق من الموجودين داخل العراق وضد الهاربين في دول الجوار والعالم . 

شعر صدام بعد مدة من توقيع اتفاقية الجزائر ومعاهدة الحدود سيئة الصيت  بنتائج هذا العمل الخطير  و الذي يشكل خيانة وانتهاكا للدستور العراقي النافذ انذاك (دستور عام 1970 ) كما بينا  حيث ورد في المادة 39 مايلي : ((  المادة التاسعة والثلاثون: يؤدي رئيس مجلس قيادة الثورة ونائبه والأعضاء أمام المجلس اليمين التالية: (أقسم بالله العظيم وبشرفي ومعتقدي أن أحافظ على النظام الجمهوري وألتزم بدستوره وقوانينه وأن أرعى مصالح الشعب وأسهر على استقلال البلاد وسلامتها ووحدة أراضيها وأن أعمل بكل تفان وإخلاص لتحقيق أهداف الأمة العربية في الوحدة والحرية والاشتراكية). وهذا العمل هو انتهاك ايضا لنص المادة 45 من الدستور المذكور التي جاء فيها مايلي : ((  المادة الخامسة والأربعون: يكون كل من رئيس مجلس قيادة الثورة ونائبه وأعضاؤه مسؤولاً أمام المجلس عن خرق الدستور أو عن الحنث بموجبات اليمين الدستورية أو عن أي عمل أو تصرف يراه المجلس مخلاً بشرف المسؤولية التي يمارسها.  )).

وحين سقط نظام الشاه في شباط 1979 جرت مسرحية التسيلم والاستلام للحكم بين احمد حسن البكر وصدام في العراق, وصعد صدام الى الموقع الاول رئيسا للجمهورية ورئيسا لمجلس قيادة الثورة وشغل كل المناصب في 17 تموز من عام 1979 , ولم تمض الا شهور قليلة الا وتهيأ صدام لشن الحرب على ايران , ففي 4 ايلول 1980 بدأ صدام الحرب على ايران في ظل تطورات داخلية وخارجية معروفة للكثيرين ممن عاصروا الفترة السوداء سالفة الذكر حيث واصل صدام ونظام البعث المجرم القيام بأشرس حملة تصفيات جسدية واعتقالات تعسفية للاحزاب الوطنية العراقية ومنها حزب الدعوة وتصفية شخصيات دينية شيعية لها مكانتها المرموقة في الداخل والخارج ومنهم سماحة السيد محمد باقر الصدر وعشرات من رجال الدين الشيعة من ال الحكيم وال بحر العلوم وغيرهم بحجج واهية وملفقة مثل الادعاء بارتباطاتهم مع ايران وبحجة تدخل ايران في الشان الداخلي العراقي من خلالهم بسبب  العلاقات مع المراجع الدينية الشيعية في النجف وكربلا والمدن ذات الاغلبية الشيعية الاخرى علما ان هذه الحملات كانت قد بدأت بشراسة منذ وصول البعث للسلطة عام 1968 وتصاعدت وتيرتها بصورة كبيرة وخطيرة ابان الحرب على ايران وما بعدها ووصلت الى حد ضرب العتبات المقدسة والمدن في النجف وكربلا بالصواريخ عقب انهيار الانتفاضة الباسلة عام 1991 .

  ولعل من أكثر المشاهد غرابة نذكر بان صدام قام ومن على شاشة التلفزيون العراقي بتمزيق اتفاقية الجزائر متذرعا بان ايران لم تحترم بنودها وانها خرقتها مرات متعددة بسبب تدخلها في الشان الداخلي العراقي وانتهاكات ايران للحدود البرية والملاحة النهرية, ولم نر في التاريخ مشهدا هزيلا مثل ذاك المشهد الذي قام به صدام ! لان المشكلات الجوهرية بين الدول لا تحل بتمزيق الاتفاقيات او المعاهدات او شن الحروب و غيرها من الحماقات. واستمرت الحرب الضروس 8 سنوات خلفت المأسي والكوارث التي لا تعد ولا تحصى على العراق وايران ودول المنطقة والعالم أجمع , وهي اطول فترة حرب في العصر الحديث, اضطر صدام بالنهاية الى القبول بقرار رقم 598 الصادر من مجلس الامن الدولي في عام 1988 والعودة الى بنود اتفاقية الجزائر ولمعاهدة الحدود  الموقعة في 6 اذار في الجزائر من عام 1975!

وحين توقفت الحرب والعمليات العسكرية في 8 اب من عام 1988 بقرار من مجلس الامن الدولي, ساد الهدوء النسبي بين الطرفين العراقي وايراني للفترة من 1988 وحتى سقوط النظام الدكتاتوري في 9 نيسان 2003 غير انه – من جهة اخرى - اعقب توقف الحرب بين ايران والعراق احتلال الطاغية لدولة الكويت والعدوان عليها في 2 اب من عام 1990 وهو فعل عدواني غير مدروس يمثل منتهى الغدر مما دفع  بقوات التحالف الى تطهير الكويت وتحريرها في 28 شباط 1991 من هذا الاحتلال واعقب ذلك حصارا شديدا تعرض له جميع العراقيين .

دخل صدام في مفاوضات جديدة مع القادة الكورد لحل الخلافات وفتح صفحة جديدة ! ولكن ما ينطبق على صدام هنا هي عبارة ( توبة الذئب !) فالغدر صار منهجا للبعث وصدام ولرموز نظامه وقد تدخل مجلس الامن الدولي وفرض الحظر على الطيران في مناطق الشمال والجنوب لحماية السكان من بطش النظام وصدرت مجموعة قرارات في هذا السياق منها القرار رقم 688 لحماية حقوق الانسان في العراق ولكن القرار المذكور لم يكن صادرا وفقا للفصل السابع الا ان العراق تقيد بسلسلة من قرارات مجلس الامن الدولي و ما يزال مصيره مرهونا بها حتى اللحظة ..
لم يكتف نظام صدام بما حققه من ويلات وجرائم اضرت بالعراق وبدول الجوار وهددت الامن والسلم الدوليين, فقد اتجه هذه المرة صوب التسليح باسلحة الدمار الشامل من اسلحة بايولوجية وكيماوية وتطوير الصناعات العسكرية واتباع سياسة قمعية ضد العراقيين عموما وضد القوى الوطنية الرافضة لهذا النهج الدكتاتوري  في الداخل والخارج  فاقت حدود التصور في بشاعتها والتي وثقتها الادلة من خلال اطراف متعددة, ومن ثم تمت عملية اسقاط النظام الدكتاتوري في 9 نيسان من عام 2003 وبتدخل مباشر من القوات الامريكية والقوى الحليفة لها مع القوى الوطنية العراقية.


-2-

العلاقات بين العراق وايران وتقييم معاهدة الحدود

منذ عام 2003 وحتى ساعة كتابة هذه السطور في كانون الثاني 2010 لم تتوقف ايران عن التدخل في الشان الداخلي العراقي ولم توقف قصفها للقرى الحدودية في كوردستان  ولم تحترم بنود اتفاقية الجزائر المبرمة معها والتي تتمسك بها وبمعاهدة الحدود العراقية – الايرانية وبالبروتوكولات الملحقة بها. وصارت ايران مصدرا لتصدير الارهاب والمخدرات والسلاح والتجاوزات الحدودية الخطيرة مستغلة ضعف اجهزة الدولة العراقية وانشغال السلطات العراقية بجروح الداخل من الفساد وجرائم الارهاب والذي يضرب كل مكان.

ففي جنوب العراق, جاء احتلال حقل الفكة رقم 4 النفطي في سياق هذه الانتهاكات الحدودية من الجانب الايراني بحجة انه حقل يقع ضمن حدود ايران علما ان ايران لم تتعاون لوضع الدعامات الحدودية البرية طبقا لاتفاقية الجزائر ومعاهدة الحدود سالفة الذكر التي بقيت نافذة المفعول رغم الحرب الضروس التي اشرنا اليها والتي اشعل فتيلها صدام, اذ ان هذه الدعامات الحدودية كانت مثبتة على الخرائط و لم يجر تثبيتها على الارض بحجج ايرانية واهية لكي يبقى لها مبررات للتجاوزات على العراق وان هذا الحقل هو حقل نفطي عراقي وليس حقلا مشتركا ولا حقلا ايرانيا .

وفي كوردستان العراق, تقوم القوات الايرانية ايضا بين فترة واخرى بعمليات عسكرية ضد كوردستان بقصف الحدود وهذه التجاوزات الايرانية لن تكون الاخيرة ولا نتعقد انها سوف تتوقف بل ستستمر وهو ما يضر بالطرفين الايراني والعراقي, وللاسف فقد جاءت ردود الفعل الرسمية والشعبية من الحكومة العراقية ومن المواطنين المثقلين بهموم العيش واضطراب الامن ضعيفه وغير متناسبة ابدا مع حجم الاضرار التي تلحق بالعلاقات بين الدولتين الجارتين من هذه التجاوزات .

ومن الجدير بالذكر هنا ان نذكر بأنه في ديسمبر 2007 ذكر الرئيس جلال الطالباني بان اتفاقية الجزائر اصبحت لاغية حيث قال (( إن الاتفاقية "ملغاة ولا مجال لإحيائهاً )) فجاءت ردة الفعل مباشرة من الطرف الايراني واتهمت ايران العراقيين بانهم لم يقروأ اتفاقية الجزائر جيداً ! ثم أوضح السيد رئيس الجمهورية رؤيته عن هذه الاتفاقية قائلا : أنه لم يقل إن اتفاقية الجزائر بشأن حدود شط العرب لاغية وإنما هو متحفَّظ عليها ودعا إلى محادثات بشأنها مع إيران .وهي دعوة صائبة وسليمة وتنسجم مع مصالح البلدين ومع بنود معاهدة الحدود العراقية – الايرانية ايضاً .

تبع ذلك صدور تصريحات متناقضة من اطراف سياسية عراقية مختلفة ما بين رافض للاتفاقية بحجة انها جاءت مجحفة لحقوق العراقيين ولحقوق الكورد ايضا بينما ذهبت اطراف اخرى الى اعتبار اتفاقية الجزائر ما تزال سارية المفعول ولم تلغ ويجب تنفيذ بنودها . وحين كثرت السجالات استضاف مجلس النواب السيد وزير الخارجية لشرح الموقف, واثر ذلك ذهبت وزارة الخارجية العراقية الى اتجاه تشكيل لجنة فنية مشتركة تسعى لتثبت الحدود على الارض وتطهير المناطق من الالغام وتفعيل العمل على الارض طبقا للاتفاقية المذكورة . ومن المفروض ان تبدأ هذه اللجان الفنية اعمالها  في شباط 2010 وذلك وفقا للاتصالات والزيارات من المختصين بين الجانبين الايراني والعراقي.

وفي ضوء هذه التجاذبات بين السياسيين في العراق وايران مابين رافض لوجود الاتفاقية وقابل بها لابد من القول بان الحكمة والتعقل والحوار السلمي والرجوع لاتفاقية الجزائر ولمعاهدة الحدود العراقية – الايرانية  وقواعد القانون الدولي وإشراك الخبراء والمختصين في القانون في هذا الموضوع هو الطريق الصحيح لحل المشكلات لكي لا تتكرر المأساة ثانية, اذ ما يزال هناك من يرفع صوته من العراقيين البعثيين واتباع النظام السابق قارعا طبول الحرب وهي تصرفات حمقاء لن تؤدي الا الى المزيد من الكوارث . ومن هنا لابد من القاء الضوء على بعض الاسس المتعلقة بالموضوع لمعرفة الوضع القانوني لاتفاقية الجزائر الموقعة في 6 اذار من عام 1976 طبقا لقواعد القانون الدولي .

فالاصل طبقا للقواعد العامة في القانون الدولي ومفهوم المعاهدات الدولية, ان المعاهدة هي اتفاقية مكتوبة  تعقد بين دولتين او اكثر حول موضوع ما, تحدد الحقوق والالتزامات لكل من اطرافها, رغم ان هناك من فقهاء القانون ما يميز بين الاتفاقية والمعاهدة, ولكن لدى الرجوع الى المادة الثانية من اتفاقية فينا  لقانون المعاهدات لعام 1969 نجد انها عرفت المعاهدة على النحو التالي (( أ- معاهدة : تعني اتفاق دولي يعقد بين دولتين او اكثر كتابة ويخضع للقانون الدولي سواء تم في وثيقة واحدة او اكثر وايا كانت التسمية التي تطلق عليها )).

والسؤال المطروح هنا كيف تنعقد الاتفاقية ؟ وكيف يتم تنفيذ احكامها ؟ وما هي طريقة إنهاء الاتفاقية ؟ اي هل يمكن لطرف واحد وبأرادة منفردة الغاء الاتفاقية ؟ ام ان الانهاء او الالغاء يجب ان يكون بأرادة الطرفين او بأرادة اطراف الاتفاقية اذا كانت هناك اكثر من دولة طرفا فيها ؟
للجواب عن ذلك نقول, مهما قيل عن اسباب انعقاد اتفاقية الجزائر بسبب الظروف التي كان يعيشها العراق داخليا, فان شروط انعقادها كانت صحيحة حيث توفرت اركان الانعقاد من التراضي والمحل والسبب ولم يشب إرادة أي طرف عيب من عيوب الارادة ولم يحصل اكراه لا مادي ولا معنوي على اي جانب وهذا يعني وجوب احترام الاثار القانونية لها من حقوق والتزامات على الاطراف الموقعة لها . ومع ذلك فان هذا لا يمنع من تعديلها او الغائها ولكن بأرادة الطرفين معا وبطريق سلمي اذ لا يجوز مطلقا انهاء او تعديل الاتفاقية بارادة منفرده واحده وهذا هو الاصل العام او القواعد العامة  في العقود والاتفاقيات الداخلية والخارجية .

ان اتفاقية الجزائر هي معاهدة ثنائية بين العراق وايران عقدت في 6 اذار من عام 1975 لتنظيم جوانب متعددة بين الطرفين كانت محل خلاف بينهما حينذاك ولا مانع من التغيير او التعديل بين فترة واخرى اذا استجدت ظروف او اقتضت المصلحة ذلك شريطة ان تراعى القواعد العامة للقانون الدولي في هذا المجال وبخاصة اتفاقية فينا لقانون المعاهدات لسنة 1969 التى بينت مفهوم المعاهدة وطريقة انعقادها واحكامها وبطلانها  وسريانها وطرق تعديلها وتفسير نصوصها عند حصول نزاع او اختلاف بين الاطراف الموقعه لها .

لقد مرت اتفاقية الجزائر بمراحل متعددة قبل التوقيع عليها والمصادقة عليها من الطرفين حسب الاصول القانونية وهذه المراحل هي : مرحلة المفاوضات من خلال تبادل وجهات النظر بين ممثلي الطرفين او اكثر بهدف التوصل الى عقد الاتفاق الدولي بين الجانبين ثم جرى في المرحلة الثانية تحرير المعاهدة واتفاق وجهات النظر على كثير من المواضيع بصورة كتابية لكي يجري اثبات البنود والرجوع اليها عند الاختلاف ومن ثم جرى في النهاية التوقيع على المعاهدة الثنائية في الجزائر .


بعض أحكام اتفاقية الجزائر لعام 1975
يطلق على اتفاقية الجزائر ما يلي : ( اولا - معاهدة الحدود العراقية – الايرانية 1975 والبروتوكولات الملحقة بها والخاصة بالحدود البرية والنهرية وامن الحدود . ثانيا – نصوص الرسائل المتبادلة بين وزيري الخارجية العراقي والايراني ) علما ان الدكتور سعدون حمادي كان يشغل منصب وزير الخارجية العراقي واما وزير خارجية ايران فهو عباس خلعتبري. و وفقا للاتفاقية فقد تقرر صيانة سلامة الاراضي وحرمة الحدود وعدم التدخل بالشؤون الداخلية والقيام بمايلي :

1- اجراء تخطيط نهائي لحدودهما البرية بناء على بروتوكول القسطنطينية لسنة 1913 م ومحاضر لجنة تحديد الحدود لسنة 1914 .

2- تحديد الحدود البرية حسب خط التالوك وهو خط وسط المجرى الرئيسي الصالح للملاحة عند خفض المنسوب ابتداء من النقطة التي تنزل فيها الحدود البرية في شط العرب حتى البحر , ومن هنا فالتالوك هو مصطلح دولي لحفظ مجرى المياه الوسطى او التيار الذي يتوسط مجرى النهر .( راجع : عبد الرازاق الحسني – تاريخ الوزارات العراقية – ج5 بغداد 1988 ص 24 ).

3- بناء على هذا يعيد الطرفان الامن والثقة المتبادلة على طول حدودهما المشتركة ويلتزمان باجراء رقابة مشددة وفعالة على حدودهما .

4- اتفق الطرفان على اعتبار هذه الترتيبات المباشرة اعلاه كعناصر لا تتجزأ لحل شامل واي مساس بها يتنافى مع روح اتفاقية الجزائر .


بعض احكام معاهدة الحدود العراقية – الايرانية للسنة 1975

طبقا لمبادئ اتفاقية الجزائر سالفة الذكر فقد قرر كل من الجانب العراقي والايراني على عقد معاهدة للحدود العراقية – الايرانية تضمنت اسسا تقوم عليها العلاقات الحدودية والامنية بينهما, كما نصت المادة الخامسة من المعاهدة على انه في نطاق عدم المساس بالحدود والاحترام الدقيق لسلامة الاقليم الوطني للدولتين .. فانه يؤكد الطرفان المتعاقدان بان خط حدودهما البري والنهري لا يجوز المساس به وانه دائمي ونهائي . وبينت المادة السادسة من المعاهدة على انه اذا حصل خلاف يخص تفسير او تطبيق المعاهدة والبروتوكولات الثلاثة وملاحقها فان الخلاف سيحل على النحو التالي :
1- حل الخلاف بطريق المفاوضات بين الطرفين خلال فترة شهرين من تاريخ تقديم طلب احد الطرفين واذا لم يتم التوصل الى الحل يصار الى :
2- المساعي الحميدة من طرف ثالث .فان فشلت او رفض هذا المقترح من احد الاطراف فانه يصار الى :
3- طريق التحكيم خلال مدة لا تزيد عن الشهر اعتبارا من تاريخ الرفض او الفشل وقد يصار الى :
4- محكمة للتحكيم ويكون حكمها ملزما للطرفين .

ومن بين الاسس المهمة الواردة في المعاهدة ايضا ما يخص الحدود النهرية حيث نصت المادة السادسة على قيام الطرفين كل عشر سنوات في اجراء مسح جديد في شط العرب لرسم الخريطة المائية, ولا نعتقد ان الظروف التي مرت على العراق سمحت للقيام بذلك حيث ان هذا المسح يعد من القضايا الفنية المهمة لتحديد الحدود المائية لانها تتغير مع الزمن بسبب عوامل جغرافية وطبيعية متعددة  وهذا يضر كثيرا بحقوق العراق المائية والملاحية .

اما ما يتعلق بالحدود البرية فان المعاهدة تنص على وضع علامات الحدود من النواحي الجوية والارضية ووضع الدعامات والخرائط غير ان الحرب العراقية – الايرانية اثرت على عدم تنفيذ كثير من نصوص المعاهدة وتثبيتها بين الطرفين وهو وضع تستفيد منه ايران على حساب مصالح العراق وحقوقه الامر الذي يوجب على الطرفين القيام بوضع هذه الدعامات وتطهير المنطقة من الالغام ومخلفات الحروب .
ومن الجدير بالذكر ان بعضا من المناطق البرية الحدودية في جنوب العراق وكوردستان تنازل عنها صدام حسين الى ايران  بموجب معاهدة الحدود العراقية – الايرانية اضافة الى نصف شط العرب كما هو ثابت من الخرائط الفنية .

رأينا القانوني من اتفاقية الجزائر

1- ان اتفاقية الجزائر بين الطرفين العراقي والايراني التي وقعت في عام 1975 وما تبعها من بنود سرية ورسائل بين وزيري الخارجية لكلا البلدين وبرتوكولات وقعت في طهران انما هي مجحفة بحقوق العراق لانها وقعت من طرف صدام ونظامه النازي في وضع غير متكافئ وانها تضمنت بنودا ضد مستقبل العراق وضد الحركة الوطنية العراقية واخرى ضد الشعب الكوردي في كوردستان العراق فضلا عن التنازل عن حوالي 20 الف كم مربع من حدود العراق البرية والتنازل عن نصف شط العراق حسب خط التالوك اذ من المعروف بأن احد اسباب الحرب العراقية – الايرانية التي دامت 8 سنوات هي توقيع اتفاقية الجزائر سالفة الذكر التي تضمنت تنازلات خطيرة مهينة من صدام الى ايران مما يوجب تعديل الكثير من بنودها بطريق سلمي وقانوني تعزيزا للمصالح المشتركة بين الطرفين .
ومما يعزز رأينا هذا ما ذكره السيد رئيس مجلس النواب العراقي لصحيفة الشرق الاوسط  في 11 كانون الثاني  2010 بخصوص اتفاقية الجزائر . وكذلك ما جاء عن الدكتور محمود عثمان لصحيفة الشرق الاوسط في كانون الثاني 2010 بانه  :

في عام 1975 وبعد توقيع اتفاقية الجزائر التقى شاه إيران محمد رضا بهلوي بالملا مصطفى البارزاني زعيم الثورة الكوردية - وكان الدكتور محمود عثمان بصحبته - وإن الشاه قال بالحرف الواحد حينها إن اتفاقية الجزائر حققت حلما قديما استمر معي طوال 42 عاما وحققت لإيران الكثير من خلال هذه الاتفاقية ، وإن صدام حقق لي حلمي وحتى نوري السعيد -رئيس وزراء في العهد الملكي في العراق- لم يحقق لي ما حققه الأخير  .

2- ان الحروب لن تحل اية مشكلة لا بل انها تعقد الامور وتسبب الكوارث وفقا لتجارب التاريخ ولهذا نحن نعتقد بان الطريق الصحيح لحل المشكلات بين ايران والعراق يكون بالحوار والحوار فقط وبالرجوع للوسائل القانونية رغم علمنا بان ما حصلت عليه ايران من مكاسب بسبب تنازلات صدام ضمن اتفاقية الجزائر لا يجعل  من السهل عليها ان  تقبل التخلى عن المكتسبات التي تحققت لها من بنود الاتفاقية او ان تعيد النظر بنصوصها وصولاً الى اتفاق جديد بسبب عوامل كثيرة .

3- نعتقد ان الوقت قد حان لحل جميع المشكلات المتعلقة بين الجانب الايراني والجانب العراقي بحوار صريح ومباشر طبقا لاتفاقية الجزائر والمعاهدة التي وقعت في عام 1975 من خلال الطرق سالفة الذكر في حل الخلافات وهو امتحان لصدق نوايا ايران التي يقع عليها تنفيذ بنود المعاهدة بحسن نية بعد اجراء التعديلات التي تضمن حقوق الطرفين بطريقة عادلة وتؤسس لعلاقات حسن جوار صحيحة قائمة على الاحترام المتبادل وعدم التدخل بالشؤون الداخلية ورسم الحدود البرية والنهرية وضبط الامن ووضع الدعامات والخرائط بطريق قانوني وسلمي ومشروع لكي لا يبقى التوتر ومن اجل ان تحل جميع المشكلات العالقة بطريق ينسجم والقانون الدولي ويتحقق الامن والسلم والتعايش .



Stockholm
‏23‏ كانون الثاني‏، 2010
الدكتور منذر الفضل : الوضع القانوني لإتفاقية الجزائر

::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::

خالد عيسى : من وثائق الصراع على الجزيرة عام 1937 -12-

Picture
خالد عيسى : من وثائق الصراع على الجزيرة عام 1937 -12-
في شهر أب الحارق، كان الصراع على السلطة في الجزيرة مستمرأ بين أنصار الحكم الذاتي من جهة، و أنصار الكتلة الوطنية من جهة أخرى. فكانت الصراعات الميدانية ترافق التحركات السياسية.
****

نترجم في هذه الحلقة وثيقتين، الأولى مرسلة في 6 و الثانية في 13 آب عام 1937، من قبل مدير الأمن العام، المفتش العام للشرطة، إلى وزارة الخارجية الفرنسية في باريس.
****
(الوثيقة الأولى)
الأمن العام
بيروت في 6 آب 1937
معلومة رقم 3890
أمن قامشليه، 03-08-47. (الأصح 37- المترجم)
أ/س –الانفصالية في الجزيرة :(1)
لازالت الحكومة المحلية معلّقة. عادت عناصر الجندرمة في عين ديوار و ديريك الى مخافرها، لكنها لا تؤدي وظائفها.
شراء الأسلحة و الذخائر هو العمل الأساسي في المنطقة، فتجارة الأسلحة حرّة. تصل الأسلحة يومياً من تركية و العراق، ثمن البندقية هو ألفين فرنكاً و الطلقة بخمسة فرنكات.
يستمر أنصار الوطنيين (الكتلة الوطنية – المترجم) بنشر الإرهاب في منطقة عاموده و الدرباسية، حيث أعدادهم كثيرة بشكل كاف.
العديد من العائلات المسيحية من هاتين المنطقتين لجأت إلى القامشليه. الوضع غير محسوم و الفوضى تقلق الناس. ينتظر أنصار الكتلة تعليمات دمشق للبدء بالهجوم.
يجهز زعماء الحركة عريضتهم (لتقديمها –المترجم) الى لجنة التحقيق التي يفترض أن تصل بسرعة إلى القامشليه. انعقد في الأمس اجتماع كبير في كنيسة السريان الأرثودوكس ، و حضره حاجو آغا، و إبراهيم باشا محمود بك، و زعماء كل الطوائف و وجهاء القامشليه و رؤساء العديد من القبائل. و قرروا تعيين لجنة مؤلفة من بعض الشخصيات وهي مكلفة بمناقشة لجنة التحقيق.
حسب الرأي العام، ستستمر هذه الحالة لفترة طويلة. يغادر القامشلية عدد كبير من العائلات متجهة نحو حلب.
تستمر السلطات العسكرية في تأمين النظام في المنطقة.
عاد النائب قدور بك إلى القامشليه في الثاني من شهر آب 1937، و كان برفقته جميل ديلنجي، أحد وجهاء الحسجه. حسب إشاعة تنتشر اليوم، ستتوقف لجنة التحقيق في الحسجه حيث سيتم الاستماع لممثلي القامشليه.
خاتم و توقيع
مدير الأمن العام
المفتش العام لشرطة دول المشرق الخاضعة للانتداب الفرنسي
****
(الوثيقة الثانية)
الأمن العام
بيروت في 13 آب 1937
معلومة رقم 3856
أمن حلب، 11-08-37.
أ/س – مشعل باشا:
مشعل باشا فارس الجربا، رئيس عشيرة الشمر، عاد الى حلب في السابع من آب عام 1937 قادماً من دمشق، و في العاشر من هذا الشهر و في الساعة الحادية عشر غادر الى دير الزور.
كان برفقته كل من:
عبد الرزاق چلبي
عبد الباقي نظام الدين
زكي چلبي
كنجو
عطية كسّار
نجيب الفرّا
قبل مغادرته، زار مشعل، برفقة عبد الباقي نظام الدين، بالتتالي كلاً من المحافظ (محافظ حلب- المترجم) (2) و مكتب الكتلة الوطنية.
خاتم و توقيع
مدير الأمن العام
المفتش العام لشرطة دول المشرق الخاضعة للانتداب الفرنسي
****
ملاحظات المترجم:
(1)- كانت تسمي السلطات الفرنسية التيارات الشعبية المنادية بالحكم الذاتي في مختلف المناطق الخاضعة لانتدابها بالحركات الانفصالية، و ذلك للدلالة على ما كانت تصبو إليه تلك الحركات في عدم الخضوع المباشر للسلطات المركزية في دمشق.  و كان يتم استخدام مصطلحي الوطني و الوطنيين للدلالة على أعضاء و حلفاء الكتلة الوطنية التي كانت تسعى لمد نفوذها على جميع المناطق السورية الخاضعة للانتداب الفرنسي.
(2)- على حدّ علمنا المتواضع، محافظ حلب في ذلك الوقت كان الأمير مصطفى الشهابي المولود في مدينة حاصبيّا عام 1893 و المتوفى في دمشق عام 1968، و كان من أحد أقطاب الكتلة الوطنية، و شغل العديد من المناصب. و ما يستوجب الذكر ، هو أن الكتلة الوطنية عينته محافظاً اللاذقية بعد أن كان قد تم ضم دولة العلويين إلى دولة سورية، و  أن بهجت الشهابي كان محافظاً للجزيرة أثناء أحداث 1937.
يتبع


.......................................................................................................................................


القاضي محمد رئيس جمهورية كردستان

Picture
قاضي محمد (1901 ـ1947 م )


لم يكن اسم القاضي محمد رئيس جمهورية كردستان ( التي سميت جزافاً جمهورية مهاباد ) اسماً لا يلفت النظر أولا يثير الاهتمام ، ولغرض التقليل من أهمية التجربة الوطنية الكردية التي تم إجهاضها بتعاون أطراف دولية عدة ، يشار الى الاسم المختصر لها المرتبط بمدينة مهاباد والحقيقة غير ذلك . 
شيء من بدايات حياته :
 
هو محمد بن القاضي علي بن قاسم بن ميرزا أحمد ، ولد في مدينة مهاباد سنة 1901 م .كانت أمه من عشيرة فيض الله بك ،ذائعة الصيت في مملكة موكريان .
 
القاضي محمد من الشخصيات الكردية المثيرة للاهتمام حقاً ، فقد كان الرجل يتمتع بثقافة كبيرة ، فضلا عن شخصيته الساحرة التي تولد المحبة والتعاطف مع من يقابله ، ويتصف الرجل بعلميته وتبحره في أمور الشريعة والفقه الاسلامي والدين ، واتقانه اللغة العربية والتركية والفارسية والفرنسية والالمام باللغة الانكليزية والروسية ، زيادة علىلغته الأم الكردية . 
و كان يتميز ببساطة شخصيته وتواضعه وشجاعته وايمانه العميق بحقوق شعبه في الحياة ، وضرورة النضال من أجل تحقيق هذه الحقوق المشروعة . وبالرغم من انحدار القاضي محمد من أسرة متمكنة ماديا وغنية في المنطقة ، وساهم ذلك في أن يجعله مثقفاً ومتعلماً من النوع المتميز بين أقرانه ، الا أن ذلك لم يدفعه ليكون مغروراً أو مبتعداً عن مهمات شعبه ونضاله من أجل تحقيق حلمه المشروع . 
كان القاضي محمد يتميز بعلاقاته المتميزة بين أوساط الفقراء والمعدمين ، وبساطته في تلبية حاجاتهم ، ومساعدتهم في قضاء بعض أشغالهم ومصاعبهم وحل مشكلاتهم . وكان كثير الاهتمام بشؤون الفقراء والبسطاء من الناس . وكان حريصاً على الاستماع اليهم ،والرد على أسئلتهم الدينية والمتعلقة بالشريعة والقضاء وفي جميع مناحي الحياة العامة ، بالنظر لما يتمتع به من خصال المعرفة وشمول الثقافة ، التي اكتسبها في حياته . كما كان يدعو الى نشر التعليم والثقافة بين الكرد ، والتمسك بمواصلة الدراسة والتسلح بالعلم والمعرفة ،من أجل مواجهة الاضطهاد والظلم الذي كان يقع على هذا الشعب (وسنلاحظ هذا الجانب بوضوح في آخر وصية له الى شعبه )، فضلا عن تشخيص المعاملات المزرية والمآسي والمظالم التي تقع على الكرد بسبب قوميتهم الكردية ، وعدم تقبلهم التنكر لها ،أو تبديلها وفق رغبة السلطات الحاكمة ،التي كانت تمارس السياسات الشوفينية المقيتة ضدهم ، والتنكر لمقوماتهم الثقافية والاجتماعية والسياسية . 
وكان القاضي محمد خلال سنوات حياته متفهماً للواقع المرير الذي تعيشه الجماهير الكردية ، متلمساً معاناة الناس واحساسهم بالغبن والتغييب الذي يقع على كامل القضية الكردية . 
كان الشهيد القاضي محمد غالباً ما يستذكر الانتفاضات الكردية التي حدثت ،ويتحدث عنها كثيراً بين أوساط الفقراء ، والتي تحدث تأثيرها وانعكاسها عليهم في تأجيج مشاعرهم الدينية والقومية المشروعة لتكون نبراساً يتذكر به الكرد تاريخهم المجيد . 
 
وكان يؤكد دوماً على ضرورة تمتين الروابط بين الكرد ، وضرورة أن يضحي الكردي في سبيل دينه وحقوقه القومية المشروعة مهما عظمت التضحيات في ظل الظروف التي يعيشها الكرد في الدول التي تتقاسم وجودهم بعد تعمد اللعبة الدولية على تقسيمهم وتقطيع أوصالهم ، لغرض اضعاف قوتهم وتشتيت ارادتهم ووأد أحلامهم المشروعة . 
وكان القاضي محمد يقلب صفحات التاريخ الكردي بدقة ويستل منها مايؤثر في نفوس الكرد . وتشير الكتابات التي وصلتنا عنه أنه كان مؤثّراً بشكل لايوصف في كل الطبقات الكردية المنتشرة في منطقة مهاباد ، وكان تأثيره واضحاً في قيام حركات سياسية متميزة وتجمعات ثورية وعشائرية ، وصدور مجلات كردية تنشر أفكارها وسياستها في المنطقة وتؤثر خارج منطقتها . 
 
وبالرغم من سيطرة القيادات العشائرية على المجتمع الكردي،وابتعاد هذه القيادات عن الدعوة الى النضال والكفاح من أجل تطلعات ا لكرد المشروعة ، وابداء المقاومة من قبل الآغاوات والشيوخ ، بسبب عدم التفريط في وسائل استغلالهم للطبقات الفلاحية المعدمة ،وعدم تقبلهم ذهنياً مفاهيم ثورية كان يدعو اليها القاضي محمد تحت شتى الحجج والغايات الدينية والعشائرية والاجتماعية المختلفة ، فقد كان القاضي محمد وعلى الدوام يكرس كل وقته وجلّ اهتمامه في مصلحة الكرد والتطلع نحو مستقبلهم وحياتهم ، ليس في منطقة مهاباد فحسب ، بل في مجمل المناطق التي تعيش بها المجتمعات الكردية . 
وانتشرت دعوة القاضي محمد بين الناس انتشاراً سريعاً مثل البرق ،وتوسعت القاعدة الشعبية لأعضاء الحزب الديمقراطي الكردستاني في المدينة لتحتوى أغلب شبابها وشيوخها وحتى نسائها ، وأمام حالة رد الفعل لما تقوم به السلطات القمعية الفارسية تجاه الكرد ، ومع وقوع حوادث سياسية وأمنية استفزت الجماهير الكردية لتنتفض برمتها على القوات الايرانية ، وتستطيع السيطرة على مجمل المناطق كاملة يوم 17 كانون الأول 1945 ، فسطرت قوات البيش مركة الكردية أروع الملاحم وقصص البطولة في التصدي والثبات حتى يمكن تسمية هذا اليوم بيوم (البيش مركة ) . 
وتحركت القيادات السياسية الكردية بما يتناسب مع الوضع الراهن ، وسيطرت على الوضع، وبدأت تحركات سياسية وتقسيمات عسكرية بعد دراسة الظروف الاقليمية والدولية التي كانت صعبة ومتشابكة للغاية ، بالنظر لمخلفات الحرب العالمية الثانية والتقسيمات الدولية الجديدة ، وانقسام العالم الى معسكرات عدة ، وتعدد المصالح فيما بينها . 
وبتاريخ 22/1/1946 تم اعلان قيام جمهورية كردستان ، التي تأسست ضمن الظروف الشائكة التي ورد ذكرها ، وأصبحت مدينة مهاباد عاصمة للجمهورية الفتية ، وأصبحت قيادة الحزب الديمقراطي الكردستاني قائداً لهذه الجمهورية . 
وأمام العالم ووسط أكبر ساحة من ساحات العاصمة (ساحة جوار جرا ـ القناديل الأربعة) تم انتخاب القاضي محمد كأول رئيس للجمهورية الكردستانية ، وكان حاضراً هذه الاحتفالات المهيبة وفود من جميع أطراف منطقة كردستان .ولكن الجمهورية الفتية ذات الحكم الذاتي لم تعمر طويلا ، فقد تخلى الرفاق الحمر عن دعمهم لها ولقيادتها لما اقتضت مصالحهم النفطية ذلك ،فضلا عن الضغوطات الأمريكية والبريطانية على القيادة السوفيتية بضرورة انسحاب الجيش السوفيتي من شمالي ايران .
 
 
نهاية الجمهورية 
 
تداخلت المساومات السياسية مع خيوط اللعبة الدولية ليتم تخلي جميع الدول وانسحاب الجيش الأحمر من المناطق القريبة ، وخلو الساحة للجيش الايراني الذي تفرغ للاجهاز على الجمهورية الناشئة ، ليطبق عليها بأنيابه ومخالبه ، وتقدمت جحافل الجيش الايراني الجرارة بقوة تقدر ب 120 ألف جندي مدججة بأنواع الأسلحة العسكرية المتطورة حينها لمواجهة شعب لم يكن يملك سوى ارادته وتصميمه على الكفاح . 
وعلى مشارف الجمهورية كان يمكن للقاضي محمد أن ينسحب ويتوارى عن الأنظار ، وكان يمكن له أن يتخلى عن مبادئه وأفكاره لينزوي في داره يتابع مطالعاته والتنعم بالحياة مع أسرته، وكان من الممكن أن يساوم العدوان الايراني ، وكان وكان ، حتى ان المقربين منه والمحيطين به اقترحوا عليه النجاة بنفسه فأجابهم :"كيف لي أن أفرّ وأترك الشعب في هذه الظروف ليواجه مصيره وقد أقسمت أن أدافع عنه حتى آخر قطرة من دمي ؟ " لقدآثر البقاء لمواجهة القوة الايرانية ، مسجلاً بذلك ليس صفحة شجاعة ومشرقة في سجله الشخصي والعائلي ، انما سجل صفحة أخرى من صفحات البطولة والاصرار على الثبات والدفاع عن الحقوق التي يؤمن بأحقيتها ومشروعيتها. 
وتم القبض على القاضي محمد مرفوع الرأس مبتسماً بمهابة واجلال واقتيد الى سجون الجيش الايراني ليتم تقديمه الى المحكمة العسكرية الاستثنائية ، وهو الرجل المدني الذي لم يخالف القوانين العسكرية ، الا أن شموله بحالة الطواريء والحرب جعله يتقدم الى هذه المحكمة بدفاع ليس عن نفسه انما عن قضية الشعب الكردي يفحم بها قضاة المحكمة ، مفنداً جميع الاتهامات الموجهة له .
 
 
نهايته 
 
كان من الطبيعي أن يصدر الحكم بالموت على البطل الأسطوري والفقيه الزاهد والمتعبد القاضي محمد ، وقد تلقاه القاضي برباطة جأش وثقة عالية بالقدر والمصير المحتوم ، وبشجاعة تنمّ عن ثقته بربه وقضائه وقدره ، وبما يشكله موته من فائدة كبيرة لشعبه الذي يعاني من الاضطهاد والحرمان والظلم . 
وفي يوم 30 مارس 1947 اقتيد البطل الى الساحة التي شهدت قيام الجمهورية الكردستانية نفسها ( ساحة القناديل الأربعة ) . وفي فجر ذلك اليوم البائس بعد أن أدى صلاة الفجر تم شنقه ،ليسجل اسمه في سفر الخلودً مع الشهداء الخالدين والمدافعين عن قضايا شعوبهم ،وعن حق الانسان في الحياة الكريمة . 
وهكذا بقيت الاشارة المضيئة في التاريخ الانساني تتحدث ملياً عن الرموز التي رحلت تحمل معها ايمانها بعقيدتها ومبادئها ، غير أنها باقية في ضمير الشعوب كرمز من رموز الانحياز ضد قوى الباطل والظلم ، الى جانب الشعوب المستضعفة والمنكوبة ، ويصير الشهيد الخالد القاضي محمد بمواقفه وشجاعته وصبره وأحلامه ، التي حولها الى واقع ،و أبقاها مأثرة حية في ضمير من بعده. 
وتتمة للفائدة ننشر فيما يأتي آخر وصية للقاضي محمد ـ قبل اعدامه ، وهي من تعريب الكاتب الكردي محسن جوامير ،وقد نشرتها مواقع كردية عدة .
 
وصية القاضي محمد رحمه الله تعالى :
 
يا أبنائي وإخوتي الأعزاء !
 
يا إخوتي الذين هضمت حقوقهم!
 
يا شعبي المظلوم !
 
ها أنا ذا في اللحظات الأخيرة من حياتي، أقدم لكم بعض نصائحي:
 
ـ تعالوا أناشدكم بالله أن لا يبغي بعضكم على بعض.. توحدوا وتعاضدوا.. اثبتوا أمام عدوكم.. لا تبيعوا أنفسكم لعدوكم بثمن بخس.. وإنَّ تودّدَ عدوكم لكم محدود، وينتهي حين تتحقق أهدافه.. فهو لا يرحمكم أبدا، ومتى وجد الفرصة واستنفدت أغراضه، فانه ينتقم منكم لا محالة ولا يعفو عنكم ولا يرحم.
 
إن أعداء الكورد كثيرون، هم ظلمة، مستبدون ولا يرحمون.. وعلامة وطريق نصر أي شعب أو امة، يكمن في وحدتهم وإتحادهم، وكذلك في المناصرة، وإلا فهم يرزحون تحت وطأة المتجبرين.
 
أيها الشعب الكوردي !
 
لستم بأقل من أي شعب على وجه البسيطة، إنما انتم في الرجولة والشهامة والقوة متقدمون على كثير من الشعوب التي تحررت.. فالشعوب التي تخلصت من قبضة المستبدين، هم أمثالكم، ولكن أولئك كانوا متحدين.. كفتكم العبودية.. وإن تحرركم مرهون فقط بالوحدة ونبذ الحسد ورفض العمالة للأجنبي ضد شعبنا.
 
إخوتي!
 
لا يخدعنكم العدو.. فعدو الكورد عدو أيا كان لونه وجماعته وقومه.. لا شفقة له ولا ضمير، ولا يرحمكم، ويوقع بينكم الفتنة والتقاتل، ويثير بينكم الأطماع.. وعن طريق الخدعة والأكاذيب، يُحرضُ بعضَكمْ ضد بعض.
 
والعجم هم أعدى أعداءكم، فهم أكثر ظلما وألعن وأكثر فسقا وأقل رحمة من الجميع.. لا يتورعون عن إقتراف أي جريمة بحق الشعب الكوردي.. وهكذا كانوا دائما، فالبغض والكراهية متأصلان فيهم طوال التأريخ ولحد اللحظة.
 
أنظروا كيف تعاملوا مع زعماء شعبكم، بدءاً ب " إسماعيل آغاي شكاك " وإنتهاء بأخيه جوهر آغا وحمزة المنكوري وآخرين كثر.. لقد خدعوهم جميعا، حيث تعاملوا معهم بالمرونة واللين في البداية، ومن ثم فرقوا جمعهم وشملهم، وأخيرا قاموا بكل خسة ودناءة بتصفيتهم.. لقد خدعوهم بأن أقسموا لهم بالقرآن، وأوحوا إليهم بأن نية العجم تجاههم صافية وإنهم يحسنون صنعا معهم.
 
ولكن وا أسفاه على سرعة تصديق الكورد الذين انخدعوا بيمين وعهود العجم التي قطعوها لزعماء الكورد، وكل ما قطعوه لم يتجاوز حدود الكذب والخداع.
 
لذا، أناشدكم وكأخ صغير لكم بالله، وأقول : إتحدوا ولا تتفرقوا.. وتيقنوا بأن العجم لو منحوكم العسل، فإنهم يدسون السم فيه.
 
لا يخدعنكم قسم وعهود العجم.. فإنهم لو حلفوا يمينا وبالقرآن ألف مرة ووضعوا أيديهم عليه ووعدوكم، حينئذ تأكدوا بأنهم يريدون خيانتكم ومخادعتكم.
 
ها أنا ذا في اللحظات الأخيرة من حياتي، أنصحكم لله.. أقول لكم بأن ما كنت قادرا على فعله قد فعلته، والله أعلم.. لم أقصر في تقديم النصائح وتبيان الطريق الصحيح.. والآن وفي هذا الوقت والحال، أعيده عليكم وأطالبكم بألا تنخدعوا أكثر بالعجم ولا تصدقوا حلفهم بالقرآن ولا بعهودهم وعقودهم، لأنهم لا يعرفون الله ولا يؤمنون به ولا برسوله ولا بيوم القيامة ولا بالحساب والكتاب.. وما دمتم كوردا، فإنكم في نظرهم مجرمون ومحكومون، حتى لو كنتم مسلمين.. من اجل ذلك، فإن رؤوسكم وأموالكم وأرواحكم مباح وحلال بنظرهم، ويعتبرون كل ما يقومون به ضدكم هو غزوة.
 
ما كنت أتمنى أن أغادر الحياة وأترككم وأنتم تعانون من ظلم هؤلاء الأعداء الحاقدين.. لقد فكرت كثيرا في ماضينا ورؤساءنا الذين خدعهم العجم باليمين والكذب والحيل ومن ثم ألقوا القبض عليهم وبالتالي قتلوهم.. وقد حدث هذا بعد أن عجزوا عن هزيمتهم والإنتصار عليهم في معارك البطولة ولم يصمدوا أمامهم، فأقدموا وعن طريق الكذب والاحتيال والدجل على خداعهم وبالتالي قتلهم.
 
أنا أتذكر كل ما حصل لأولئك الزعماء، ولم أثق في يوم ما بالعجم.. وقبل أن يعودوا إلى هنا، وعن طريق الرسائل والتوصيات وإرسال شخصيات كوردية وفارسية، وعدوا وعاهدوا كثيرا ومن دون أي وفاء بهما بأن دولة العجم وعلى رأسها الشاه تريد لهم الخير وليس في نيتها أن تسقط قطرة دم واحدة في كوردستان.. وها أنتم الآن ترون بأم أعينكم نتائج الوعود التي قطعوها.. ولو أن رؤساء القبائل والعشائر لم يخونوا ولم يبيعوا أنفسهم للعجم، لما حصل لنا ولكم ولجمهوريتنا ما حصل.
 
نصيحتي ووصيتي لكم هي:
 
أن تحثوا أبناءكم على طلب العلم، فإننا لسنا بأقل من الشعوب الأخرى ولا ينقصنا شيء غير العلم.. تعلموا، حتى لا تتأخروا عن ركب الشعوب.. فالعلم لدى عدوكم هو سلاحه القاتل في وجهكم.
 
تأكدوا لو أنكم اتفقتم واتحدتم وأوليتم العلم اهتمامكم، فإنكم سوف تنتصرون على أعداءكم نصرا عزيزا.
 
لا ينبغي أن يُحبطكم ويقضي على عزيمتكم مقتلي ومقتل أخي وأبناء أعمامي، لأنه ومن أجل أن تصلوا إلى آمالكم وأهدافكم، يجب أن يقدِّم الكثير من أمثالنا التضحيات من أجلها.. وأنا على يقين بأن هناك الكثير من الآخرين الذين سوف يُقضى عليهم بالحيل والنفاق.
 
أنا على قناعة بأن هنالك الكثير من الذين هم اعلم وأقدر منا، سوف يقعون في شرك وخداع ومؤامرات الأعاجم.. لكنني آمل أن يكون مقتلنا درسا وعبرة للمخلصين من أبناء الشعب الكوردي.
 
لدى نصيحة أخرى وهي :
 
إن ترجو من الله سبحانه وتعالى أن يكون نصيركم ومعينكم في نضالكم من أجل هذا الشعب.. حينئذ أكون على ثقة بأنه سوف يمدكم من عونه.
 
قد تسألونني لماذا لم أنتصر وأفز ؟! وعند الجواب أقول لكم: والله لقد انتصرت وفزت.. أي نعمة وأي نصر وفوز اكبر من أن أفدي برأسي ومالي وروحي في سبيل شعبي ؟!
 
تأكدوا بأن مطلبي في الحياة كان أن أموت موتة تجعلني وأنا أواجه الله والرسول وشعبي وقومي، مرفوع الرأس.. إن هذه الموتة هي نصر لي.
 
أحبائي !
 
كوردستان هي بيت الجميع.. كما أن كل فرد في البيت يقوم بعمل محدد فيه ولا يحتاج الأمر أن يتدخل الآخر في شأنه، وكذلك الأمر مع كوردستان، فإن مثلها كمثل البيت.. عندما تعرفون بأن عضوا في هذا البيت بإمكانه القيام بعمل ما، دعوه ليعمل، وليس هناك داع ومسوغ لوضع العوائق أمامه أو تكتئبوا وتأخذكم الغيرة لكون أحدكم تحَمَّل المسؤولية الكبرى.. لأنه حينما يتحمل شخص ما عملا عظيما ويديره، يعني هذا أنه عالم به ويحمل على عاتقه مسؤولية عظمى أمام هذا الواجب.
 
تأكد بأن الكوردي أفضل لك.. والعدو يحمل البغض والكراهية في قلبه.. ولو لم أكن أتحمل مسؤولية كبيرة على عاتقي، لما كنت الآن واقفا تحت حبل المشنقة.. لذا يجب أن لا يستبد بكم الطمع تجاه بعضكم.
 
الذين لم ينفذوا أوامرنا، لم يقتصروا فقط على عدم التنفيذ والطاعة فحسب، إنما عادونا أيضا.. وبما أننا اعتبرنا أنفسنا خداما لشعبنا، فهم الآن في بيوتهم وبين أولادهم، ينامون وهم مرتاحوا البال.. لكننا بسبب كوننا خداما لشعبنا، ها نحن الآن واقفون تحت حبل المشنقة، وأنا بصدد إنهاء آخر لحظات حياتي بهذه الوصية.. ولو لم أكن أتحمل المسؤولية الكبرى، كنت أغط الآن في نوم عميق.
 
وهذه النصيحة التي أقدمها لكم، هي أيضا من إحدى المهام التي على عاتقي.. وأنا على يقين بأنه لو كان هناك شخص آخر تحَمّل مسؤولياتي، لأصبح هو الآن في مكاني تحت حبل المشنقة.
 
وأنا الآن ومن أجل أن أرضي الله وطبقا للمسؤولية التي على عاتقي، وككوردي خادم للشعب ومن اجل العمل الطيب ( الأمر بالمعروف ) قدمت لكم بعض النصائح.. أرجو أن تأخذوا منها لاحقا العبر وان تنصتوا إليها تماما، على أمل أن ينصركم الله تعالى على أعداءكم:
 
1ـ أن تعتقدوا بالله و ( بما جاء من عند الله ) وتعبدوه، وتؤمنوا برسوله ( صلى الله عليه وسلم ) ويكون أداؤكم للفرائض الدينية قويا ومتينا.
 
2ـ أحفظوا وحدتكم واتفاقكم في صفوفكم.. لا تقترفوا الأعمال المشينة تجاه بعضكم، ولا تكونوا طماعين ولاسيما عند تسلم المسؤولية.
 
3ـ اجتهدوا في رفع مستوى الدراسة والعلم ودرجة تحصيلكم، حتى لا تنخدعوا بالعدو كثيرا.
 
4ـ لا تثقوا بالأعداء، لاسيما العجم، لأنهم يعادونكم بأشكال مختلفة، فهم أعداء شعبكم ووطنكم ودينكم. والتأريخ أثبت بأنهم يبحثون عن كل ذريعة للإيقاع بكم، ويقتلوكم لأدنى سبب ولا يتورعون عن القضاء على الكورد بتاتا.
 
5ـ لا تبيعوا أنفسكم للعدو طمعا في بقاء زائل في هذه الدنيا الدنية، لان العدو هو نفس العدو ولا يمكن الاعتماد عليه.
 
6ـ لا يخن بعضكم بعضا، لا في السياسة ولا في الأرواح ولا في الأموال ولا في الأعراض.. لأن الخائن ذليل ومجرم عند الله والناس، والمكر السيئ يحيق بصاحبه في الأخير.
 
7ـ لو أن أحدا منكم تمكن من أداء أعمالكم، فتعاونوا معه، ولا يجعلنكم الاستئثار والطمع أن تقفوا ضده أو لاسامح الله أن تتجسسوا عليه لصالح العدو.
 
8ـ المذكور في وصيتي هذه، هو من أجل صرفه على المساجد والمستشفيات والمدارس.. عليكم أن تطالبوه جميعا وتستفيدوا منه.
 
9ـ لا تتوقفوا عن النضال والدأب والجهاد، حتى تتحرروا كباقي الشعوب من نير الأعداء.. لا قيمة لمال الدنيا.. لو أصبح لكم وطن وامتلكتم الحرية وأصبحت أموالكم وأرضكم ووطنكم لكم، عند ذاك يمكن أن يقال بأنكم حقا أصحاب أموال وثروة، وكذلك أصحاب دولة وعزة.
 
10 ـ ما أظن أن لأحد علي حق، سوى حق الله.. ولكن لو أن أحدا يعتقد أن له عليّ حق، فإنني تركت ثروة كبيرة، فليذهب إلى الورثة ويأخذه منهم.
 
ما دمتم غير متوحدين، فإنكم لن تنتصروا.. لا يظلم بعضكم بعضا، لأن الله يقضي على الظالم بأسرع وقت ويخزيه.. وهذا وعد الله من دون زيادة أو نقصان.. الظالم سوف يسقط ويخزى، والله ينتقم من ظلمه.
 
آمل أن تأخذوا بنصيحتي، وأن ينصركم الله على الأعداء، وأقول كما قال الشيخ سعدي:
 
مراد ما نصيحت بود و كوفتيم
 
حوالت با خدا كرديم و رفتيم
 
يعني:
 
كان قصدنا مجرد نصيحة وقلنا
 
وسلّمنا الأمر لله وذهبنـــا
 
خادم الشعب والوطن

Picture

من المطالب الكردية في سورية عام 1930-1

Picture
من المطالب الكردية في سورية عام 1930-1
خالد عيسى
.21.10.09

1- إدارة خاصة للأقاليم المأهولة بالأكراد:
آ)- قبول الأكراد في الوظائف العامة، في الإدارة و العدالة و الجندرمة والشرطة وغيرها.
ب)- قبول اللغة الكردية كلغة رسمية في الدوائر العامة.
2- تأسيس مدرسة كردية في الحسجه لتأهيل المعلمين من مختلف أجزاء كردستان.
هكذا يمكن تلخيص مطالب النخبة الكردية في سورية في ربيع عام 1930.
ففي عريضة موقعة من قبل 19 وجيه كردي من مختلف الأقاليم الكردية الخاضعة للانتداب الفرنسي، و مسجلة في ديوان المفوض السامي الفرنسي في الخامس عشر من شهر نيسان 1930، تحت رقم6501، طالبت النخبة الكردية معاملة الشعب الكردي معاملة مماثلة لبقية المكونات السكانية الخاضعة للانتداب الفرنسي.
فالإدارة الفرنسية كانت قد شكلت للدروز دولة و للعلويين دولة و للحلبيين دولة و للشاميين دولة و لسكان أنطاكية و اسكندرون حكماً ذاتياً. و في عام 1930 ، كانت النخبة العروبية السنية، بعد أن حصلت على السيطرة على مقادير دولة سورية التي كانت قد ولدت من دمج دولتي حلب و دمشق، تسعى لمد سيطرتها على دولتي العلويين و الدروز. و كانت تسعى هذه النخبة إلى شد قبضتها على الأقاليم الكردية بالاعتماد على الرابطة الدينية، وبالاستناد على ما يسمى في العلوم السياسية بالزبائنية في تبادل المصلحة بين المركز و الأتباع في الأطراف، و كانت ترفض قبول الكوادر الكردية في الإدارة، و ترفض أي اعتراف بالخصوصية القومية للشعب الكردي.
و تدل هذه الوثيقة على أن النخبة الكردية قد بدأت بالشعور بالغبن الكبير الذي يلحق بالشعب الكردي بالمقارنة مع بقية الأقوام و الطوائف. و أن هذا الشعور هو متماثل و ممتد غرباً من حارم و جبل الأكراد إلى دجلة شرقاً.
و تدل هذه الوثيقة أيضاً بأن الأقاليم الكردية الخاضعة للانتداب الفرنسي قد تكونت منذ ذلك التاريخ، على أقل تقدير، على شكل وحدة جغرافية و سياسية ذات خصوصيات قومية متميزة عن باقي المكونات السكانية الخاضعة لذلك الانتداب.
و من المفيد التذكير بأن آخر إقليم كردي تم ضمه إلى حدود الدولة السورية هو الإقليم الممتد بين نهري جقجق غرباً و دجلة شرقاً، و كان ذلك بموجب الاتفاقية الفرنسية -التركية لعام 1929 وتطبيقاتها و ترتيباتها الميدانية التي استمرت حتى 1933.
بينما كانت السيطرة العسكرية الفرنسية، بعد الاحتلال الانكليزي، قد تمت على جبل الأكراد و حارم منذ بداية 1920 و رسمياً بموجب الاتفاقية التركية-الفرنسية لعام 1921. في حين لم تقم في الإقليم الواقع بين الفرات و جقجق إدارات مستقرة إلا بعد اتفاقية الصداقة وحسن الجوار الموقعة بين تركية و الفرنسيين في 1926.
كما أن الموقعين على العريضة المذكورة قد طالبوا بتأسيس مدرسة لتأهيل المعلمين باللغة الكردية، يكون مركزها الحسجة، لكي تتمكن من استقطاب التلاميذ الكرد من الأقاليم الكردية الخاضعة للانتداب، و لتكون مؤسسة تعليمية رائدة تمكن من تأهيل التلاميذ القادمين من بقية أجزاء كردستان. و تم إرفاق العريضة بلائحة إيضاحية تبين مبررات تأسيس تلك المدرسة و المستلزمات الفنية و المالية لانجازها.
في هذه الحلقة ننشر ترجمة الجزء الأول من العريضة المذكورة مع أسماء الموقعين عليها.
*****
إلى سيادة المفوض السامي للجمهورية الفرنسية في سورية و لبنان
صاحب السيادة
نحن الموقعون أدناه، من أصل كردي، رعايا الأقاليم الخاضعة للانتداب الفرنسي، نتشرف بأن نعرض على سيادتكم ما يلي:
هذه البلاد الخاضعة للانتداب، التي عانت منذ قرون من إهمال و ظلم الإدارة التركية، تستفيد منذ حوالي عشرة سنوات من سعادة العيش في عهد من الرفاهة و التقدم، بفضل الانتداب الفرنسي.
تمكنت فرنسه من تحقيق هذه النتيجة السعيدة فقط بفضل حكمتها التي منحت بموجبها إدارات خاصة إلى المجتمعات السياسية من أكبرها وحتى أصغر أقلية اجتماعية أو دينية، إدارات ملائمة مع أوساطها و أعرافها و مفاهيمها.
من بين هذه المجتمعات الخاضعة للانتداب الفرنسي، كان العرق الكردي حتى الآن الوحيد الذي لم يستفد بشكل تام من هذا العمل الحضاري. مع أنه يستحق إدارة خاصة بشكل تام، فالعرق الكردي، هو من أصل آري، و هو مختلف بتاريخه و أعرافه، و عرقه و لغته، عن جميع المجتمعات القاطنة للأقاليم الخاضعة للانتداب.
بموجب هذه العريضة، نطالب سيادتكم منح الأقاليم المأهولة بالأكراد إدارة خاصة، سواء كثيراً أم قليلاً.
و من أجل ذلك، نسمح لأنفسنا بأن نعرض أمام عطافتكم المبادئ التي يمكنها تسهيل المهمة المذكورة:
آ)- قبول الأكراد في الوظائف العامة، في الإدارة و العدالة، و الجندرمة و الشرطة و غيرها.
ب)- قبول اللغة الكردية في الوظائف العامة.
****
أسماء الموقعين الصفة و المهنة
1- كاموران بدرخان محامي
2- جلادت بدرخان محامي
3- ثريا بدرخان مهندس زراعي
4- ممدوح سليم وجيه كردي - صحفي
5- مصطفى شاهين رئيس عشيرة برازان- ملاك
6- حمو مسلم رئيس عشيرة بيجان - ملاك
7- بوزان شاهين رئيس عشيرة برازي - ملاك
8- نجيب برمده وجيه كردي - نائب حارم
9- رشيد شيخ إسماعيل زاده نائب كرداغ
10- صالح رئيس عشيرة دناي - ملاك
11- قدري فؤاد جميل باشا وجيه كردي –مهندس زراعي
12- أحمد مليك رئيس عشيرة زرواري - ملاك
13- محمد فريد جميل باشا وجيه كردي – مهندس زراعي
14- أكرم قاسم جميل باشا وجيه كردي - ملاك
15- سعيد رئيس قبيلة عزيزان – عشيرة كيكي(1)
16- إبراهيم رئيس عشيرة مللان – نائب قامشلي و حسجه
17- حاجو رئيس عشيرة هفيركان - ملاك
18- حاج سليمان عباس رئيس عشيرة دوركان - ملاك
19- عبدى مرعي رئيس عشيرة آليان
--------------
(1)- ملاحظة من المترجم : ورد في الملحق المكتوب بالفرنسية عشيرة كيتكان، و الأصح هو كيكان، و في النص الأصلي يرد (كيكي)
****


::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::

متغي

Picture
تجاوز الاهتمام بالسياسة الخارجية السورية نطاق التقارير والتحليلات الإخبارية الجارية باتجاه البحوث والدراسات السياسية والاستراتيجية وفي هذا الخصوص أعد البروفيسور رايموند هينيبوش الأستاذ في مدرسة العلاقات الدولية
ومدير مركز الدراسات السورية ورقة بحثية تطرقت إلى تحليل ودراسة السياسة الخارجية السورية المعاصرة: فماذا تقول الورقة؟
* الملخص التنفيذي:
تميزت السياسة الخارجية السورية الراهنة بعملية تحول كبيرة أسفرت عن الآتي:
• اعتماد المزيد من التوجهات الجديدة وتوسيع النطاق.
• التأكيد على برنامج الوسط في عملية الإصلاح الاقتصادي.
• التمسك باسترداد الحقوق السورية من إسرائيل إضافة إلى التمسك برفض الاحتلال الأمريكي للعراق.
• السعي لتحقيق الانفتاح على الاقتصاد العالمي برغم سيطرة واشنطن على النظام الاقتصادي العالمي.
التدقيق في طبيعة وتوجهات السياسة الخارجية السورية الراهنة يتطلب فحص ومعايرة تأثير العديد من المتغيرات أبرزها: الإرث السياسي، المحددات المتعلقة بالتحولات السياسية والاقتصادية، عملية الإصلاح، سياسة سوريا إزاء إسرائيل، سياسة سوريا إزاء الولايات المتحدة الأمريكية، دور سوريا الشرق أوسطي.
* متغيرات السياسة الخارجية السورية:
يوجد إرث سوري في مجال السياسة الخارجية بسبب التفاعلات الإقليمية والدولية الكبيرة المتعلقة بقضايا الشرق الأوسط، وسيظل هذا الإرث ومعطيات خبرته يلعبان دوراً هاماً في التأثير على توجهات السياسة الخارجية السورية:
• تداعيات المرحلة الاستعمارية التي انتهت بتقسيم سوريا التاريخية إلى عدة دول ثم إقامة دولة إسرائيل في جزء منها.
• تداعيات وتراكمات الشعور القومي بالهوية العربية.
• الجهود السورية المستمرة على مدى أربعين عاماً في استرداد مرتفعات الجولان.
• الإحساس المتزايد لجهة انعدام الأمن والاستقرار في المنطقة وعلى وجه الخصوص إزاء التهديدات القادمة من دول الجوار السوري.
• الأوضاع غير المستقرة للميزان العسكري الإقليمي الشرق أوسطي.
• الطبعة المتغيرة للتهديدات والمخاطر الأمنية الماثلة في الشرق الأوسط.
• الاهتمام بالبحث المستمر عن الحلفاء والتكيف المستمر مع تغير التحالفات والارتباطات.
ينطوي إرث السياسة الخارجية السورية عل كل هذه العناصر والمكونات وذلك بما أدى إلى دفع السياسة الخارجية السورية إلى تبني موقف يتضمن في جانبه الأول تفضيل الحوار والتفاهم على المواجهة وفي الوقت نفسه التحوط والاستعداد لاحتمالات المواجهة.
* ثانياً: المحددات الاقتصادية – السياسية:
تعرض الاقتصاد السوري للعديد من مخاطر الانكشاف خلال الحقب الماضية ومن أبرزها:
• فجوة انقطاع الدعم العربي.
• ضغوط أزمات الاقتصاد العالمي.
• ضغوط عملية التحول الاقتصادي الداخلي.
• ضغوط البيئة الاقتصادية العالمية غير المواتية بسبب سعي القوى العالمية للضغط على سوريا.
إزاء هذه المخاطر إضافة لعدم استقرار شركاء سوريا التجاريين كالسعودية والاتحاد الأوروبي، فإن سوريا ما زالت تمارس تحفظاً لجهة تفضيل التأكيد على سياسة اقتصادية وسطية توازن بين الموارد الاقتصادية الداخلية والموارد الاقتصادية الخارجية.
* ثالثاً: القيادة السياسية الحالية:
صعود القيادة السورية الجديدة لم يترتب عليه حدوث أي خلافات أو صراعات ضارة بصيغة الاستقرار الذي كان موجوداًَ ومن أبرز أسباب ذلك هو قيام هذه القيادة الجديدة بالتوجه القوي نحو اعتماد عملية الإصلاح الاقتصادي كأساس لخطابها السياسي وبالتالي لم تحدث أي خلافات أو صراعات سياسية على غرار ما ظل يحدث في بلدان العالم الأخرى التي تشهد صعود القيادات الجديدة.
سعت القيادة الجديدة إلى الجمع بين الإبقاء على النظام وفي الوقت نفسه تحديثه عن طريق اعتماد أسلوب معين لجهة ترتيب الأولويات بما أتاح للقيادة الجديدة إنجاز بناء النخبة السياسية وتجديد أسلوب العمل.
* رابعاً: السياسة الخارجية السورية الجديدة:
بدأت تحولات السياسة السورية لجهة وزنها ومكانتها تأخذ شكلاً ومضموناً جديداً يمكن الإشارة إليه على النحو الآتي:
• السعي من أجل تعزيز أفق الحل السياسي في المنطقة.
• التكيف مع تحول طبيعة النظام الدولي ومستجداته التي طرأت خلال مرحلة ما بعد الحرب الباردة.
• الانفتاح والحراك الدبلوماسي الخارجي المستمر والمتجدد.
• التخلي المتزايد عن نموذج المجتمع المغلق الذي تتميز به دول الشرق الأوسط خلال حقبة الحرب الباردة.
• الانفتاح إزاء البنية السياسية الخارجية لم يترتب عليه حدوث انكشاف في البيئة السياسية الداخلية.
• التغلب على الانكشاف الاستراتيجي الذي حدث بسبب انهيار الاتحاد السوفيتي عن طريق بناء التحالفات والروابط مع القوى الإقليمية كتركيا وإيران.
السياسة الخارجية السورية الجديدة ركزت على التجاوب مع الموقف الدولي غير المواتي عن طريق بناء التحالفات المزدوجة ضمن مستويين:
• على المستوى الإقليمي: تعزيز الروابط مع الدول والمنظمات الإقليمية ذات التوجهات المنسجمة مع توجهات دمشق.
• على المستوى الدولي: تعزيز الانفتاح الإيجابي عن طريق تبني واعتماد سياسة خارجية تتمسك بالحقوق وفي الوقت نفسه تتبنى الانفتاح والتعامل الإيجابي.
أسلوب بناء التحالفات المزدوجة أتاح لسوريا ليس الاحتفاظ بروابطها القوية مع إيران فحسب، وإنما كذلك تعزيز الروابط مع طرفين هامين آخرين هما تركيا والاتحاد الأوروبي ومن أبرز المؤشرات الدالة على ذلك نجد الآتي:
• التطورات الإيجابية الجارية في العلاقات السورية – التركية.
• التطورات الإيجابية الجارية إزاء التقدم في ملف الشراكة المتوسطة وملف علاقات سوريا مع الاتحاد الأوروبي.
أتاحت استراتيجية بناء التحالفات المزدوجة استفادة السياسة الخارجية من مزايا المرونة وعلى وجه الخصوص مع الدول والبلدان العربية التي لها خلافات مع دمشق بحيث كلما تصاعدت الخلافات كلما أعقبتها فترات التهدئة والتخفيف ومن الأمثلة على ذلك التطورات الإيجابية في ملف العلاقات السورية – السعودية والسورية – الأردنية.
* خامساً: السياسة السورية إزاء إسرائيل:
اتبعت السياسة الخارجية السورية مساراً خاصاً إزاء إسرائيل لجهة تفعيل مسار مفاوضات السلام وتمثلت أولى العقبات في صعود حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي إرييل شارون الذي لجأ إلى رفض "وديعة رابين" إضافة للقيام بقمع الانتفاضة الفلسطينية الأمر الذي أدى لخلق بيئة غير مواتية للسلام.
برغم دخول الطرف الفلسطيني في عملية أوسلو فإن سوريا لم تتخل عن دعم وتعزيز الحقوق الفلسطينية واعتبارها جزءاً من مكونات الحل الشامل والسلام الدائم في المنطقة إضافة لذلك فقد ظلت سوريا تنظر إلى حركات المقاومة باعتبارها ظاهرة مشروعة ويتمثل ذلك من خلال توجهات السياسة الخارجية الإيجابية تجاه حركات المقاومة في كل من فلسطين ولبنان.
سعت إسرائيل إلى استهداف سوريا عسكرياً لإفهامها أن توجهاتها الداعمة لحركات المقاومة ستكلفها الكثير من الخسائر، لكن برغم ذلك فالسياسة الخارجية السورية لم تتخل عن توجهاتها لا بفعل التهديد الإسرائيلي ولا بفعل الضغوط الأمريكية.
* سادساً: رفض الهيمنة الأمريكية:
واجهت العلاقات السورية – الأمريكية الكثير من التوترات وذلك لعدة أسباب يمكن إدماجها ضمن سببين:
• تبني سوريا لسياسة داخلية تؤكد الإصلاح والتحول باتجاه اقتصاد السوق وهو تبني سعت واشنطن لاستخدامه كمؤشر على إمكانية إدماج سوريا ضمن مشروع الهيمنة الأمريكية أسوة ببلدان أوروبا الشرقية كبلغاريا ورومانيا وغيرها.
• تبني سوريا لسياسة خارجية تؤكد التمسك بالحقوق المشروعة وهو ما سعت واشنطن لكسره عن طريق الضغوط والعزل الدبلوماسي بما يدفع سوريا إلى التراجع وتقديم التنازلات.
برزت ردود الفعل الأمريكية إزاء السياسة الخارجية السورية المناهضة للهيمنة الأمريكية خلال فترة صعود جماعة المحافظين الجدد التي استمرت طوال فترة ولايتي جورج بوش الابن الأولى والثانية وفي هذه الفترة:
• ظلت الإدارة الأمريكية تحت سيطرة عناصر اللوبي الإسرائيلي المرتبطة بحزب الليكود الإسرائيلي.
• ظل الكونغرس الأمريكي تحت سيطرة عناصر المسيحية الصهيونية والجمهوريين المتشددين المرتبطة بمنظمة الإيباك (لجنة الشؤون العامة الأمريكية - الإسرائيلية).
صدرت خلال هذه الفترة القوانين التي سرعان ما كانت إدارة بوش تصدر الأوامر التنفيذية المتعلقة بها وكان من أبرز نتائج هذه المرحلة استهداف العلاقات السورية – اللبنانية والعلاقات السورية – السعودية إضافة لقيام بعض صقور الإدارة الأمريكية بمحاولة التسويق للافتراض القائل بوجود برنامج نووي سوري.
* سابعاً: السياسة السورية إزاء لبنان:
ظلت السياسة السورية إزاء لبنان خلال الأعوام الخمسة الماضية مدار جدل كبير بين دمشق من جهة وأمريكا وبلدان الاتحاد الأوروبي والسعودية من الجهة الأخرى، وتمثل الخلاف بين الطرفين حول الآتي:
• منظور السياسة الخارجية السورية يرى لبنان باعتباره امتداداً حيوياً ليس للسياسة السورية وإنما للمجتمع السوري بمختلف مكوناته.
• منظور السياسة الخارجية الإسرائيلية يرى لبنان باعتباره فرصة قابلة للاستغلال وتهديد سوريا وهو المنظور الذي اعتمدته أمريكا وسارت من ورائها فيه بلدان الاتحاد الأوروبي والسعودية ومصر وبقية حلفاء أمريكا الشرق أوسطيين.
نجحت السياسة الخارجية السورية في تفادي تداعيات الأزمة اللبنانية فقد خرجت القوات السورية من لبنان ولكن عندما سعت إسرائيل لاستهداف لبنان عسكرياً في العام 2006 استطاع حلفاء سوريا اللبنانيين ليس إرغام القوات الإسرائيلية على الانسحاب وإنما ردع إسرائيل من مغبة القيام بالمحاولة مرة أخرى.
* سابعاً: السياسة الخارجية السورية وتداعيات احتلال العراق:
اعتمدت السياسة الخارجية والداخلية السورية خلال فترة ما بعد احتلال العراق استراتيجية أتاحت تحقيق الآتي:
• المضي قدماً في الإصلاح الداخلي.
• إفساح المجال أمام الشفافية والاستماع للرأي الآخر.
أحبطت هذه التوجهات محاولات المعارضة السورية الخارجية وخاصة جماعة الإخوان المسلمون الرامية لإعادة بناء قوامها التنظيمي الداخلي إضافة لذلك لم تسع سوريا لمساندة الاحتلال العسكري للعراق وإن كان النظام العراقي السابق خصماً لدوداً لسوريا.
إفساح المجال أمام الشفافية والاستماع للرأي الآخر لم يكن مطلقاً فقد حددت دمشق الخطوط الآتية باعتبارها خطوطاً حمراء ممنوع تجاوزها وهي:
• عدم المساس بالوحدة الوطنية.
• عدم التعامل مع القوى الأجنبية.
إفساح المجال أمام الشفافية في ظل هذه الخطوط الحمراء أخذ شكل يمكن أن تطلق عليه اسم صفقة "العقد الاجتماعي" الذي يتضمن تحديداً واضحاً للحقوق من جهة والواجبات من الجهة الأخرى.
عموماً، يختم البروفيسور رايموند ورقته البحثية قائلاً بأن السياسة الخارجية السورية ستظل أكثر تمسكاً لجهة التأكيد على موقفها الذي يجمع بين عامل التمسك بتحالفاتها وروابطها الإقليمية وعامل انفتاحها للحوار والتعامل مع الغرب ولما كانت الموازنة بين هذين العاملين نجحت في الحفاظ على توازن الدبلوماسية السورية – الأوروبية والسورية – الشرق أوسطية فإن دبلوماسية فرنسا التي ابتعدت عن سوريا مرة وعادت إليها مرة أخرى يمكن تعميمها على دبلوماسية الدول الغربية الأخرى التي سيتواتر ابتعادها ورجوعها وعلى الأغلب أن لا تتغير التوازنات الدبلوماسية إ إذا تغيرت توازنات المصالح الأخرى في المنطقة!


الجمل: قسم الدراسات والترجمة
;;;;;;;;;;;;;;;;;;;;;;;;;;;;;;;;;;;;;;;;;;;;;;;;;;;;;;;;;;;;;;;;;;;;;;;;;;;;;;;;;;;;;;;;;;;;;;;;;;;;;;;;;;;;;;;;;;;;;;;;;;;;;;;;;;;;;;;;;;;;;;;;;;;;;;;


Picture

جان دوست : كردستان في الخرائط القديمة

جان دوست : كردستان في الخرائط القديمة


دأب الشوفينيون العرب و الأتراك على إنكار كردستان وطناَ و إسماَ تاريخياَ و ادعوا أن وطنا باسم كردستان لم يظهر إلا في الفترة الأخيرة بالرغم من وجود عشرات الأدلة التاريخية على ذلك. و بغض النظر عن ورود اسم كردستان لدى الشاعر العظيم ملاي جزري في بداية القرن السابع عشر  و ورود هذا الاسم في المصادر التاريخية القديمة التي كتبها غير الأكراد مثل كتاب جامع التواريخ لرشيد الدين  فضل الله الهمداني عام 1310 ميلادي تبعه المؤرخ حمد الله مستوفي قزويني عام 1339 في كتابه المشهور نزهة القلوب, فإن ما يهمنا في هذا البحث الصغير هو ورود اسم وطن الأكراد في الخرائط الجغرافية القديمة.
بدأت الخرائط في الظهور منذ القديم في بلاد ما بين النهرين و لدى قدماء المصريين و الإغريق و الصينيين  و بانتشار الإسلام ظهرت الخرائط العربية الإسلامية سداَ لحاجة الغزاة العرب لمعرفة الأراضي التي ينبغي عليهم فتحها أو غزوها و احتلالها و كذلك معرفة حدود بلادهم الجديدة. و كان الإدريسي( 1100-1166) أول من رسم الخرائط  و لحقه معظم الجغرافيين او من يسمون بالبلدانيين . و كانت بلاد الأكراد تسمى في مصادر هؤلاء  إقليم الجبال أو الجبل لغلبة الطبيعة الجبلية القاسية على أرض كردستان.
و من الخرائطيين القدماء الذي أشاروا إلى أرض كردستان مؤرخ و جغرافي و لغوي شهير هو محمود الكاشغري (1008-1102) الذي ألف كتاب ديوان لغات الترك و نشر فيه خريطة اشار فيها إلى كردستان باسم أرض الأكراد و جعل حدودها أرض العراقين و أرض خراسان و آذربيجان و الشام و مصر(أنظر الخريطة المرفقة). و لا شك أن عبارة أرض الأكراد هي ترجمة حرفية لكلمة كردستان, إذ أن لفظة ستان أو أستان تعني في اللغة الفارسية بلاد أو أرض.
جدير بالذكر ان الكاشغري مؤلف تركي القومية و لكن العنصرية لم تكن قد تحكمت في العقول كما هو الحال الآن و إلا فربما كان من الممكن أن يتجاهل هذا المؤلف القدير الإشارة إلى حقيقة وجود أرض تسمى أرض الأكراد. و لكن بما أنه لم ينهل من ينابيع الأتاتوركية العكرة و لم يتلق الشوفينية على يد منظري تركيا الفتاة و لا الاتحاد و الترقي فإنه كتب بضمير الباحث العلمي الذي يضع الحقيقة التاريخية و الواقع في مقدمة أولوياته.
لكن اسم كردستان بلفظ كردستان لم يظهر على حد معرفتي في أي من الخرائط التي رسمها البلدانيون العرب و المسلمون مثل الإدريسي و المقدسي و ابن حوقل و غيرهم إنما كان الرحالة الأوروبيون السباقين في هذا المضمار  فأشاروا  إلى بلاد الكرد بالاسم المتداول حالياَ و هو كردستان.
في خريطة رسمها الرحالة و التاجر و المستكشف الهولندي  جان هوجين فان ليشوتين عام 1596  تظهر منطقة مكتوب عليها   Curdi  أسفل منطقة أرمينيا إلى الغرب من بحيرة وان أعتقد أنه يقصد منها أرض الكرد.  و هذه من أقدم الخرائط التي يظهر فيها هذا الاسم. و قد دأبت كثير من الخرائط السابقة عليه و حتى بعض اللاحقة له بتسمية أرض الكرد  الواقعة بين نهري دجلة و الفرات بالتسمية التاريخية المعروفة و أقصد ميزوبوتاميا و هي تعني  بلاد ما بين النهرين.

و لعل هذه أول إشارة ظهرت في خرائط الأوروبييين الذين اهتموا بالمنطقة و حاولوا رسم حدودها و مناطق توزع الأقوام فيها. و يمكننا القول أن اسم الكرد ظهر في الخرائط الاوروبية منذ أكثر من أربعة قرون  و سنبقى عند هذه المعلومة إلى أن نكتشف المزيد في الخرائط القديمة و التي أصبحت أثرية. أما اسم كردستان كوطن كردي أو منطقة يسكنها الأكراد فيعود إلى العام 1680 أي إلى ما قبل ثلاثمئة و ثلاثين عاماَ من الآن عندما نشر الهولندي فريدريك دو فيت (1630-1706) خريطته التي رسم فيها بلاد العثمانيين و إيران و أرمينيا و جورجيا و غيرها من بلدان الشرق الأوسط.
في خريطة دو فيت هذه تظهر كردستان بالرسم اللاتيني على الشكل التالي: Churdistan و هو إملاء غريب نوعاَ ما لم يتم تداوله كثيرا إذ شاع الاسم Kurdistan  أو Kurdestan و حتى Curdistanفي الخرائط التالية لخريطة دوفيت كما عند رسام الخرائط الانكليزي الشهير  عمانوئل بوين (1714-1767) .
كان هذا الخرائطي رسام خرائط رسمياَ عند الملك الانكليزي جورج الثاني و كذلك الملك الفرنسي لويس الرابع عشر و بالرغم من قدراته الكبيرة و مجهوداته الواسعة في سبيل تأمين خرائط لهذين الملكين مما يساعدهما على فتح بلدان جديدة و احتلالها فقد مات فقيراً  و ورث عنه ابنه توماس الفقر و حب الخرائط.
و ما يهمنا من أمر هذا العالم الجغرافي أنه رسم خريطة للبلاد العثمانية ضمنها كردستان أيضاَ  و اللافت للانتباه أن حدود كردستان في هذه الخريطة تختلف عن حدود كردستان عند  سلفه الهولندي دوفيت.
نرى في خريطة بوين المرسومة عام 1680 أن كردستان عبارة عن دائرة بيضوية الشكل تقريبا تحيط من كافة الجوانب ببحيرة أورمية  بينما في خريطة دوفيت كانت كردستان منزاحة إلى الغرب و عبارة عن منطقة شاسعة تتوزع بين الحدود الغربية لبحيرة أورمية و حتى حدود نهر دجلة الذي يفصلها عن ولاية ديار بكر و جنوبي بحيرة وان.
في العام 1711 رسم الفرنسي هنري شاتلين خريطة ضمنها كردستان بلفظ Curdistan حدودها تقريبا هي نفس الحدود لدى الانكليزي بوين.
أما في الخريطة التي رسمها  عالم الرياضيات و رسام الخرائط الفرنسي روبرت بون لبلاد فارس عام 1771 فتبدو ملامح كردستان أكثر وضوحا مما لدى سابقيه فهي تضم كركوك  و الموصل  و حتى حدود همدان شرقاَ.  و نجد لدى هذا العالم خريطة أخرى رسمها بعد ستة عشر عاما  و ظهرت هذه المرة حدود كردستان و قد وصلت إلى ملتقى نهري دجلة و الزاب الصغير.
إن اختلاف حدود كردستان جغرافياً يعود حسب وجهة نظري إلى المصادر المختلفة لهؤلاء الرحالة و الجغرافيين( الخرائطيين) و معلوماتهم المختلفة إضافة إلى الغموض الذي كان يكتنف هذا الاسم  و هل هو فقط المنطقة التي يوجد فيها الكرد؟ مثلا جميع رسامي الخرائط لم يضمنوا ديار بكر و مناطق من جنوبي كردستان ايران الحالية في حدود كردستان التي رسموها  و لكن بالتأكيد كانت تلك المناطق تضم قبائل من الشعب الكردي مستوطنة فيها منذ قديم الزمان.
بالإضافة إلى ذلك فإن الولايات التي رسم حدودها اولئك الاوروبيون لم تحمل الصبغة القومية فهم يكتبون مثلا  ولاية ديار بكر  أو الجزيرة أو أرضروم  دون ان يحددوا القوميات التي تسكن فيها.
أيضاً نستطيع القول أن معلومات اولئك الرحالة كانت مغلوطة و خاطئة أحيانا و تعتمد على التصور الجغرافي أو الخيال دون أن يكون الرحالة قد زار المنطقة بالفعل و عاين حدودها و القوميات التي تعيش فبها, بل وصل الأمر بأحد مصوري الخرائط أن رسم اليمن في وسط شبه الحزيرة العربية و على حدود ما يعرف حاليا بقطر و البحرين.
إن ما يهمنا في هذا المجال هو أن هذه الوثائق التاريخية تدحض بما لا يدع مجالا للشك  مزاعم العنصريين العرب و الأتراك بعدم وجود وطن قومي اسمه كردستان. و هذه الحقيقة التاريخية التي أستعرضها الآن جديرة بأن تصبح مادة للبحث العلمي الأكاديمي  و أتمنى من القائمين بأمر المعاهد و الجامعات الكردية خاصة في إقليم كردستان العراق أن يولوا هذه القضية الحساسة اهتمامهم الكبير  فهي رد علمي على مزاعم من ينكر حق الشعب الكردي في إقامة دولته المنشودة و لو بعد حين.

جان دوست- ألمانيا 2009
jandost@ hotmail.com

:::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::



  قراءة تحليلية مستَشَفة تحت أضواء الشمعة (52) لميلاد بارتي ديموقراطي كوردستان سوريا

                   
في بداية النصف الثاني من القرن الماضي وما تلاها من عقود زمنية تعرّض خلالها مسارنا السياسي الكوردي لمختلف المعوَّقات ، وبما أنّ الحزب الديمقراطي الكوردستاني في سوريا كان حديث الولادة ويمرّ بأطواره التأسيسية الأولى، فقد كان من المتوقع أن يكون مستهدَفاً ويتعرض لمزيد من المحاربة والمنع وتشتيت الشمل من قبل الحكومات السورية المتعاقبة ودوائرها الشوفينية التي تعاملت مع البارتي بعقلية أمنية وبروحية عدائية اعتبرت ولادته خطرا عليها، ما أدى إلى محاصرة هذا الحزب القومي الديمقراطي الحامل لراية الدفاع عن قضيته العادلة، وقد ترافق ذلك مع تعرّض شعبنا المرتبط بأرضه لسياسة شوفينية جوهرها تدابير استثنائية وعنوانها إنكار الحقيقة الكوردية كثاني أكبر مكوِّن قومي في سوريا، وما أدى أيضاً إلى حدوث متوالية من الانشقاقات المؤسفة التي حصلت على خلفيات موضوعية خارج الإرادة وأخرى ذاتية خاضعة للإرادة الكوردية التي باتت مستهدَفة وشبه عاجزة عن رفع الحيف عن كاهلها

أولاً: بعض العوامل الموضوعية لأزمة حركتنا الكوردية
عندما نطالب تكراراً بضرورة كفّ الجانب الكوردي عن تأجيج خلافاته البينية، وفي الوقت ذاته نؤكد بأنّ اهتمامنا الرئيسي ينبغي أن ينصب على كيفية التصدي للعوامل الخارجية المسبِّبة لأزمتنا التي نغوص وسطها جمعاً، نستند في ذلك على أنّ تناقضنا الرئيسي هو ضد الدوائر الغاصبة لقضيتنا أرضاً وشعباً، لأنّ جلّ ما نعانيه اليوم هو من صنيعة الآخرين، وبناء عليه نود إبراز بعضا من العوامل الموضوعية لأزمتنا والتي يمكن تلخيصها بما يلي
1ـ كافة الأنظمة التي تعاقبت على حكم سوريا في كل الأزمنة كانت الطرف الرئيسي الذي استخدم مختلف أجندته التي داهمت ديارنا وخططت لأزمة التشظي التي عانت وتعاني منها حركتنا الكوردية، حيث عمِلت السلطات السورية على حظر البارتي الأم ومنع نشاطه عبر إتباع شتى أساليب الترهيب والترغيب ودسّ مختلف الدسائس بين قياداته التي تفرق شملها بين اليمين واليسار والمعتدل والماركسي والراديكالي و...إلخ، ليس هذا فحسب بل واظبَتْ الأجهزة الأمنية على طول الخط في مسعى شراء بعض الذمم وزرعها كالأسافين في مسيرة الحراك الكوردي، تلك الأسافين عملت ولا زالت على شرذمة وتقسيم الصفوف
 2ـ غالبية القوى والحركات والأحزاب القومية العربية (الحاكمة والمعارضة كالبعث والناصري والإخوان المسلمين والقومي سوري...) لم تسلك سلوكاً ديمقراطيا منفتحاً على الكورد وإنما تمسَّكتْ بتفكيرها الأكثري وتمترسَتْ وراء شعاراتها العروبية التي حاربت ولا تزال تحارب الخطاب السياسي الكوردي وذلك في محاولة منها لاختزاله كي يتخلى بموجبه الجانب الكوردي عن كوردستانيته وخصوصيته القومية وتحويل قضيته المرتبطة بالشعب والأرض إلى مجرّد إشكالية مواطنية سورية ليس إلا
 3ـ الحزب الشيوعي السوري بغالبية أجنحته المنشقة على بعضها والمصطفة حالياً مع جبهة موالاة النظام، والتي كان لها نشاط واسعا في مناطقنا إبان تأسيس البارتي، لم تردَّ الجميل الكردي الذي احتضن الشيوعية في بداية نشوئها، وقد أساءت ولا تزال تسيئ لمسيرة حراكنا القومي الديموقراطي، فقد نظر الشيوعيون السوريون إلى البارتي نظرة عدائية واعتبروه منافسا صاعدا وقويا لا بل صاحب حق وريع وبديل عنه في المناطق الكوردية، ولذلك وقف الشيوعيون بالضد من حركتنا الكوردية ووصفوها بالقومجية والانعزالية و...إلخ، ما أدى إلى عزلهم في مناطقنا وبالمقابل دخول الجانب الكوردي في صراعات جانبية كان بغنى عن خوضها ضد الرموز الشيوعية
 4ـ المخططات والمؤامرات الإقليمية التي كانت تحيكها الدول الغاصبة لكوردستان ضد الشعب الكوردي، إذ كان للكورد في سوريا نصيب من الخسائر، خاصة وأن مناطق كوردستان سوريا تمتد على شريط حدودي يتجاوز طوله حوالي 500 كم على إمتداد الحدود السورية والتركية والعراقية، ما جعل المناطق الكوردية عرضة أو فريسة سهلة لألاعيب استخبارات تلك الأنظمة الغاصبة لأرضنا ولحقوق شعبنا، وما أدى إلى حدوث اختراقات أمنية كثيرة وضعت حدا لنضال حركتنا وعرقلت تحركات نشطائها
 5ـ القضايا الدولية الساخنة التي كانت تطفو على سطح الأحداث العالمية وخاصة في زمن الحرب الباردة والتي كانت تفرض توازنات سياسة دولية معينة أدت فيما أدت إلى تهميش ملفات كثيرة وبقائها عالقة في بلدان مشرقنا التي كانت منضوية تحت هيمنة هذا القطب العالمي أو ذاك، ويُعتبَر ملف كوردستان سوريا من الملفات السياسية التي بقيت مطوية ولم تجد لها أية فسحة للرواج على الصعيد الدولي حتى الحين، ولعلّ غياب القيادة السياسية الكوردية كلاعب دبلوماسي خارجي مردَّه هو خوفها من تهمة "التعامل مع الأجنبي" المسبقة الصنع والتي لا تزال تلازمنا وترهب معظم مسئولي أحزابنا الذين يبدو أنهم محتارون ولا تتعدى رؤاهم حدود التفكير والنشاط في الداخل السوري "القمقم" الذي بات سجناً جماعياً حسب رأي الجميع

ثانياً: بعض العوامل الذاتية لأزمة حركتنا الكوردية
رغم ثقل أعباء العوامل الخارجة التي أسعفتنا ذاكرتنا وتطرّقنا لها في هذه القراءة التي نجريها تحت أضواء الشمعة (52) لميلاد حزبنا (البارتي) الذي هو امتداد طبيعي لبارتي ديموقراطي كوردستان سوريا، إلا أنّ هنالك ثمة عوامل ذاتية كثيرة ساهمَتْ وأدت بهذا الشكل أو ذاك إلى إدخال الجانب السياسي الكوردي في دوامة الانقلاب على الذات والمضي في مسلكية الانشقاقات والاستسلام للأزمة التي يبدو أنها باتت مستعصية، ولعلّ أبرز تلك العوامل هي
 1ـ ضعف خبرة وثقافة الرعيل الأول المؤسس للبارتي مع احترامنا الشديد لدورهم التاريخي الذي نعتز به، إذ أنّ عدم تجانسهم الفكري والمجتمعي قد أديا إلى بروز الاختلافات البينية في وجهات النظر حول العديد من المسائل المصيرية، ما كان من شأنه خلق المزيد من الافتراقات التي أدت فيما أدت إلى الانشقاق الأول الذي تولدت عنه عمليات انشقاقية متلاحقة ومؤسفة ولم يكن لها أية مبررات أو خلفيات بناءة وإنما يمكن وصفها بالمزاجية، إذ كان يتم في أغلب الأحيان شخصَنة وتأزيم المسائل بدلاً من تشخيصها والبحث عن حلول لها، فتحولت كل تلك الخلافات الصغيرة إلى مسببات احتقان للحالة التي تأزمت رويدا رويدا حتى آلت بنا الأمور إلى ما نحن عليه من التشتت وضيق الأفق الحزبوي الذي أدى وقد يؤدي بنا للمزيد من البلاوي.
2ـ ردة الفعل الخاطئة التي وقعت فيها قيادات الجيل الثاني لحركتنا، فبعد أن تكثفت عليها ضغوط السلطة والسلطويين والشيوعيين والبعثيين والإخوان وغيرهم، لم يجدوا أمامهم سوى اللجوء بشكل مجاكراتي تنافسي صوب الاحتماء بالماركسية اللينينية التي كان نجمها يسطع ألقاً آنذاك، والتي لم يكن بوسعها إبان الحرب الباردة أن تخدم حالتنا القومية التي كانت بغنى تام عن الدخول في مثل هكذا صراعات طبقية كان يمكن الترفع عليها وتجاوزها واعتبارها خلافات جانبية لولا مواقف "اليسارية المصطنَعة بغالبيتها" لا بل الشطحات اليسارية التي حشرت أنفها وسط قياداتنا التي كانت منها بريئة رغم إدعائها بتبنيها أو الاهتداء بها، إذ أنّ تلك التوجهات اليسارية التي شاركنا في الترويج لها بهذا الشكل أو ذاك، قد أضرّت بنا بدلا من أن تنفعنا، فحالتنا القومية المقهورة كانت ولا زالت أحوج ما تكون إلى تداعي وتوافق كافة فئات شعبنا وعدم تفضيل أية شريحة مجتمعية على أخرى لتجنب الوقوع في فخاخ ومطبات الصراع الاجتماعي الذي وقعنا فيه ماضياً فألحق بنا أفدح الأضرار
 3ـ السلوك السلبي للفئات الكوردية الميسورة تجاه تنظيمات الحركة الكوردية بذريعة أنّ أحزابها ذات "ميول شيوعية" وتوجهات يسارية تفضل الصراع الطبقي على النضال القومي الذي يخدم مجموع الشعب الكوردي، إذ كان المطلوب من البرجوازية الكوردية رغم تعرضها لبعض من حملات التشهير على أيادي نشطاء حركتنا السياسية مع الأسف الشديد الذي يستدعي الاعتذار من كافة العشاثر والعائلات الوطنية الكوردية المخلصة لقضيتها، أن تحتضن هذه الحركة على علاتها بدلاً من أن تعاديها وتحاصر نشاطها
 4ـ هجرة العديد من الكوادر السياسية والثقافية الكوردية من صفوف حركتنا، بسبب نزوع أولئك المثقفون صوب خدمة مصالحهم الشخصية التي كانت تتضرر بسبب ثبوت انتمائهم إلى الأحزاب الكوردية، خاصة وأنّ السلطة كانت تستخدم معهم سياسة العصا والجزرة التي أنتجت حالات انتهازية لا حصر لها
5ـ انتهاج أحزاب حركتنا في هيكليتها التنظيمية لأنظمة داخلية غير ديمقراطية ومستنبطة من الهيكلية اللينينية لا بل الاستالينية الصلفة، ما أدى إلى نفور العديد من الكوادر ذوي التوجهات الديموقراطية من العمل الحزبي، لكونها كانت تتظاهر بأنها تستاء من النضال في ظل العقلية الفردية لبعض قيادات الأحزاب الكوردية، في حين أنّ الواجب القومي كان يفرض على الجميع أن يتحلوا بالصبر على الشدائد الذاتية بهدف الارتقاء بالحالة والخلاص من حالة القهر الآخري المفروضة علينا عبر الأزمان
6ـ صحيح أننا كنا ولا نزال مدينون لإخواننا في باقي أجزاء كوردستان، الذين كان لهم دورا إيجابيا في نشر الوعي القومي وسط شارعنا إلا أن الخنادق الكوردستانية المتخالفة هناك قد لعبت في بعض الأحيان أدوارا سلبية على وحدة حركتنا، فقد أدت انشقاقاتهم الداخلية في كثير من الأحيان إلى مثيلات لها وسط حركتنا السياسية في كوردستان سوريا، ما أدى إلى تقاسمها للنفوذ وسط شارعنا الذي كان يدير ظهره لقضيته المركزية جراء تخالف تلك الخنادق، ولعلّ أبرز الشواهد على ما نقوله هو الانشقاق الأول الذي حصل في أواسط الستينات من القرن الماضي، والذي أدى مباشرة إلى تحوّل البارتي إلى ثلاثة مجموعات هي: "يمينية" بقيادة حميد درويش، و"يسارية" بقيادة صلاح بدرالدين، و"حيادية" تمسكت بخط البارتي وناشدت لوحدة الحزب وآثرت على نفسها عدم الانجرار وراء الانشقاقيين وصبرَت حتى حضرَت كطرف إيجابي في المؤتمر التوحيدي الذي استضافه ورعاه الزعيم الكوردستاني الخالد مصطفى البارزاني في كوردستان العراق سنة 1970، لكنّ قيادتا اليسار واليمين أصرتا بعد المؤتمر مباشرة على المضي في انشقاقهما ولم تلتزما بقرارات القيادة المرحلية التي عاهدت على نفسها مواصلة مسيرة البارتي وفق وصايا البارزاني الخالد الذي يُعتبَر رمزا لتلاقي وتوحيد صفوف الكورد في كل مكان، حيث لم يكترث لا اليمينيون ولا اليساريون بقرارات ذلك المؤتمر التوحيدي الذي يمكن اعتباره نقطة تحول مضيئة في تاريخ البارتي، وقد دفعت قيادة البارتي ضريبة تمسّكها بنهج البارزاني فقد تم اعتقالها بالجملة حينذاك على مدى ثماني سنوات.
 7ـ الدور السلبي لرجالات الدين الإسلامي الذين نقدر مكانتهم ودورهم في إصلاح المجتمع والذين تحاملوا دون وجه حق ضد نضال ونفوذ أحزابنا السياسية عبر الإفتاء ضدهم ظلما وعدواناً بتهمة الإلحاد والكفر!؟، ما كان يؤدي في كثير من الأحيان إلى ابتعاد شرائح كثيرة من المتدينين البسطاء عن صفوف حركتنا العلمانية الديمقراطية التي لم تكن في أي يوم من الأيام ضد أي دين سماوي، وللعلم فإن برامج كافة الأحزاب الكوردية تحترم الأديان وتقرّ بحرية المعتقدات الدينية للإنسان الكوردي
 8ـ لقمة العيش التي ربطها النظام السوري بوجوب تراتل كافة المواطنين في صفوف الموالاة، جعلت نسبة كبيرة من مواطنينا الكورد تتهرّب من تنظيمات أحزابنا وتلتحق بشكل اضطراري ومصالحي بطوابير البعث المصفقة لانتهاكات أهل الحكم الذين غمسوا رغيف خبز الإنسان السوري بوجوب ركوعه لبيت الطاعة والتمسّح في عتبات الدوائر السلطوية التي تنفق ملايين الليرات لشراء ذمم مختلف السوريين وليس الذمم الكوردية فقط.
 9ـ الطبع العاطفي الذي كان طاغيا على الغالبية العظمى من مسئولي أحزابنا الذين لم يمارسوا السياسة كعلم وفن وتخطيط!؟، وإنما مارسوها من باب العاطفة القومية ومن قبيل إرضاء الذات والآخرين أو كأداء تنظيمي يومي حسب مبدأ جود بالموجود، ما أدى بالهرم الحزبي إلى الرضوخ لنمطية أوامرية أدت فيما بعد لتحويل أحزابنا إلى مجرد مجموعات تابعة لأسياد قد لا يكونوا أهلاً لتلك المناصب قياساً مع شحَّة مخزونهم الثقافي وضف عطاءاتهم السياسية ونقص مساحة نفوذهم الاجتماعي في المناطق الكوردية.
 10ـ الحياة الداخلية اللاديمقراطية لأحزابنا الكوردية، أدت إلى تضييق فسحة الحوار وعدم المقدرة على حل الخلافات الحزبية وإلى تعميق الأزمات الداخلية وإلى توتيرها بدلا من حلها، ما كان يؤدي في أكثر الأحيان إلى تفاقم الخلافات الصغيرة وتحويلها إلى إنشقاقات لامبرر لها، في حين لو أن قياداتنا امتلكت قدراً من الثقافة الديمقراطية لكانت وجدت الحل الشافي لكثير من مشاكلها دون اللجوء إلى مسائل الفك والتركيب البعيدة كل البعد عن أبسط مبادئ الإخلاص للقضية
كانت تلك بعضاً من المسببات التي أدت إلى الإنشقاقات العديدة المتتالية التي داهمت جسد حركتنا السياسية والتي أدت فيما أدت إلى إدخالنا وسط دوامة أزماتية قابعة فوق صدورنا دون أن نتمكن من التغلب عليها حتى الأن، ورغم أن معظم قياداتنا كانت تنساق في معظم الأزمنة صوب تقسيم وتقاسم نفوذ أحزابها فيما بينها، لكن كان هنالك على الدوام ثمة محاولات جادة لتحقيق التلاقي وتوحيد الصفوف...، حيث كانت ولا تزال هنالك كوادر قاعدية وقيادات مخلصة ترفع شعار: تغليب التناقض الرئيسي على مادونه من التناقضات بقصد خلق فرص أكثر للتلاقي وتوحيد الصفوف، وبناءً عليه استطاعت قوى الخير المتوزعة في تنظيمات هذا الحزب أو ذاك، تشكيل بعض التحالف والجبهات والوحدات التنظيمية، لكنها لم تنجح في هذا المسعى وفق الشكل المطلوب!؟

ثالثاً: البارتي واستحقاق تلاقي وتوحيد صفوف حركتنا الكوردية

في إطار مراكمة وتكثيف مختلف الجهود الخيّرة المبذولة من أجل تلاقي وتوحيد صفوف حركتنا الكوردية المحتاجة لإطار موحد بمقدوره أن يضع حداً لأزماتنا الناجمة عن الاصطفافات الاعتباطية، وفي سياق هذا المضمار التوحيدي وليس من قبيل المديح وإنما لتبيان جزء من الحقيقة، فإنّ حزبنا ـ الحزب الديمقراطي الكردي في سوريا (البارتي) ـ الذي يستمد قوته من تنظيماته المنتشرة في الداخل والخارج والذي ينال شرعيته من جموع جماهيره المؤيدة لخطه السياسي السائر على هدى نهج البارزاني الخالد الذي لطالما ضحى من أجل وحدة الصف الكوردي...، يبذل (أي البارتي) محاولات جادة في سبيل تقريب وجهات نظر أحزاب حركتنا الكوردية في سوريا، منطلقا في مسعاه البناء من ثوابته الوحدوية المتأصلة في سياسته الرامية للحدّ من ظاهرة الانقسام التي لا تزال تنخر في جسد هذه الحركة التي نعتبرها مكسباً لا بل إنجازاً تاريخياً تعرّض ولا يزال يتعرّض لمحاولات النيل منه
ورغم مختلف محاولات إصلاح ذات البَين التي كانت تجري هنا وهناك وبين الحين والآخر والتي لم تجلب لنا أية فائدة مرجوّة حتى الحين، علماً بأنّ مطلب لمّ شملنا ورصّ صفوفنا كان ولا يزال غاية جماعية ملحّة يؤكد عليها كل الكورد في كل زمان ومكان ومناسبة، ورغم سوء أحوال حركتنا وتباطؤ أدائها، وبما أنّ لكل مرحلة تمضي حسابات خاصة بها ومواقف معينة منها ومسارات محددة لها، فإنّ البارتي كان وسيَسير في هذه الدرب الوحدوية المشرّفة وسيتابع المسيرة ولن ييأس وسيبقى يتفاءل بالمستقبل ويتطلع نحو الأفضل ويستأنس خيراً في إجراء المصالحة حول طاولة كوردية مستديرة رغم الاختلافات القائمة بين فرقاءها الذين هم شركائه في العمل والمصير، ويعتبر بأنّ هذا التطلّع الوحدوي هو حق مشروع لا بل واجب مفروض علينا جميعاً دون أي استثناء، وهو في الوقت ذاته شكل نضالي راقي جداً من أشكال الحراك الديمقراطي الذي ينبغي الالتزام بأسسه وبأخلاقياته وضوابطه للتغلب على إشكالياتنا الذاتية الكثيرة التي بتنا نعاني من وطأتها جيلاً بعد جيل وهكذا دواليك، خاصة وأننا أضحينا على عتبة لا بل إننا دخلنا في متن راهن دولي وشرق أوسطي وكوردستاني وسوري من طراز جديد بكل معطياته وحيثياته التي توحي لمجرّد قراءته بشكل أولي، إلى أنه قد يؤدي بتداعياته المتشعبة إلى تحويلة سياسية نوعية، ينبغي التعامل معها وفق منطق جماعي، لكونها أي هذه التحويلة السورية الحساسة قد تجلب لاحقاً مختلف المستجدات والاحتمالات لنا ولغيرنا، وقد تنعكس بشكل إيجابي على قضية شعبنا التواق إلى الحرية والعيش بأمان واستقرار، هذا فيما إذا كنا أهلاً متضامنين مع بعضنا ومخلصين لقضيتنا ونمتلك الآهلية المطلوبة لمراجعة الذات واستثمار أيّ استحقاق مقبل.
وفي هذه الدرب الوحدوية الشائكة...أي في درب نبذ الواقع الانشقاقي وبهدف تقويم الحراك الكوردي العام وتنظيمه في إطار مؤسساتي ديمقراطي جامع، أكد البارتي مراراً ويؤكد تكراراً على ضرورة الالتزام بالتوجهات الوحدوية وتعزيز مفهوم التنافس الديموقراطي ضمن إطار الكل الكوردي المختلف، وعلى وجوب البحث عن السبل المعرفية الكفيلة بحل أزمة حركتنا والارتقاء بها إلى سويّة نضالية أرقى، وعلى لزوم الإقرار بحاجتنا الماسة إلى قيادة موحدة تقود نضالنا القومي الديموقراطي في البلد عبر تمثيل الكورد في مختلف المحافل السورية القائمة والمقبلة على التغيير على وجه السرعة.
واليوم وفي مناخات هذا الراهن السوري الذي يتطلب القيام بنضال نوعي يستمد زخمه من القيام بالأنشطة الميدانية، فإنني أرى بأنّ الواجب القومي والوطني يقتضيان منا جميعا ـ أياً كانت التزاماتنا وأينما كانت مواقعنا الحزبية والمجتمعية ـ تلبية الدعوة إلى تشكيل مجلس سياسي موحد بدون وجود أية اشتراطات مسبقة الصنع، إذ من المرتجى أن ينبثق عن مثل هكذا حضور مسؤول قرارات وخطط عمل آنية ومستقبلية كثيرة قد تنفع في تقويم مسار الكورد.
وفي هذا المجال فإنني أعتبر بأن الخيار الوحدوي للبارتي هو خيار سياسي رابح قد يخدم استحقاق المرجعية الكوردية، لأنه يُعتبَر في الوقت الراهن هدف أهلي عام وأفضل بلسم قد يشفي جراح جسد حركتنا المبتلية بالعديد من الأوبئة، وذلك في ضوء ما هو متوفر من الحلول والإمكانيات، على طريق إنقاذ بيتنا الكوردي من حالة اليأس التي يعاني منها والذي كان ولا يزال أسيراً لخلافات مجاكراتية عالقة أدت فيما أدت إلى التعدّدية الحزبية المفرَطة لا بل إلى حالة مرَضية مخيفة يمكن توصيفها بالتشظي المؤسف، علماً بأنّ هذا البيت يحتاج إلى المزيد من الألفة والتفاهم لتحصينه من الداخل وتفعيله سياسياَ والارتقاء به إلى سوية أدائية أكثر فعالية، عسانا نتمكن من معالجة آثار الشلل الذي أصاب نضال حركتنا.
وبهذا الصدد المصيري للغاية، وبما أن غالبية أحزابنا وخاصة الرئيسية المعنية منها بشأن الإتيان بهكذا محفل كوردي مسؤول، قد أصبحت تدرك إلى حدّ لا بأس به، حجم وماهية مخاطر حالة التشتت وما يترتب عليها من عواقب أخرى قد تكون وخيمة، حيث لا مضرّة توازي أضرار التفرقة، فهي قد تلقي بشعبنا إلى العدمية القومية لا بل إلى الانقراض المتربص به...، فإنّ أشد ما يؤلم الرأي العام الكوردي هو بروز قلّة من الأفراد "المستقلين" والمجموعات الحزبوية الضعيفة والمشاغبة في آن واحد والتي قد تبقى تراهن حتى اللحظة الأخيرة على رهان إعاقة جهود الإصلاح والمصالحة وتوحيد الصفوف، لأنّ جلَّ مصالحها الضيقة وغاياتها القاصرة تكمن في إبقاء بيتنا الكوردي يعاني من مرَض التشتت، في حين بات الكل يدرك بأنّ التوافق هو الربّـان القادر على إنقاذ سفينة الكورد من الغرق وهو السلاح الأقوى لردع كل النوايا التخريبية المعيقة (الداخلية والخارجية) التي تسعى إلى التشكيك بأحزابنا وبأطرنا القائمة كالجبهة والتنسيق والتحالف مثلاً...، وترسم بلا رادع لزعزعة الثقة فيما بين الأطراف ولمنع توصل مؤسساتنا إلى الاتفاق وفق صيغ وقواسم مشتركة وجامعة كثيرة.
ولعلّ المؤلم في الأمر هو أنّ البعض القليل من المعيقين أو المعاقين أصلاً، يحاولون توسيع دائرة أفعالهم السلبية، فيطرحون بين الحين والأخر بعضاً من أفكارهم الأنانية التي تطالب بفك مؤسساتنا القائمة وإعادة تركيب بديلات عنها قد تختلف عن هذه الموجودة بالإسم فقط، وكأن ساحتنا تحوّلت إلى حقل تجارب مخبري ليس إلاّ...، وذلك دون أن يأبهوا بما يدور حول عنق شعبنا و تخومه من مناورات ومؤامرات ودون أن يتنبهوا إلى ما حلّ بنا من فقدان للشخصية والحقوق وما ينتظرنا من مهام وواجبات قومية ووطنية هي بمجملها أكثر أهمية بكثير من مشاغباتهم وعبثهم السياسي الذي ليس له لا أول ولا أخر.
وللعلم فإن محاولات التلاقي الكوردي كانت عديدة ومتلاحقة فيما مضى، البعض منها لقي النجاح ونال رضا الجماهير الكوردية، أما البعض الآخر فلم يُرضِ حتى أصحابها ولذا فقد أصابها الفشل والانحسار لأسباب متنوعة لسنا بصدد ذكرها الآن، وقد كانت كلها ثمرات نضال طويل وجهود خيّرة قام بها خيرة الأناس المناضلين المصطفين مع هذا التيار أو ذاك، ولكن أكثرية تلك المحاولات لم تلبي حاجة الكورد كما هو مطلوب، فهي لم ترتق إلى مستوى الطموح المأمول ولم تتمكن من أن تجني الثمرة المرجوة، ولذا فواقع الحال يقتضي المزيد من المحاولات الاستحواذية بعيداً عن اليأس والتردد، وذلك لن يتم ما لم نعتبر أنّ ما أصابنا ويصيبنا من إرهاصات وحالات فشل هي ليست سوى بروفات أوليّة لا بدّ منها في حالتنا البائسة التي نعاني منها جميعاً.
إلاّ أنّ الدعوة إلى تشكيل مجلس سياسي كوردي ـ الجديد بشكله والقديم بمضمونه ـ والتي ينبغي أن نبذل قصارى جهدنا من أجل بلوَرتها وجعلها مقبولة بشكل فعلي لدى كافة الأطراف الكوردية، يمكن اعتبارها خطوة عملية أخرى على طريق التأسيس لمشروع كوردي مشرِق، وإن مثل هذه الخطوة أي الدعوة إلى هكذا مجلس قيادي، هي مهمة جماعية مشرّفة لا يجوز أن يتباطئ أحداً في التحضير لها وحضورها
لكن ثمة أسئلة هامة قد تبرز من قِبَل هذه الجهة أو تلك، أبرزها: أليس للكورد مصلحة حقيقة في تلبية هذه الدعوة في هذا الوقت بالذات؟!، أليست نابعة من منطلق الحاجة القومية الماسة؟!، ألا يمكن تشبيهها بصيحة استغاثة حقيقية؟!، وهل السبيل لإنجاح مثل هذا الطرح وتحقيق ما نبتغيه يمكن أن يتحقق بالأقوال فقط أم أنّ للإرادة الوحدوية والمصداقية والجدَّية في الطرح والترجمة العملية دوراً أساسياً في الظفر بالمراد والمبتغى؟!، وهل سنستطيع أن نواكب الحدث وننجح في التوصل لمجلس سياسي من دون أن نعالج مختلف عاهاتنا المستديمة وبدون أن نتصافى ونتشافى من حمى الأنانية الشخصية التي التهمت بنيرانها المسعورة كل أخضرنا ويابسنا؟!، وهل للعوامل الموضوعية الايجابية تأثير في تسريع أو إبطاء مثل هكذا عملية تفعيل سياسي نحن أحوج ما نكون إليه اليوم قبل غد؟!، أم أنّ علينا أن ننتظر أكثر مما انتظرناه ليفرج الله (عزّ وجل) عن كُرْبِنا الذي نتخبط فيه تواكلاً ودون أي عناء للتوكل من جانبنا؟!، أم أنّ العمل الدؤوب هو خير جواب لمثل هذه الأسئلة المطروحة بإلحاح وهو أفضل خطاب ينبغي أن يسود في كل الحالات وفي مختلف المحن
وبالمناسبة وبهدف التذكير...، فإنّ تجارب كل الشعوب وتجربتنا الذاتية الغنية بالعبر والدروس، تؤكد بأنّ تصافي النيات والقلوب ومراجعة الذات والمصداقية العملية وإتباع الأسلوب الجماعي في الحراك واعتماد منهجية سياسية موحّدة وتناول خطاب منفتح في ظل أجواء من التعايش والتوافق هي السبيل الأكثر أماناً وأمناً وهي سرّ ومفتاح عبور بوابة الخروج من خنقتنا السوداء هذه...، إضافة إلى أنه لا يجوز أبداً التقليل من حجم ومخاطر أزمات شعبنا الكوردي الأخرى كالتخلف والتبعية والركود والفقر وحالات العوز المدقع التي تنهكه وتشّل كل قدراته السياسية والاقتصادية والاجتماعية...الخ، حيث يمكن اعتبارها برواسبها وخلفياتها وآثارها المتعدّدة المخاطر، كابوسٌ ثقيل الظّل ، ظلّ ولا يزال يخيم على العلاقات الكوردية ـ الكوردية، في حين لا يمكننا إزاحته إلاّ بالسعي الجماعي بذهنية منفتحة من شأنها توليد طاقة معرفية كافية وإمكانيات مادية أكبر لتؤدي إلى طاقة حركية أكثر زخماً وإنتاجيةً، شريطة أن تتوفر النوايا الحسنة لدى جميع الفرقاء المعنيين بالأمر
وبما أنّ البارتي يتبنى العمل من حيث المبدأ لخدمة هذا الاستحقاق القومي ويطالب باقي الأطراف الكوردية بقبول مثل هذا المَخْرَجْ وأخذه على محمل الجدّ بقصد التنفيذ، فإنّ من حقه الطبيعي أن يؤكد على نواحي جوهرية وهامة وهي أنْ يتم وضع المصلحة الكوردية في مقدمة أولويات المهام وأن يجري الانطلاق في هذا المنحى من منطلق الحاجة إلى لمّ الشمل وليس من قبيل الدخول في لعبة الوقت...، وهذا لن يتم ما لم نطمح كلنا إلى المشاركة الفعلية لكل فعالياتنا، والخوض معاً في حالة حوار حضاري مفتوح يتناول كل المسائل والحيثيات ويناقش كل الاحتمالات ليساهم في صنع القرار السياسي الكوردي الصائب
ومن قبيل التأكيد على ما سبق...، لا بد من القول بأنّ البارتي حينما يبادر بجرأة ويسعى إلى تناول مثل هكذا خطاب وحدوي ينسجم مع تطلعات شعبنا ويتلاءم مع مناخات هذه الأيام، لا يركض وراء أية مصلحة حزبية ضيقة ولا من قبيل التمظهر بالشعارات الوقتية والمصدّات الكلامية، وإنما هو يدعو باقي شركاء القضية إلى التشاور على أرضية فتح صفحة جديدة، بهدف خدمة المصلحة القومية العليا لشعبنا منعاً من انصهاره في بطون غيرنا
وبناءاً عليه فإن معشر الكورد جميعاً بحاجة أكيدة إلى المزيد من التحالف السياسي وليس التخالف الحزبوي...، وهم مدعوّون اليوم للتوجه بمسؤولية صوب هكذا خيار وحدوي هادف لتنشيط الحالة السياسية الكوردية في كوردستان سوريا، وذلك بدءاً من تقوية ذاتنا وتخليصها من جوانب الضعف ومن ثم توليفها وفق المطلوب للالتقاء مع غيرنا أي مع الأكثرية العربية من مكونات هذا البلد ومحاورتهم والتفاوض معهم حول مختلف هموم وشجون المجتمع السوري وحول كيفية وضع الحلول الديموقراطية لقضيتنا القومية العادلة ولباقي المسائل والمشاكل السورية العالقة
:::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::


الحزام العربي في كوردستان سوريا


الحزام لغوياً يعني :
هو ما يحزم به الشيء ، وهو رديف لكلمة نطاق الذي يشط على الوسط. وفي الحالة الكردية في كردستان سوريا يعنى به ما يشد به ظهر العرب ويقوي حمايتهم من الكرد على جانبي الحدود.
الحزام العربي المطبق على ارض الواقع هو:
ذلك الشريط الحدودي الذي بدأت بتطبيقه السلطات السورية في 24 / 6 / عام 1974 بقرار يحمل الرقم ـ 521 ـ الصادر عن المؤتمر القطري الخامس الاستثنائي لحزب البعث الحاكم في سوريا، حيث كان قد أقر هذا المشروع في المؤتمر القطري الثالث في عام 1966.

هذا الحزام الذي يمتد على أرض تمت مصادرته من أملاك الكرد القاطنين على الحدود السياسية التركية بدءاً من الحدود السياسية العراقية بطول 375 كيلومتر، وعمق يتراوح من 15 – 20 كيلومتر، لذلك فأن مساحة الاراضي المستولى عليها من قبل السلطة تبلغ اكثر من 4500 كم مربع وتبلغ عشرة اضعاف مساحة قطاع غزة في فلسطين التي تعتبر القضية المركزية لسائر الدول العربية منذ اكثر من نصف قرن من الزمن حيث تبلغ مساحة غزة 400 اربعمئة كم 2 فقط لاغير.
ضابط المخابرات محمد طلب هلال
يعود هذا المشروع بملامحه الأولى إلى الملازم أول محمد طلب هلال ( رئيس الشعبة السياسية في محافظة الجزيرة ذات الغالبية الكردية) الذي أصدر كراساً في بداية ستينيات القرن المنصرم بعنوان : « دراسة عن محافظة الجزيرة من النواحي القومية ، الاجتماعية ، السياسية » يتضمن جملة من التشويهات والأضاليل على أرضية شوفينية حاقدة تجاه الشعب الكردي في سوريا . ويعطي هذه الكراس توصيات تتلخص في الدعوة إلى تجريد الكرد السوريين من أراضيهم ومن جنسيتهم السورية وممارسة سياسة التعريب والتهجير والتجويع والتجهيل بحقهم ، وإقامة مستوطنات على اراضيهم التاريخية.
مؤتمر البعث الثالث
ثم جاء المؤتمر القطري الثالث لحزب البعث الحاكم الذي انعقد في أيلول عام 1966 ليؤكد في الفقرة الخامسة من توصياته بخصوص محافظة الجزيرة على « إعادة النظر بملكية الأراضي الواقعة على الحدود السورية – التركية وعلى امتداد 350 كم وبعمق 10 – 15 كم واعتبارها ملكاً للدولة وتطبق فيها أنظمة الاستثمار الملائمة بما يحقق أمن الدولة » على حد تعبير توصية مؤتمر البعث آنذاك.
نشرة المناضل لحزب البعث
وفي نشرة « المناضل » الصادرة عن مكتب الدعاية والإعلام في التوجيه القومي لحزب البعث ( وهي نشرة داخلية طبعاً ) جاء في العدد 11 منها الذي صدر في شهر كانون الثاني 1966 تحت عنوان « تقرير لخطة إنشاء مزارع حكومية في محافظة الحسكة » ما يلي : « إن المخاطر التي واجهت وتواجه شعبنا العربي في شمال العراق ، والتي خلقت من قبل الامبريالية ، بدأت تهددنا أيضاً منذ بضعة أعوام اخيرة في محافظة الحسكة ، أهملتها الحكومات السابقة ، ولكن اليوم تحتاج إلى حل جذري سليم ... إن أفراداً غير عرب وأغلبهم أكراد، قد هاجروا إلى هذه المنطقة من تركيا والعراق وفقاً لخطة تؤيدها وتشجعها الامبريالية ولازالت ... والأكراد استوطنوا في هذه المنطقة الخصيبة والتي هم غريبون عنها... بسبب وجود الاقطاعية في المنطقة ووجود عناصر غير عربية وغالبيتهم من الأكراد والذين يحاولون جاهدين أن يؤسسوا بلداً قومياً لهم في حدودنا الشمالية بمساعدة الامبريالية ، ولأن المنطقة واقعة بالقرب من الحدود التركية والعراقية المأهولة بالأكراد وهم مطلوبون للمؤامرات والجاسوسية التي تحاك ضدنا في منطقة الحدود ، فمن العاجل جداً أن نتخذ الإجراءات الضرورية لكي ننقذ العرب في المنطقة .. يمكن القول أنه إذا بقيت الأشياء كما هي فإن الهجرة الكردية ستزداد في المنطقة وستشكل خطراً على حدود أمتنا ، إذا أخذنا بعين الاعتبار أهمية المنطقة زراعياً وصناعياً وبخاصة بعد اكتشاف البترول .. » .
التـطبيـق والمقاومة :
شهد النصف الثاني من ستينات القرن الماضي صدامات عنيفة بين الفلاحين الأكراد أصحاب الأراضي من جهة ، وبين السلطات السورية وأجهزتها الأمنية والعسكرية من جهة ثانية ، حيث لقيت فكرة نزع الأراضي من الكرد مقاومة شديدة من جانب أصحاب الأراضي ، وقد استخدمت السلطات في هذا الصدد مختلف أشكال القمع والاضطهاد ، وكان لحزبا البارتي الديموقراطي الكردي في سوريا واليساري الكردي في سوريا آنذاك دوراً أساسياً في الانتفاض ومقاومة السلطة ومخططاتها العنصرية .
واستمر تصاعد وتيرة أحداث المقاومة الكردية ، حيث انتفضت العديد من القرى ضد السلطات المحلية كانتفاضات سكان قرى كرديم وسيكركا وتل شعير وشدي وكري بري المعروفة للجميع حيث اعتقل بسببها العشرات من الكرد العزل وزجوا في السجون والزنزانات ، لكن المقاومة ضد هذا المشروع الشيوفيني العنصري تجلى بشكل ربما اوضح في انتفاضة ومقاومة سكان قرى كرباوي وقره تبه ونيف وكرسور الذين دافعوا عن الاراضي وكذلك عن الكرامة في مرحلة تطبيق الحزام وبعدها. اما مقاومة اهالي وسكان قرية علي فرو فقد وصلت اصدائها آنذاك الى الصحف العالمية لدرجة كتبت صحيفة لوموند الفرنسية الشهيرة مقالاً في شهر ايار مايو العام 1967 عن مقاومة الاهالي في علي فرو لمشروع الحزام العربي السيء الصيت ، كما ان الصحفي الفرنسي الشهير جان بيير رينو سكرتير لجنة الصداقة الفرنسية الكردية آنذاك زار محافظة الجزيرة عام 1972 وتحدث في اجتماع له ببعض قياديي الحزب اليساري الكردي في سوريا عن ذلك المقال الذي نشر في جريدة لوموند وكذلك استفسر عن مصير معتقلي وعموم سكان قرية علي فرو.
الاحزاب الكردية التي قاومت المشروع
اما فيما يتعلق بالقوى السياسية الكردية في سوريا التي قاومت المشروع، فأن حزبا اليساري الكردي في سوريا والبارتي الديمقراطي الكردي في سوريا، كان لهما الدور الرئيسي في مقاومة الحزام، وفي هذا الاطار فأن اعضاء وجمهور الحزب اليساري الكردي قاموا في عدد كبير من القرى على طول منطقة الحزام العربي بمهاجمة الجرارات العائدة للسلطات التي كانت تحرث الاراضي المستولى عليها من الكرد والمشمولة بمنطقة الحزام وكذلك الحصادات واستمر هذا الكر والفر حتى عام 1969 . وحينما زار رئيس الوزراء المصري حسين حسن سوريا وجاء برفقة رئيس الحكومة السورية يوسف زعير لزيارة حقول رميلان النفطية الواقعة في قلب كردستان سوريا فقد قام الحزب اليساري الكردي بتجمع جماهيري كبير وقطع المتجمعون الطريق العام واوقفوا الموكب وقدموا عريضة لرئيس الوزراء طالبوا فيها بوقف اضطهاد الشعب الكردي ووقف تطبيق الحزام العربي كما شهد مطار القامشلي تجمع مماثل اثناء عودة الوفد الذي سلم فيها احد كوادر اليسار رئيسي الوزراء مذكرة مماثلة.
استمرار تنفيذ المشروع
واستمر بالمقابل مضي السلطة في تنفيذ المشروع ، ولا سيما بعد انقلاب 16/تشرين الثاني/1970م التي اوصلت الرئيس السابق حافظ الاسد الى سدة الحكم ، وخاصة بعد الانتهاء من حرب تشرين عام 1973م ، حيث كانت الأرضية قد تهيأت بشكل واضح لتطبيق الحزام العربي وجلب المستوطنين وإحلالهم محل الكرد أصحاب الأرض الحقيقيين . فقد تم الاستيلاء بشكل كامل على مساحات واسعة من الشريط الحدودي ( بطول 350 كم وعمق يصل في بعض المناطق حتى 20 كم ) ، وسُلِّمَت إلى « مزارع الدولة » ، كما خلق إنشاء سد الفرات الذريعة عندما غُمِرَت أراضي بعض الفلاحين العرب من محافظة الرقة .. وفي الجانب السياسي كان الموقف القومي الشوفيني الذي وقفه الحزب الشيوعي السوري وسائر احزاب ما يسمى بالجبهة الوطنية التقدمية الحاكمة ( التي اقتصرت وتقتصر دورها بالتصفيق للحزب الحاكم في مؤسسات الجبهة) بالتزام جانب السلطة ضد الفلاحين الكورد دوراً في سهولة تنفيذ « الحزام » ، كما أدى ضعف الحركة السياسية الكردية وتفككها وهشاشتها إلى تشجيع السلطات على المضيّ قدماً في مخططها الاستيطاني .. وكل تلك الظروف كانت مدعومة بأوضاع دولية وإقليمية كانت في صالح السلطات التي استعملت القوة المفرطة ومختلف الأساليب والوسائل القمعية ضد الكورد.
صدور القرار
وهكذا صدر القرار المذكور ( رقم 521 لعام 1974م ) في عهد الرئيس حافظ الاسد وتم استقدام عشرات الآلاف من المستوطنين من محافظتي الرقة وحلب وكانت السلطات تتهيأ منذ اوائل عام 1973 لاستقدام هؤلاء وشكلت لهذا الغرض لجنة برئاسة محمد جابر بجبوج الامين القطري المساعد لحزب البعث الحاكم وعبدالله الاحمد عضو القيادة القطرية للحزب المذكور وهذان الرجلان هما مهندسا مشروع الحزام العربي اساساً. وبعد هذا القرار انتابت الاوساط الكردية ولاسيما في محافظة الجزيرة موجة سخط عارمة استنكاراً لهذه المؤامرة حيث وزع الحزب اليساري الكردي في سوريا في 20 آب 1973 منشورات تدعوا الى ادانة هذه المؤامرة ومقاومتها قال فيه لا للحزام ولا للاحصاء، وكان التوزيع شاملاً بحيث غطى كل مناطق الجزيرة بمدنها ومراكزها حتى داخل بعض الدوائر الحكومية وكذلك في دمشق وبيروت، وجابهتها السلطة بالقمع والاعتقالات حيث اعتقلت من الحزب اليساري كل من احمد حاج سعيد وحسن محمد يوسف الذين قضيا قرابة ثمانية اعوام في السجن بتهمة توزيع هذا البيان اضافة الى كل من يوسف ديبو عضو المكتب السياسي للحزب اليساري حالياً وعادل يزيدي اللذين قضيا ثمانية شهور في السجون بنفس التهمة اضافة الى شكري بطيخة الذي قضى مدة اقل في السجن.
وقبل ذلك بحوالي شهر اي في اواسط تموز عام 1973 كان الحزب الديمقراطي الكردي في سوريا (البارتي) قد اصدر بياناً ادان فيه تطبيق مشروع الحزام واعتبره يستهدف الوجود الكردي في المنطقة وطالب دول العالم لاستنكار المشروع.وبغية ترهيب مناضلي البارتي و اليساري وقمعهم والحؤول دون تكاتفهم في وجه المشروع الاستيطاني قامت السلطات بتاريخ 29 / 7 / 1973اضافة الى اعتقال كوادر اليسار بأعتقال عدد كبيرمن قياديي البارتي بينهم سكرتير الحزب وهم :
دهام ميرو سكرتير الحزب
كنعان عكيد- قيادي
نذير مطصطفى- قيادي
محمد امين هوري- قيادي
خالد مشايخ- عضو اللجنة الاستشارية
عبدالله ملا علي- عضو اللجنة الاستشارية
محمد فخري- عضو اللجنة الاستشارية . ثم اعتقال القيادي البارز حميد سينو عام 1977 وقد امضوا الجميع اكثر من ثمانية سنين في غياهب وسجون النظام.
مرحلة مابعد الاستيطان
اما في مرحلة ما بعد الاستيطان فقد استمر وتعمق معاناة الكرد في تلك القرى التي بني فيها مستوطنات للوافدين الغرباء، فكلما قام المنكوبين الكرد بأستصلاح بعض الاراضي المحجرة وتنظيفها من الصخور والاحجار وجعلها صالحة للزراعة اقدم المستوطنون برفقة الاجهزة الامنية للسلطة والاستيلاء على تلك الاراضي التي استصلحوها بسواعدهم وعرق جبينهم وهناك امثلة كثيرة في هذا المضمار لايسمح لنا الوقت لذكرها ولازالت هذه الممارسات مستمرة بحق شعبنا الكردي حتى يومنا هذا فيما تنشغل غالبية اطراف الحركة الكردية بمعمعان المهاترات المفتعلة فيما بينها

:::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::

 الجغرافية الكوردية

تعتبر الشعوب الهندوأوروبية إحدى الأرومة الأساسية في تكوين مجموعة كبيرة من شعوب العالم والذين يعودون (أي الآريون أو الهندوأوربيين) وحسبما "يدّعي وليام والمستشرقون الغربيون المختصون في فلسفة الأديان أن الآريين هم شعوب هندو أوروبية بشرتها بيضاء (أي الشُقر)، وأنهم حكموا الهند منذ حوالي 3000 سنة وكانوا حسب نظام الكاست الاجتماعي ينتمون الى خاصة الخاصة أي رجال الدين البراهمين، وأنهم أبناء الآلهة" (من ويكبيديا، الموسوعة الحرة).

وتنتشر هذه الشعوب ضمن مساحات جغرافية شاسعة تمتد من جبال أوروبا وقفقاسيا إلى سهول ووديان آسيا حيث كانت الهجرات لتلك القبائل البدوية الرعوية الباحثة عن الكلأ والمأوى لقطعان الماشية وبخصوص هذه المسألة تؤكد المصادر التاريخية بأن تلك الهجرات حصلت مطلع ﺍﻷلف ﺍﻟﺜﺎنية قبل ﺍﻟﻤﻴﻼﺩ وأمتزجت مع شعوبها الأصلية لتكون أمم وشعوب جديدة، وقد وصلت بعض تلك الهجرات إلى ميزوبوتاميا. وهكذا فإن الشعب الكوردي يعتبر من الشعوب (الأصيلة) القديمة والتي سكنت ميزوبوتاميا وكوردستان الحالية وبالتالي فهي (أي كوردستان) ليست بـ(كيان مزروع) كما يحلو للبعض أن يسمي الجغرافية الكوردية بها وعلى غرار غيرها من الجغرافيات في المنطقة.

وبالتالي فإن الشعب الكوردي كمكون إجتماعي أتني يعتبر من الشعوب القديمة التي أستوطنت تاريخياً منطقة ميزوبوتاميا – ما يعرف حالياً بـ(ما بين النهرين) – وهم (أي الكورد) ينحدرون، وحسب الدراسات الأنتربولوجية، من أصول هندوأوروبية والتي تتوزع على فروع وشعوب وقبائل قديمة عدة؛ منهم الكورد والجرمان والفرس وغيرهم من الشعوب والأمم وفي أصول الكورد يقول "المؤرخ الكردي محمد أمين زكي (1880 - 1948) في كتابه (خلاصة تاريخ الكرد وكردستان) يتألف – أي الكورد، والتوضيح من عندنا – من طبقتين من الشعوب، الطبقة الأولى، وكانت تقطن كردستان منذ فجر التاريخ ويسميها محمد أمين زكي "شعوب جبال زاكروس"، وحسب رأي المؤرخ المذكور هي شعوب "لولو، كوتي، كورتي، جوتي، جودي، كاساي، سوباري، خالدي، ميتاني، هوري، نايري"، وهي الأصل القديم جداً للشعب الكردي والطبقة الثانية: هي طبقة الشعوب الهندو-أوروبية التي هاجرت إلى كردستان في القرن العاشر قبل الميلاد، واستوطنت كردستان مع شعوبها الأصلية وهم "الميديين والكاردوخيين"، وامتزجت مع شعوبها الأصلية ليشكلا معاً الأمة الكردية.

ولقد عرف الشعب الكوردي وكمجموع شعوب المنطقة مراحل قوة وإزدهار؛ (الامبراطورية الميدية في القرن السادس قبل الميلاد) وفي مراحل أخرى عاشت التقهقر والتراجع وهكذا فإن جغرافية (كوردستان) قد تعرضت تاريخياً للعديد من الحروب والويلات والانتكاسات وخاصةً بعد إنهيار الامبراطورية الميدية ولكن ومن الفترة الممتدة من القرن السادس قبل الميلاد (إنهيار ميديا) وإلى الفترة العثمانية فقد مر الكورد بما يعرف بمرحلة "الثغرة التاريخية". أما مصطلح كوردستان كمصطلح جغرافي فقد ظهر "أول مرة في القرن الـ12 الميلادي في عهد السلاجقة، عندما فصل السلطان السلجوقي سنجار القسم الغربي من إقليم الجبال وجعله ولاية تحت حكم قريبه سليمان شاه وأطلق عليه كردستان. وكانت هذه الولاية تشتمل على الأراضي الممتدة بين أذربيجان ولورستان (مناطق سنا، دينور، همدان، كرمنشاه.. إلخ) إضافة إلى المناطق الواقعة غرب جبال زاجروس، مثل شهرزور وكوي سنجق". (موقع الجزيرة-نت).

ولكن الفترة الحديثة والتي شهدت بروز الفكر القومي و"الدولة القومية" في أوروبا أواسط القرن التاسع عشر، كان لها تأثيرها المباشر على ولادة الوعي القومي عند مجمل شعوب الشرق ومنهم الشعب الكوردي والذي عمل هو الآخر على نيل حريته وإستقلاله بعدما كان قد تعرض للتقسيم بين الامبراطوريتين العثمانية والصفوية إثر معركة جالديران 1514 ميلادية. ولكن وعوضاً أن يتحقق حلم الكورد في دولة قومية واحدة على جزئي كوردستان المقسم آنذاك بين العثمانيين والصفويين أقتضت مصالح الدول الاستعمارية – الغربية والشرقية (المحلية) – بأن يتم تقسيم كوردستان مرة أخرى وبين دولٍ أربعة (تركيا، إيران، العراق وسوريا) وذلك بموجب إتفاقيات ومعاهدات جديدة شهدت ولادة حكومات إستعمارية محلية – سوريا والعراق بالإضافة إلى كلٍ من تركيا وإيران وريثتي الإمبراطوريتين العثمانية والصفوية – ليحلوا محل الاستعمار الغربي في إحتلالها لكوردستان. وهكذا ألحق جزء من كوردستان وبموجب إتفاقيات سايكس-بيكو (1916) وغيرها من المعاهدات بالدولة السورية الحديثة.

وهكذا ونتيجةً لعوامل وحوامل سياسية عدة؛ منها تأثير الثورات الكوردية في الأجزاء الأخرى من كوردستان وذلك من خلال الدور الكبير لبعض تلك القيادات التي كانت قد لجأت إلى غرب كوردستان (سوريا) هرباً من قمع الأنظمة الإستعمارية أثر إنتكاسة الثورات الكوردية (ثورات صاصون، شيخ سعيد بيران 1925، إنتفاضة ديرسم 1937، ثورات البارزانيون الأولى 1931 والثانية 1943-1945 وكذلك ثورة أيلول 1961-1975 وغيرها العديد من الثورات والانتفاضات الكوردية) في تلك الأجزاء من كوردستان وعلى الأخص الجزء الشمالي (تركيا) فقد شهدت غرب كوردستان ولادة أول حزب سياسي (الحزب الديمقراطي الكردستاني) في (14.6.1957) والذي طرح في مرحلة التأسيس شعار "تحرير وتوحيد كوردستان" إلا أن ظروف الاعتقال في بداية الستينات من القرن الماضي (12 آب 1960) والتي شملت أغلبية القيادة في الحزب ومن ثم ونتيجةً للخلافات التي نشأت داخل السجن بين تياري الحزب أدى إلى إنقسامه بين اليمين واليسار وكان من نتائجها الكارثية على مستوى القضية الكوردية؛ التضحية بشعار الحزب ومن قِبَل الجناحين وهكذا أستمرت الخلافات داخل صفوف الحركة السياسية الكوردية وكانت من نتائجها الوخيمة تمزق الحركة في يومنا هذا بين العديد من الفصائل والكتل السياسية الحزبية
:::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::

الذكرى الحادية عشرة بعد المائة على ولادة الصحافةالكوردية
ملف سما كرد ليوم الصحافة الكردية - الجزء الأول

عارف رمضان
ينبغي علينا - نحن الكورد - أنْ تكون لنا أكثرُمن وقفة، وألا نفرّطَ بهذا اليوم – يوم الصحافة الكوردية - كأيِّ يومٍ عاديٍّ، ونوليه الحقَّ الذي يستحقهُ، في ظلّ إضطهاد الشعب الكوردي وطمسِ هويتهِ بشتى الوسائلِ والتعتيمِ المستمرّ على وجودهِ , ومحاربةِ كلِّ مفكرٍ , وكلِّ إعلامي، وكلِّ كاتبٍ مهتمٍّ بالشأن الكرديّ، حتى تبقي الحقيقة مخفية عن الملأ، لا بل طالَ الاضطهادُ والمسائلة المواقعَ الالكترونية الكوردية وحجبها، و المكتبات الكوردية وإحراق الكتب، إضافة لتشويه الوقائع و تعريب أو تتريك أو تفريس "الفارسية" على كلِّ ما هو مبدعٌ أو رجل دين، أو بطل أدارَ معركة وخرج منتصراً، فيما يسعون باستمرار إلى إطفاء أية شمعة تنير أيَّ جزء من أجزاء كوردستان، ووأد أيِّ حلمٍ كوردي في مهدهِ، بهدفِ تعتيم القضية الكوردية أمامَ الرأي العامّ وطمس الهوية الكوردية وإذابة وإزالة الخصوصية الكوردية، وانحلالها في بوتقة الشعوب الأخرى .
ها هو شعاعُ الحرية ينبعثُ من جديد، ومن زوايا كثيرة ليسلط الضوءَ على شعبٍ مجردٍ من حقوقه، فبعد أنْ وصف الرئيس التركي الراحل توركت أوزال "كوردي الأصل" قبل عقدين من الزمن في ألمانيا بـ " أنَّ اللغة الكوردية لغة بدوية، ولاتوجد آدابٌ لدى الشعب الكوردي"، وحاربَ هو وباقي تلامذة باني تركيا "أتاتورك" وأمثالهم على امتدادِ الدّول التي تقاسمت كوردستان، الشعب الكردي واللغة الكردية لعقود متتالية مما أراقوا دماءَ عشراتِ الآلاف من الضحايا والأبرياء الذين لم ينحنوا أمامَ آلة العدوّ .
هاهم الأتراكُ أنفسهم يزيلون أخطاءَ الماضي، ويستسلمون للواقع، في إقرارهم لحقوق الكورد الثقافية والاجتماعية في المجتمع التركي، بالرغم من وجود أهدافٍ وسياساتٍ تطمحُ إليها الحكومة التركية من وراء ذلك، لكنْ مهما كان، فإنهم وغيرهم من دول المنطقة - كإيران - بهذه الخطوات يفندون نظرياتهم الكاذبة التي كانت تتدّعي بأنّ الكورد ليس لهم موطنٌ. أو أنهم بدويون أو ... ألخ.. الحقيقة تقولُ بأنّ الثقافة الكوردية عريقة. فمن عباقرتها ( أحمدي خاني وملايي جزيري وأساطير مموزين وفرهاد وخجه، وزمبيل فروش) ، لم ولن ننسى تلك الروايات والقصص والقصائد التي كانتْ تترددُ في أنها العينُ الرقيب وصحافة تلك الأزمان , وبذلك سبقوا أمما وحضاراتٍ كثيرة، إضافة إلى علماء الدين من صحابة الرسول ابتداءً من بابا جاجان الكوردي إلى صلاح الدين الأيوبي مروراً بفرسان التحرير إبراهيم هنانو ويوسف العظمة وسليمان الحلبي. الكورد هم شعبٌ محبٌّ للسلام، ولم يسجل التاريخُ أية حادثة تذكر على الرغم من الانتفاضات التي قادوها دفاعاً عن بقائهم وتشبثهم بأرضهم، ولم يسجل التاريخُ يوما أنهم أقدموا على أيّ عمل إرهابي كاستهداف مدرسة أو مسجد أو اختطاف طائرة، إنما هم يرغبون في العيش المشترك مع الشعوب التي تتعايش معهم، فمن جبال جودي انطلقتْ حمامة السلام، التي عادتْ إلى سفينة سيدنا نوح الراسية هناك بغصنٍ من الزيتون، والذي أضحى فيما بعدُ رمزاً للسلام.
لندعُ جميعاً إلى صحافة نزيهة خالية من الشتائم والسباب، وأن تتصف بالحوار الأخوي، وأن تكون على القدر العالي من المهنية، لإيصال رسالة واضحة إلى الطرف الآخر، بأننا دعاة سلام، ولا نبتغي سوى حقوقنا.
ولنحتفِ بهذا اليوم، لنقولَ بأننا طلبة سلام، نمدُّ يدنا لشركائنا، لننعم، ونعيش بحرية، وبقبول الآخر والتآخي معه، ولنحطمَ سوية جدرانَ الوهم الذي بناه يدُ المغرضين، وطلبة الفوضى ومهزومو التاريخ.
عارف رمضان
مدير مؤسسة سما للثقافة والفنون
رئيس الجالية الكوردية في دولة الإمارات
******************
(2) (الذكرى الحادية عشرة بعد المائة على ولادة الصحافةالكوردية)

(عبد المجيـد إبراهيـم قاسـم)
لقد بات الاهتمام بقضايا الطفولة ، والعمل على تحقيق متطلباتها في عصرٍ تتضاعفُ فيه المعلومات سنوياً ، من أهم القضايا التي تشغل المهتمين , وأصبح السعي إلى الارتقاء بمنابر الطفل الثقافية وتعزيز وسائلها ؛ من أكثر الأمور إلحاحاً وأهمها على الإطلاق , وذلك بغية الإعداد المتكامل للطفل - عقلياً و انفعالياً واجتماعياً - ليصبح قادراً على مواكبة التطوّر العلمي والتفجّر المعرفي ، وعلى تحمُّل أعباء المستقبل الذي سيملك فيه المتعلِّم مقومات السيادة على غير المتعلِّم ، وليتمكَّن من الإسهام الإيجابي والفاعل في بناء وتطوير المجتمع الذي يعيش فيه . . ولا تتحقَّق هذه الأهداف إلا من خلال الاهتمام بجميع الجوانب التي تخصُّ حياة الطفل ، وفي مقدمتها الجانب الثقافي .
وتعتبر صحافة الأطفال وسيلة لتعليم وتثقيف الطفل , وتوسيع آفاق معارفه ، ولتنمية مهاراته وإثراء خبراته ، كما أن صحافة الأطفال تمتلك مقدرة استثنائية في صياغة الاتجاهات الإيجابية لديهم ، وتزويدهم بالقيم - التي تدعوه لاحترام الإنسان والمجتمع - والمفاهيم والحقائق التي تتماشى مع العصر بطرق شائقة وأشكال مبسطة , بالإضافة إلى إمتاع الطفل وإدخال البهجة والسرور إلى نفسه , وتنمية التذوق الجمالي ، وإشغال أوقات فراغه بما يعود عليه بالفائدة ، وهي بذلك تسهم في تحقيق غايات التربية والتعليم.
ولصحافة الأطفال نوعان فقد تكون الصحيفة من إبداع الأطفال أنفسهم ، ومن صنع أيديهم ، وهنا تتعاون مجموعة معيَّنة من الأطفال في إعدادها وإخراجها ، وتحت إشراف المربّين , ويهدف هذا النوع من الصحافة إلى تدريب الأطفال ، وإتاحة الفرصة لهم للممارسة العملية في التعبير عن أنفسهم ، وإشغال أوقات فراغهم بما ينفعهم ، ويسمى هذا النوع بالصحيفة المدرسية أو "صحيفة الحائط" ، أما النوع الثاني وهو الأكثر أهمية وانتشاراً فهي الصحافة التي تصدر لهم من قبل الكبار ، ومن أهم أشكالها "مجلات الأطفال" ، وهناك أيضاً الصفحة أو الركن المخصَّص للأطفال في صحف ومجلات الكبار , وهنا قد تكون المساحة يومية - كالجريدة التي تحتويها - أو قد تكون أسبوعية أو شهرية ، لكنها غالباً لا تثير اهتمام الطفل كثيراً ، ولا تشبع حاجاته ؛ لاحتوائها على بعض المواد الارتجالية , إضافة إلى أنها غالباً تكون غير ملوَّنة .
وبالعودة إلى الحديث عن مجلات الأطفال , فإن تاريخها يعود إلى منتصف القرن / الثامن عشر / وفي فرنسا تحديداً حيث كانت الولادة .
ولابدَّ لمجلة الأطفال الناجحة أن تحتوي على أبوابٍ متعدِّدة وزوايا متنوِّعة ، وأن تعمل على تجديد موادها وموضوعاتها باستمرار ؛ حتى تستطيع أن تُشبع حب الاطِّلاع الذي يمتلكه الطفل بالفطرة ، وأن تتوجَّه لأكبر شريحة عمرية من الأطفال ، ثم أن تحقيق التنوّع الذي يعدُّ من أهم شروطها .
ومن شروط مجلة الأطفال أيضاً يمكن أن نضيف . . يجب عليها أن تراعي الاعتبارات التربوية والاجتماعية من جهة , وأن تراعي خصائص الطفولة ، وأن تلبي احتياجات الطفل المختلفة / العقلية - الثقافية - السلوكية / من جهة أخرى ، حتى تتمكَّن بشكل أفضل من إثراء وجدانه ، وأقدر على إثارة تفكيره ، وإرواء ظمأه للمعرفة والاكتشاف بما تحمله من مواد . ومن ثم لا بدَّ أن تكون المجلة "متنوِّعة" بكل ما تحمله الكلمة من معنى ، فالتنوّع هو روح مجلة الأطفال ، وأهم مقتضيات تجدُّدها ؛ لأنها بذلك تتنقل بالطفل بين المعلومة والقصة والمادة الطريفة ، وتعرِّفه بأماكن لم يرها ، وأخبارلم يسمع بها ، وتُمتعه وتُرفِّه عنه من خلال اللعب الذي يحمل التنوّع منه القدر الكثير ، ثم أن تكون المجلة قادرة على متابعة الأخبار ، ورصد الحديث منها .
كما ولا يجب أن نغفل عن الاهتمام بالرسوم الملوَّنة والعناوين وبالألوان وحجم الحروف في المجلة ، وعن تكامل المواضيع وانسجامها مع بعضها البعض ، وعن العناية بإخراجها وطباعتها ونوعية ورقها أي / القالب أو الإخراج الفني للمجلة / الذي يعدُّ الوعاء الذي يحوي بداخله جميع محتويات المجلة , فالطفل يمتلك المقدرة الفطرية لاصطفاء الجمال ، ويحمل حسَّاً تذوّقياً رفيعاً في تمييز الحَسن من الرديء ، ويستطيع ببديهته المرهفة معرفة الجميل من القبيح ، فإما أن ينفر وينأى عن المجلة ، أو أن ينجذب وترتاح لها نفسه .
وفيما يخصُّ صحافة الأطفال لدى الكرد فإن هذا النوع من أنواع أدب الأطفال لا يزال قاصراً متأخراً ، ولم تستطع التجارب النادرة التي لم تستمر طويلاً ، أن تبلور منهجاً خاصاً بها لدى الكرد في سوريا ، للأسباب ذاتها التي أدَّت إلى تأخّر هذا الأدب عموماً ، بالإضافة إلى قلّة العاملين والباحثين في حقله ، وحداثة هذا النوع نسبيّاً .
وحتى يتسنى لنا الإطِّلاع بالقدر الممكن ، كان لابدَّ من تسليط الضوء على البدايات حيث كان من الصعوبة بمكان وجود صحافة خاصة بالطفل موازية لصحافة الكبار إلا أن بعض المجلات حافظت ؛ ومنذ بدايتها على احتواء نماذج متميَّزة - قياساً مع تاريخ الفترة التي كانت تصدر فيها - خصَّت الطفل , وقُدمت له بمختلف الأنواع الأدبية , وكانت مجلة "هوار / الاستغاثة" التي استحقت وبجدارة لقب - المجلة الشاملة - السبّاقة في هذا المضمار ، حيث أن الكثير من أعدادها الـ / 57 / والتي صدرت بين عامي / 1932 - 1943 / لم تخلُ من مواد موجَّهة للطفل ، وحافظت بشكل دوري على تخصيص مساحة للأطفال على صفحاتها .
وبعرض لمجمل تلك المساحات في أعداد المجلة ، نستطيع القول بأنها نشرت حوالي ( 13 ) قصة و (11) قصيدة , تناوب في كتابتها العديد من الأدباء الكرد وإليكم ذلك العرض : - / العدد الأول / الذي صدر في / 15 أيار سنة 1932 / : نُشر فيه قصيدة لـ : " " mîr Celadet bedir xan / للأمير "جلادت عالي بدرخان" بعنوان " Buhar / الربيع " ص / 4 / .
- / العدد الثاني / الصادر في / 1 حزيران سنة 1932 / : تم نشر قصيدة أخرى لـ : "جلادت" تحت عنوان " Tola Welat / ثأر الوطن" ص / 2 / , وقصة بعنوان " Du Mêrxas / البطلان " للدكتورKamîran 'alî bedir xan" / كاميران عالي بدرخان" ص / 5 / .
- / العدد الثالث / في / 15 حزيران سنة 32 / : قصيدة " Şeva We Xweş / ليلتكم سعيدة " للكاتب نفسه
- / العدد الرابع / في / 3 تموز سنة 1932 / : تبدأ المجلة بشرح بعض المفردات الكردية ، وتوضيح معانيها
- / العدد الخامس / في / 20 تموز سنة 1932 / : نشر جلادت قصيدة " Delaliya Zarwan / رقة الأطفال لوالده " Emîn 'alî bedir xan/ أمين عالي بدرخان" , كما نشر قصيدته " Lorya Bedirxan / لوريا بدرخان " .
- ابتداءً من / العدد السادس / الصادر في / 8 آب سنة 1932 / تبدأ / هوار / بنشر قصص الأطفال القصيرة بكثافة , فنجد فيه القصص : " Mar û Mirov/ الأفعى والإنسان " و " Dîk û Rovî/ الديك والثعلب " للأمير "جلادت" باسم " Çîrok Bêj / القاص " ، وقصيدة لـ" Qedrî can / قدري جان" يحاور فيها قصيدة "لوريا بدرخان" .
- / العدد التاسع / الصادر في / 30 أيلول سنة 1932 / : قصة " Mîr û Mar/ الأمير والأفعى " لجلادت كتبها باسم " Koçerê Botan " .
- / العدد العاشر / في / 23 تشرين الأول 1932 / : قصة " Mîr û Kund / الأمير والبوم " للأمير "جلادت" بالاسم ذاته , كما تفتح المجلة في هذا العدد باباً جديداً لليافعين باسم " Stûna Giştiyan ".
- / العدد الثاني عشر / في / 27 تشرين الثاني 1932 / نجد القصص : " Kew û Qitik / الحجل وطائر الفرّي " لـ " Mistefa ehmed botî / مصطفى أحمد بوطي " ، وقصة " Ker û Gur û Rovî/ الحمار والذئب والثعلب " لم تدوَّن بأيِّ اسم - في الغالب هي لـ "جلادت" - وقصة " Heyv û Stêr / القمر والنجوم " للدكتور "كاميران بدرخان" .
- / العدد الخامس عشر / في / 23 كانون الثاني سنة 1933 / : قصة " Keroşk û Kosî / الأرنب والسلحفاة " للكاتب Bekrî qotreş" / بكري قوطرش" ص / 4 / .
- / العدد الثامن عشر / الصادر في / 27 آذار سنة 1933 / : قصة " Şêr û Gayê Zer / الأسد والثور الأصفر " لـ "مصطفى أحمد البوطي" .
- / العدد الرابع والعشرون / في / 1 نيسان 1934 / : " Çûk û Fîl/ العصفور والفيل " للكاتب ذاته ص / 8 / .
- / العدد الثامن والعشرون / 15 أيار سنة 1941 / نجد : قصة " Şivan û Beran/ الراعي والكبش " لـ " Çiyayê Agirî " من أسماء جلادت بدرخان ص / 6 - 7 /
- / العدد التاسع والعشرون / الصادر بتاريخ / 10 حزيران سنة 1941 / : قصيدة " Rovî yê Jîr / الثعلب الذكي " لـ :" Osman sebrî / أوصمان صبري" ص / 8 /
- / العدد الواحد والثلاثون / ، الصادر في / 1 آب سنة 1941 / : قصيدة أخرى لـ " أوصمان صبري" بعنوان " Dîk û Rovî / الديك والثعلب " ص / 5 / .
- / العدد التاسع والأربعون / في / 15 أيلول 1942 / : ثلاث قصائد لـ " أوصمان صبري" وهي " Dibistan / المدرسة , Buhar / الربيع , Tevdîra Mişkan / خطة الفئران " .
- / العدد الواحد والخمسون / في / 15 تشرين الثاني 1942 / : قصة " Mîr û Nîçirvan / الأمير والصياد " لـ Mihemed emîn silêman" / محمد أمين سليمان" ص/ 2 / .
- / العدد الثاني والخمسون / ، / 20 شباط سنة 1943 / : قصيدة " Rovî yê Kerr / الثعلب الأطرش " لـ "أوصمان صبري" ص / 10 / .
ومن الممكن أن تكون مجلات أخرى حذت حذو " Hewar " في تقديمها نماذجاً من أدب الأطفال , إلا أنها لم تبلغ المرتبة التي بلغتها في هذا المجال .
*********************

(4) بمناسبة عيد الصحافة الكردية
جمعة خزيم
حينَ تَجف الأقلام وُترفع الصحف
الجانب الثقافيّ لأيّ أمّة من الأمم له أهمّيّة بالغة إذ أنّه هو الذي يرسم مكانة الأمّة وقيمتها الحقيقيّة وهذا يعني بالضرورة نشاط علمائها وأدبائها.
نعتقد أن العمل في أي مجال يبدع فيه الإنسان يكون صعباً ,إلا أن الاستمرار في العطاء هو الأصعب من بين تلك المجالات ,ولو حاولنا أن نتعرض إلى الوضع الثقافي الكردي لوجدنا أن هناك العديد من الأقلام التي برزت في فترة من الفترات وتوقعنا لها الاستمرارية في العطاء والإنتاج الأدبي والثقافي لكنها خيبت الآمال , خاصة وأن من بينها من كان متميزاً وموهوبا , يفرض علينا متابعة ما تجود به قريحته المبدعة لكن تمر فترة طويلة نسبياً دون أن نرى نتاجهم , وكنوع من إيجاد العذر لهم نقنع أنفسنا بأنهم يعدون أنتاجا جديدا , لكن تمر سنة أو أكثر دون أن نرى شيء , فتصيبنا خيبة الأمل وتصل إلى ما يشبه القناعة بأن مرحلة إنتاجهم الثقافي كانت مرحلة مؤقتة , قصيرة ولن تعود من جديد وهي قناعة لا نريدها أن تتكرس في أذهاننا على أي حال .
وفي محاولة لمعرفة الأسباب الحقيقية التي تحول دون نشر الإنتاج الثقافي والأدبي لهؤلاء بالرغم من توفر الفرص سواء في الصحف اليومية والدوريات المتخصصة , نجد أن البعض طحنتهم عجلة الحياة اليومية , وآخرين صاروا صرعى الإحباط واليأس والشرود مما يؤكد على وجود أزمة حقيقية يمر بها العديد من الكتاب والمثقفين وهي إحدى التعبيرات التي تمر بها المنطقة من أزمة خانقة على كافة الأصعدة وخاصة الصعيد الثقافي , الذي يتطلب فسحة كبيرة من الحرية والمواجهة دون أن يفهم من ذلك عدم وجود من يعمل في مجاله في ظل الأزمة من أجل الثبات والبقاء وممارسة الدور الحقيقي للمثقف والكاتب .
أن اختفاء العديد ممن يفترض تواجدهم على الساحة الثقافية قضية ثقافية وخسارة فادحة والاهم أنها باختصار تشكل نماذج تزرع اليأس والإحباط لدى قطاع كبير ممن يخوضون حقول الثقافة والفن والأدب من الجيل الجديد وفي مجتمع تصبح الحاجة ماسة لكل فرد منتج وخاصة في المجال الثقافي والإعلامي المستنير , في حين نجد إن من يقوم بمحاولة جر عربة التقدم للخلف كثيرون ومنتشرون في كل الزوايا وما أن تطرح القضايا المصيرية للمناقشة حتى تجد أقلامهم الجاهزة المنحرفة والمجرفة وراء مصالحهم الشخصية وقناعا تهم الذاتية تتصدى للرد وبشتى الوسائل .
كان من المتوقع أن يزداد عدد المهتمين بالشأن العام الكردي في مجال الثقافة وخاصة بعد أن ازدادت المنابر الإعلامية والفضائيات والمواقع الالكترونية المختلفة إلا أن الواقع يخالف هذا التوقع , ويطرح تساؤلات عديدة : أهو عجز في الإنتاج أم هروب إلى الذات ؟ نتيجة تفشي الذاتية والتقوقع على الهموم الفردية دون النظر في الهموم العامة وإنكار الذات في سبيل الجموع .ومن الواضح أن من اخطر الأمراض التي أصابت مجتمعنا الاستهلاكي مرض الذاتية وتفشي الفردية ويرى الكثيرون أن الأوان قد جاء لتجف الأقلام ولترتاح العقول , وتغيب في إجازة طويلة مستخدمة حجج واهية تحاول من خلالها أن تقنع نفسها , وهي أضعف من أن تكون مقنعة وبالتالي فالسبب الحقيقي واضح ومكشوف , فمن لا يمتلك البوصلة لا يمكن أن يستمر في الإبحار لأعماق تتطلب معرفة البحر والزمن والهدف وكذلك الجلد والصبر والتغلب على الهموم الذاتية .
رغم ذلك فإن الفرصة مازالت متاحة لأولئك الذين ما زالوا يبحثون عن ذاتهم في خضم الأمواج العاتية حيث لا منقذ لعذاباتهم الذاتية سوى الانخراط في الهم العام والمساهمة مع الآخرين في سبيل وضع لبنة للبناء الصلب الراسخ للجميع وإلا فإن سبيل الخلاص الفردي طريق مسدود.
*****************
ابراهيم بركات
لا أبوح سراً حين أقول، بأنني لم أستثغ يوماً الكتابة الأنترنيتية ، فلم أكن يوماً عبداً لتكنولوجيا، وعلاقتي بهذا العالم الافتراضي على سعته {الإنترنيت} لا تتعدى بضع دقائق يومياً أتصفح خلالها ما يعنيني ضمن حدود حاجتي ، وهنا لست بصدد أي هجوم أو تهكم على كل من يكتب أو يمارس الكتابة عبر الانترنيت، فلكل كاتب خياراته وقناعاته .
وهذا لا يعني انعدام الجدوى والفائدة من الانترنيت، بل على العكس فتخطي الحدود والحواجز والتواصل والتفاعل كان سيبقى عصياً في مواجهة الموانع والرقابات ، لولا هذه الثورة والفورة في عالم الاتصالات وتقنيات التواصل .
لكن أنا حقاً من أشد المتعصبين للصحافة المكتوبة وللكتاب المطبوع ، حيث استمتاع البصر والبصيرة ، وملامسة روحية الكلمة بكل معانيها ودلالاتها وفلواتها، فمهما تطورت وسائل العلم والاتصالات وتقنياتها الألكترونية ،يبقى الكتاب سفر الإنسان الخالد .
والصحافة المكتوبة، كإحدى أهم وسائل الأعلام الحديثة، كونها الشريان الرئيسي في إي مجتمع كان ، ينبغي أن تتوفر لها شروط دمومتها وأستمراريتها ، كي تلعب الدور المنوط بها، وتدرك المسؤولية الملقاة على عاتقها بحرفية أخلاقية لامتناهية في هذا العالم المتغير، وأول تلك الشروط ألغاء الرقابة عليها، سوى رقابة ضمير الكاتب ذاته وموضوعيته ومصداقيته. وكذلك رفع الحدود والحواجز أمام الصحافة والكتاب المطبوع، كي تتسنى لها لعب دورها وجدواها في رفع سوية المجتمع ثقافة ووعياً ، عبر الكلمة المكتوبة والمطبوعة حرصاً على الذاكرة وأرثها المتراكم .
في مقاربة غير متكافئة ، بل ربما مفارقة تدعو للاستغراب
أتساءل :
ماذا لو كان الانترنيت متاحاً في عصر أحمد خاني وملا جزيري والحقب التي تلت عصرهما ......؟
هل كنا سنمتلك ذات التراث المتراكم ، وبذات الزخم كانت ذاكرتنا طافحة بإرثها التاريخي .....؟؟
بين تيه الافتراض ووهج الحقيقة والذاكرة ، يبدو المشهد الثقافي والسياسي بكل حراكه من مدٍ وجزر وبكل ما تحتويه من الإشكالية والالتباس على أرضية هشة ، كون الانترنيت لا يمكنه أن يكون الحامل لذاكرة شعباً بكل موروثها الشعبي والثقافي والسياسي .
ولا أتصور بأن ما يُكتب اليوم { على الانترنيت} سيُقرأ بعد نصف قرن على أنه تراث ، هذا إذا ما بقي شيء مما يكتب اليوم إلى ذلك التاريخ .
*********************
(6) في الذكرى الحادية عشرة بعد المئة على صدور أول جريدة كردية
إنّ الخوضَ في الصحافة الكردية- المدونة بالكردية- في سوريا، موضوعٌ شائكٌ من عدة نواح، وإذا ما سردنا منذ البدايات التي بدأتْ مع مجلة هاوار للمرحوم جلادت بدرخان وإلى يومنا الحالي. نجد الهوة بين أيام هاوار وأيام كلستان مثلا كمجلة كان يصدرها الشاعر الكردي الكبير جكرخوين، ولازالتْ تصدر من لدن رفاق دربه في القامشلي.
نعم، أيام هاوار – هاوار المرخصة من قبل الحكومة السورية وقتذاك*- والتي تعد مرجعا للعديد من الصحف الصادرة الآن، ولكنْ للأسف قلدتْ شكلا، لامضمونا. وللأسف الشديد وإلى الآن لم يتسنَ لي وعلى حد علمي للعديد من أصدقائي من الاضطلاع على أغلب أعداد هذه الجريدة الغنية بكتابها ومقالاتها ولغتها الرصينة.
ولنتخطَ مرحلة هاوار فأغلبنا يعرفُ تاريخها وكتابها ودورها في الوسط الكردي السوري حينذاك. ونصل إلى أيام كلستان والتي بدأتْ بالصدور سنة 1968 من قبل الشاعر المرحوم جكرخوين، الذي أصدرها رغم كلِّ الظروف الصعبة آنذاك . وكما أسلفتُ لازالتْ هذه المجلة تتابع مشوارها الكردي بنفس النسقية، وإنْ تطورت من الناحية الإخراجية وتراجعت من ناحية إصدارها الدوري لأسباب معلومة من جميعنا. وهذه الأسباب المعلومة تفتح بدورها الطريق إلى الموضوع الشائك الذي أشرت إليه.
فسوريا، الغنية بقاطنيها من عرب وكرد وأرمن وآشوريين وشراكسة، تعدُّ بالفعل فسيفساء جميلة بهذه المكونات والثقافات التي تطلُّ على بعضها إنْ لم تكن قد تأثرتْ إلى حد بعيد ببعضها البعض، والتي تغني أولا وآخرا هذا البلد الغني بمكوناته.
وإذا ما سلطنا بعض الضوء على حال الثقافة الكردية في سوريا، نجدها عاشتْ انتعاشا ملحوظا في الأربعينات والخمسينات من القرن المنصرم، كما أنها قامتْ بقفزة نوعية في أواسط الثمانينات والتسعينات أيضا، وكانت المجلات الكردية تصدر بشكل شبه علني حينذاك*.
أما الآن فبات الخوفُ سمة لهذا النشاط، وهذا الخوفُ نابعٌ من الضغط المكثف من قبل الجهات الشوفينية على هذه المجلات ، مما أدى إلى توقف العديد من هذه المجلات عن الصدور، وبعضها الآخر أجهضتْ محاولاتها، والبعض لم يتسنَ لها رؤية النور إلا من خلال عددين أو ثلاثة، كما أدى هذا الضغط إلى هجرة الكثير من الأقلام المبدعة إلى خارج الوطن، الذين يعدون بحق خسارة لمجتمعنا.
وبهذه المناسبة أنحني إجلالا لروح المرحوم والصحفي المعلم مقداد مدحت بدرخان صاحب جريدة كردستان، ولأقربائه من البدرخانيين الذين قدموا الكثير في هذا المجال لشعبهم وقضية أمتهم.
……………………………….
* جريدة الديمقراطي – العدد 523 – أوائل آذار 2009
* مجلة كولستان – افتتاحية العدد : سلمان حسو- العدد 37 – 2008 ( في عام 1992 انعقدتْ جلسة بين الأستاذ عبد الحميد درويش والأستاذ كمال درويش مع وزيرالاعلام السوري محمد سلمان. حيث كانت المطالبة منهم بترخيص مجلة كردية في سوريا. فكان ردُّ وزير الإعلام: نحن لا نعطي التراخيص لأيِّ منشور حتى باللغة العربية، ولكننا متى منعنا إصدار مجلات كردية.؟)- مترجم من الكردية.
*********************

حواس محمود
– الواقع والمأمول .
تلعبُ الصحافة دورا بارزا ومؤثرا في الحراك السياسي والاجتماعي والثقافي ، الصحافة هي الرقيب الرصين على مجريات الأحداث في المجالات كافة ،ولذلك سميت ب "السلطة الرابعة " ، والصحافة في يومنا الراهن صحافة مقروءة هي الصحافة المطبوعة أو الورقية ،وصحافة الكترونية هي الصحافة المرئية أو الإنترنيتية عبر المواقع والمنتديات والمدونات الانترنيتية
وهنا لا بد من الاشارة الى أن صحيفة كردستان هي الصحيفة الكردية الأولى التي صدرت في القاهرة عام 1898 وكانت بتحرير مقداد مدحت بدرخان إذ ينتمي لعائلة البدرخانيين المعروفة .
وتمَّ اصدارُ العديد من أعداد الصحيفة لغاية عام 1902 م
وبالنسبة للشعب الكردي يهمه جدا وجودُ صحافة تتناول واقع وهموم الشعب وثقافته وتراثه الذي تعرض ويتعرض للتشويه والتحريف والسرقة
والقرصنة والتجاهل ، فالصحافة تقوم بدور التنوير والتثقيف والتوعية وتبيان الفلكلور والتراث والحفاظ عليهما ، وتسليط الأضواء على الواقع الاجتماعي والسياسي والاقتصادي والثقافي، والتركيز على نقاط الخلل والخطأ ووضع الحلول والعلاجات الناجعة ، من أجل النهوض بالعملية الثقافية وبالتالي بالعملية الحضارية ، للارتقاء الى مستوى الشعوب المتحررة والمتقدمة في العالم ، والصحافة بالاضافة الى تسليطها الأضواء على الفلكلور والتراث تقوم بعملية متابعة النتاجات الحديثة – الاصدارات الحديثة – في مجال الأدب ( شعر- قصة – مسرح - ) وفي مجال الفكر ( الفلسفة – الأيديولوجيا – السياسة ) والصحافة تعطي لوحة واقعية عن مسيرة الثقافة الكردية محليا واقليميا ودوليا
وليس خافيا على أحد أن الصحافة الكردية في سوريا تعاني العديد من المشاكل والعوائق التي تعترض سبيلها ، ويعود سبب ذلك إلى عدم وجود صحافة مرخصة ، ولا يوجد دعم مؤسسي ومالي لها ، وكل المحاولات والجهود السابقة كانت جهودا فردية وحزبية افتقرت للتطوير الشكلي والمضموني وغياب رقعة القراء ، ولذلك وجدناها تنقطع ولا تستمر في الإصدار، لكن الصحافة الالكترونية بدأت تأخذ الأضواء وتقوم بنشر النتاجات العديدة في غياب الرقابة الرسمية عليها ، لكن هذه الصحافة تحتاج للصقل والرصانة والتأصيل، إذ يجب تخليص هذه الصحافة من الحالة الفوضوية الزائدة في النشر ، فهي من ناحية تتيح النشر لمن لم يستطع النشر في الصحافة الورقية ولكن من اللافت للنظر هذه الفوضى واللامسؤولية في النشر إلى حد الوصول إلى المهاترات الثقافية والسياسية وذلك بعيدا عن المسؤولية الكتابية ، لذا فإن الواجب يتطلب منا اقتراح ضرورة وجود هيئة للنشر في كل موقع انترنيتي مهمتها نشر الجيد واهمال الرديئ من النتاجات والمساهمات الواردة انترنيتيا.
**************
داريوس داري
كان من المفترض أنْ اكتبَ هذه المقالة باللغة الكردية , ولكنْ للأسف الشديد لا أستطيعُ الكتابة بلغتي الأم بما فيه الكفاية وهذا تقصيرٌ من صحافتنا الكردية , و(حيونة) مني ليس إلا , نحتفلُ هذه الأيام بمرور 111 عام على ميلاد أول صحيفة كردية , على يد مقداد بدرخان في عاصمة الفراعنة , عندما نكتب عن الصحافة بشكل عام فلا بدَّ أنْ نعي بعقلية الكاتب المبتدأ , أننا نكتبُ عن قضية لو أشبعناها بحثا , فإننا لن نصل لمبتغانا إلى أخر كلمة , لقد أصبح العالمُ اليوم قرية صغيرة , حيث تتواصلُ المجتمعاتُ ذاتُ الثقافات والحضارات المختلفة , معتمدة على بعضها البعض , لم يعد الإنسانُ مواطنا في مجتمعه المحلي الضيق , بل هو مواطنٌ في مجتمع دولي واسع الأفق , وأصبحَ يعيشُ في عصر سريع التطور , سريع المتبدلات التي لا يمكن اللحاق بها , مما يتطلبُ مهارات في تلقي المعلومات بالسرعة المطلوبة , تساعده على العيش في زمن الانترنت , من هنا ننادي بضرورة طرح مقرر في الثقافة الكونية , يساعد الكلّ على فهم العالم كمجموعة من النظم البشرية المتكاملة المتصلة والمعتمدة على بعضها البعض , للتعرف على ثقافة وعادات الشعوب الأخرى والاستفادة من تجاربها المختلفة , كيف يمكنُ أنْ نكسبَ ودّ الصحافة ونستفيد من ثمارها وعطاياها , عندما نسمع بأنَّ شخصا ما ناجحٌ في مهنته حتى لو لم يكن مختصا أكاديميا في مهنة الصحافة , إلا أنه يمتلكُ الخبرة والموهبة , ولا يؤجل عمله إلى أجل غير مُسمى , ولا ينفش ريشه ليستر به خواءه الأجوف , كالبعض ممن يبحثون عن سرّ نجاح الآخرين وأكثرهم يشككون بقدراته العلمية والمهنية , كونه لا يمتلك اختصاصا أكاديميا , وعندما لا يرون بالمجهر أيّ خطا لغوي في أعماله الكتابية , تماما مثلما يفعل شرطي المرور يبحث عن مخالفة بأي شكل كانت حتى لو اضطر إلى خلقها خلقا , فمهما كان السائق غير مخالف لقواعد السير إلا أنّ الشرطي يلصق به مخالفة تحت أية ذريعة , هؤلاء أيضا لا شغل لهم غير البحث عن هفوات الآخرين حتى يطعنوا فيها ليبينوا أنّ غيرهم غيرُ جدير بالعمل الصحفي , أما بالنسبة للأقلام فيا حبذا لو يعلم أصحابها , ممن لديهم ضميرٌ حيٌّ ينبض بالأخلاق المهنية العالية والروح الرياضية النقية , أنْ يعلموا أنَّ حمل القلم يعتبر أمانة في عنق الكاتب فيحملها بمنتهى الجدية , لأنّ الكلمة التي يكتبها تصل إلى آلاف الناس وتؤثر في وعيهم ومداركهم ومواقفهم من الأحداث , وبالتالي أنْ يلتزم في كتاباته بشعار واحد وهو الكتابة من أجل منفعة عامة والتي لم تغب عن ذهن والدنا الأول المغفور له مقداد بدرخان طيب الله ذكره وعطر ثراه .
الخلاصة هي أنْ يكونَ الصحفي مخلصا لرسالته مؤمنا بواجبه متفانيا في عمله و إلا ما هي فائدة عمل الصحفي إنْ لم ينقل الخبر كما هو على الواقع دون إخفاء الحقائق والوقائع , حتى تكون المعلومة في خدمة قضية الشعب والمصلحة العليا لمجتمعه , وبهذه المناسبة الجليلة أبارك كلَّ المخلصين ممن اتخذ طريقَ بدرخان سبيلا إلى خدمة شعبه ’ وشكر لكم على سعة صدركم لمطالعة مهاتراتي الخفيفة هذه , وأمنيتي أنْ نشهد قريبا تلك الساعة التي ننعمُ فيها بالحرية والمحبة ودمتم .
********************
(14 )(حكي جرائد)

فدوى كيلاني
لعلّ من أبرز عطاءات الثورة المعلوماتية، هي ما نشهده اليوم من صحافة إلكترونية ، باتتْ تستقطبُ الملايين من القراء من كافة أنحاء المعمورة، حيث اعتبرتْ بدورها ثورة كبرى على الصحافة التقليدية التي كانتْ تحتاجُ إلى وقت قد يطولُ حتى يتمّ إيصالُ الخبر إلى متلقيه.
وإذا كانت الصحافة الالكترونية قد استطاعتْ كسر الرقابات – عالمياً- وباتتْ تشكلُ خطراً كبيراً على آلة القمع ، أية كانتْ، حيث صار كما قال أحدُ الكتاب بإمكان كاتب ، أينما كان أنْ يتحول إلى محرر ، ورئيس تحرير ، ومدير عام في لحظة واحدة ، ولا يحتاج- بحسب قوله – إلا أنْ يضغط على الكيبورد كي تقرأ مقالته عالميا ً ، من قبل الملايين في لحظة واحدة ، بعد أنْ يفرغ منها كاتبها بثوان.
ومن هنا ، فإن الصحافة الالكترونية ، باتتْ تشكلُ عنصرَ خوف وهلع وذعر لدى قوى الشر في العالم ، أينما كانت ، خاصة بعد استشراء الكتابة بالأسماء المستعارة التي تشكل لغطا ً كبيراً بين مدافع عنها في ظلِّ آلة الخوف ، ومدين لها ، لما يمكن لها من أنْ تلعبَ دوراً تلفيقياً في أكثر الحالات وتذهب في غير المنحى الذي قد يمنحها بعض الشرعية في ظل الحالة اللاديمقراطية .
ولعلَّ الكردَ من الأوائل الذين استفادوا من الصحافة الالكترونية ، بحسب صحفي كردي سماها السلطة الأولى بالنسبة إلى الكرد ، حيث صار للكرد كلمة تُسمعُ ، وصارتْ آراؤهم ومواقفهم يتمُّ الحديثُ عنها بل أنه صار لصحافتهم وزنها الكبيرُ في ميزان الصحافة الالكترونية ، خصوصاً وأنه بمقدور أيِّ شخص أنْ يطلق موقعه الشخصي من خلال جهاز كمبيوتره ، ولقد تمَّ الحديثُ عن أسرة كردية كان لأبنائها بضعة مواقع الكترونية متنوعة تتدرجُ بين الطفلية منها ، فالأدبية ، فالسياسية .
لا أريدُ أنْ أستزيد خلال مساهمتي هذه ، بل أدعو الاخوة الكتاب الكرد أنْ يؤسسوا لأخلاقيات معينة في عالم الصحافة الالكترونية ، ويتبنوا" ميثاق الشرف " في هذه الصحافة المهمة ، ويبتعدوا عن تبادل الإساءات ، ولعلَّ في بالنا جميعاً أسماء هؤلاء الذين استخدموا هذه الصحافة بشكل خاطىء ، وأساؤوا لغيرهم ، فخسروا الكثير ، وباتتْ أصواتهم تتلاشى ، وحضورهم يلفه النسيانُ، وهم بهذا أساؤوا لأنفسهم ، قبل غيرهم.
تحية أرفعها للصحفيين الكرد، أينما كانوا ـ لأنهم لعبوا دوراً مهما ً ، إنه دورٌ لا يُنسى ، وثمة محطاتٌ خطيرة أكد قلة من أبطال الصحافة الكردية دورهم الكبير ، فكانوا بمثابة جيش عرمرم ، بل أحزاب كاملة، ناضلوا بكلِّ شرف وتفان.
*********************
(16) لهم فاتنتهم ولنا فاتنـــــــــة .....أسماها أميرها كوردستان

حسن برو
ربما يبدو غريباً هذا العنوان بعض الشيء .....ولكن دعونا من العنوان لندخل في الموضوع الصحافة الكردية والتي أنشئت في القاهرة كما يكتب معظم الكتاب الكرد باسم (كردستان في عام 1898) في الثاني والعشرين من نيسان ....وهذه العادة أصبحت دارجة لنحتفل بها كل عام ،ونمتشق أقلامنا ونحاول أن نتذكر بها صاحب الجريدة مقداد مدحت بدرخان (سليل العائلة البدرخانية في جزيرة بوطان ....وأصحاب البصمة في التاريخ الكردية...... من حيث الأصالة ومقاومة العثمانيين سواء ...أكانوا كتاباً أو قواداً وأمراءً ) ر بما من السهل الكتابة الآن عن الصحافة الكردية ؟ لا يلزمك شيء سوى أن تكتب الصحافة الكردية على (النت) وتضغط على زر البحث ليظهر لك مئات الخيارات وحينها تكتب ماتريد كتابته ...........ولكن هل كانت الصحافة بهذا الشكل ؟ وهل كانت الظروف بهذه السهولة ؟ ولماذا بقيت الصحافة الكردية مرتبطة باسم العائلة البدرخانية لمدة طويلة من الزمن ؟ بينما كان الكثير من الأمراء الأغوات والبكوات الكرد أقل شئناً منهم لا يحاول الاقتراب من الشأن الكردي سواء أكان هذا الشأن متعلقاً بالصحافة .....أو بالسياسة ؟
إذاً كيف يمكننا أن نتكلم عن الصحافة الكردية .....إنّ الاقتراب من الصحافة الكردية الصادرة في أجزاء كردستان يلزمها الكثير من الاطلاع على مايصدر منها في الوقت الحالي ، فالأمور كثيراً ما تختلط بالحدود واللهجة المحكية (صوراني أوكرمانجي ) بالإضافة إلى أن ما يكتبه الكرد في العراق وإيران يختلف عما يكتبه الكرد في سورية وتركيا لذلك سأكتب بقدر المستطاع عن الكرد في سورية مسلطاً الضوء على بعض الجوانب التي أجدها من اللازم علينا الوقوف عندها : ويمكنني في هذا المضمار تسجيل مايلي على ماتعنيه الصحافة الكردية في سوريا :
1- من جانب السلطة:عدم الاعتراف بوجود الشعب الكردي كثاني قومية تعيش جنباً إلى جنب مع الشريك العربي والقوميات الأخرى ويترتب على ذلك الكثير أهمها (أ- عدم وجود اعتراف رسمي من قبل الحكومات المتعاقبة على الحكم باللغة الكردية كلغة سورية موجودة يمكن أن ترفد التراث السوري وتصنع حضارتها – علماً بأن – هناك أقسام في الجامعات السورية لـ( للفرنسية الذي كان استعماراً ......والكرد شركاء في المقاومة – والانكليزية ،وألمانية ،والفارسية والتركية .............وحتى العبرية ) ب- على كل ذلك يمنع طبع أي كتاب أو جريدة أومجلة باللغة الكردية في مطبعة كانت ومايصدر منها إلى الآن هي بجهود شخصية ....طبعاً ويعاقب النشطاء و المهتمين باللغة الكردية بالسجن في الكثير من الأحيان ت- عدم وجود أكاديميين أو جامعيين أكراد خريجي قسم الصحافة (يكتبون باللغة الكردية ) ومن تخرج من الصحافة يكتب باللغة العربية التي تعتبر مصدر رزق الكثيرين ث- ثمانين بالمئة من إصدارات الأحزاب الكردية تكون باللغة السائدة (العربية ) وما يصدر منها باللغة الكردية لا يتعدى في أحسن الأحوال الباقي أن أردنا أن نكون متفائلين .
ث- عدم وجود قراء أكراد إلا بنسبة قليلة جداً وتوجه الغالبية العظمى منهم للقراءة باللغة العربية (لأسباب (
1– سرعة الحصول على المعلومة 2ً- فهمه للغة العربية وعدم ضياعه بين المفردات والكلمات التي يضعها البعض من الكتاب الكرد لعدم وجود مجمع لغوي كردي يضع أسس وقواعد مشتركة للغة الكردية .
3- من جانبنا نحن : يمكن أن نسجل لأكراد سورية واحدة هي أكثر ايجابية من أي أمور كانت وحافظت على وجوده ولغته المستقلة بالرغم من تعرضها للمحاربة وهي ( الأمهات ......الأمهات الكرديات ...والتي بقيت إلى الآن تلقن أولادها بشتى أنواع المفردات الكردية التي تجعل الكثير من أولادنا لا يتعلمون العربية إلا بعد الذهاب إلى المدارس .....طبعاً يمكن للأخر أن يعتبر أن هذا الأمر سلبي من ناحية التعلم في المدارس .
ومن هنا أجد من الضروري عدم الاحتفال به ليوم واحد كعيد لولادة الصحافة الكردية وهو يوم 22 نيسان والذي يعتبر كما أسلفت يوماً فقط لميلاد صحيفة كردستان الصادرة في القاهرة .....وتخليداً لذكرى مصدرها (الأمير مقداد مدحت بدرخان ).. ....أما الأيام الباقية من العام فيجب علينا أن نحتفل في كل يوم بشكل من الأشكال ومنها : الاحتفال بمجموعة من الأكراد تعلموا الكردية بعد أن نسوها –الاحتفال بالكتاب والصحفيين الكرد الذين يستطيعون بناء جسور التواصل مع الأكراد في الأجزاء الأخرى ويبنون أواصر الأخوة مع الشعوب المتعايشة معها من )العرب والفرس والترك والأرمن ) كما فعل الأمير مقداد مدحت بدرخان حينما أصدر صحيفة كردستان والتي جذبت الكثير من القراء وقتها بالرغم من الظروف – ويمكن الاحتفال لأيام حينما نجد أصدقاء لنا يتعلمون لغتنا الكردية محبةً فينا ، ليحاول اكتشافنا من خلال التواصل .
كما يمكننا الاحتفال إذا صدرت مجلة أو صحيفة كردية واستمرت لعام بدون أن تتوقف .....ويمكننا الاحتفال أيضاً بمقال باللغة الكردية دون أن نستخدم (مفردات عربية أو تركية )
إذاً الأجوبة الممكنة على الأسئلة في المقدمة أتركها للسادة الكتاب بهذه المناسبة شكراً لكم سعة صدركم (لقراءتكم لهذا المقال) .
نبذة عن صحيفة كردستان: ( أول جريدة باللغة الكوردية باسم (كوردستان) صدرت في القاهرة من قبل السيد مقداد مدحت بدرخان بتاريخ 22 نيسان 1898. الأعداد/ 6 -9/ في جنيف سويسرا
و/ 20-22/ في القاهرة بمصرو العدد/ 24/ في لندن والأعداد/ 25-29/ في فولكستون
والعددين/30- 31/ في جنيف بسويسرا ثانية(من قبل كل من /مقداد وعبد الرحمن بك/
باستثناء الأعداد(10-12-17-18-19)فإن الباقي محفوظ في مكتبة –ماربورغ بألمانيا.
مجموع الأعداد وصلت اإلى /31/ عدداً استمرت في الصدور حتى عام 1902) .

الرأي العام في مواجهة الحكومة .
- تشكيل الرأي العام من خلال تقديم القضايا التي تهمه , وإعلام الحكومة عن اتجاهات الرأي العام .
- المشاركة في العملية السياسية من خلال تركيز الانتباه .
وإن من يقرأ شيئا عن مُعاناة الصحفيين مع ( حراس البوابة ) في تمرير مادة صحفية لا توافق هوى هؤلاء الحراس .
إن من يقرأ بعضاً من هذه الأشياء , سيراجع نفسه ألف ألف مرة , قبل أنْ يردد جملة ( حكي جرائد ) , ولكن هل نملك حقنا في انتقاد بعض القراء على هذا الرأي السلبي عن الصحافة ؟
هل نلاحظ بأنّ عدد قراءات زاوية ( أنت والنجوم ) هي أضعاف أضعاف من قراءة ذكرى تاريخية مثلا ؟
إنّ القائم بعملية الاتصال يدرك تماما , بأنّ الاتصال لا ينجح بدون احتوائه على العناصر التالية :( المرسل , الرسالة , المتلقي , الوسيلة , التأثير , رجع الصدى ) , فإذا عرفنا بأنَّ ثورة الاتصالات قد يسّرت من تفعيل وتفاعل هذه العناصر , خاصة عنصر رجع الصدى , فما بال هؤلاء القائمين على الاتصال , لا يأخذون هذا العنصر بعين الاعتبار , ليغيّروا سياستهم التحريرية , ليكونوا أقرب إلى القراء منهم إلى الحكومة , وهل يدرك هؤلاء أنّ تحويل الإعلام إلى أداة دعائية ؟ , هو السبب الرئيسي في ظهور جملة ( كله حكي جرائد ) .
**************
(15) الصحافة الالكترونية

فرحات علي
" ريشيليو والكازيت " ليسا عاشقين كلاسيكيين في مجتمع ارستقراطي مخملي وسط أوربة كما هي الحال بالنسبة إلى " روميو وجولييت " .
أو مثل " مم وزين " أو " عبلة وعنترة " في شرقنا الباهت هذا ، بل إنهما أكثر من ذلك بكثير بحيث أضحى الاثنان معا رمزا واحدا يضاهي وقعه في الآذان ذلك العظيم " مارتن لوثر " بما يحمله من أحلام ، أو انه يرقى في معناه إلى ذلك الطبيب والإنسان والرمز " ارنستو تشي غيفارا " ا و " كاوا الحداد " وشعلته البشرى ليوم جديد أو أي شطر من روائع " ألخاني " و " بابلو نيرودا " .
وحقيقة الأمر إن " الكازيت " لم تولد إلا على يد ذلك العاشق " ريشيليو " في العام 1631 م ، وربما أنها قد تأخرت في ولادتها قرونا كثيرة فصلتها عن اختراع الأبجدية ، و سنين عديدة عن اختراع مكنات الطباعة التي ظهرت نتيجة الثورة الصناعية ، ولكن مهما يكن من أمر فان هذه الفرنسية الشقراء والتي اسماها " ريشيليو " بــ " الكازيت" تعتبر بحق باكورة الصحافة حول العالم .
وإذا كانت تلك الفاتنة الشقراء الباريسية ذات العينين الخضراوين بكر الصحافة العالمية فان لنا سمراء شرقية ممشوقة القد حسناء , عيناها كعيني المها ساحرة نحتفل بميلادها الـ 111 هذه الأيام اسماها أميرها الولهان " بدرخان " بـ " كوردستان " وهي ليست أقل جمالا وسحرا أو شانا من شقيقتها " الكازيت " إن لم تكن تفوقها في مفاتنها وإطلالتها لذا ترى العشاق من حولها كثر .
صحيح أن " الكازيت " سبقت حسناءنا " كوردستان " التي ولدت على يد الأمير " بدر خان " في وسط " القاهرة " عاصمة الثقافة والفن والإبداع على ضفاف النيل العظيم في العام 1898 م ، ولكن هذا الميلاد يعتبر حدثا بارزا وهاما بالنسبة للكورد إذا أخذنا بعين الاعتبار الوضع الكوردي وخصوصية قضيتهم و بذا تعتبر بحق ولادة " كوردستان " أكثر من مجرد حدث عادي ، بل إنها الثورة تماما على كل الصعد في المفهوم الثقافي والسياسي والاجتماعي .
و الصحيح أيضا أن هاتين الحسناوين ومعهما مئات و مئات من شقيقاتهما حول العالم ولدن من اجل المحبة والحياة والإنسان ومن أجل كلمة حرة تقال هنا في زمن الطغيان .
ولدن لتنقل تلك الكلمة إلى المشرقين حاملة معها الحب و السلام ، لتقرا بكل الأبجديات واللهجات بحروف تنير الأذهان .
ومن اجل التعبير عن رأي وفكر إنساني ومن اجل نقل كل الاكتشافات التاريخية والعلمية بكل صورها و في كل الاتجاهات دون المرور على عتبة السلطان .
في عيدك أيتها الحسناء " كوردستان " وردة حمراء إليك و أخرى للأمير بدرخان ......
******************
(17) يوم للصحافة والباقي للثرثرة ؟!

فائق اليوسف
عواصمُ عربية وغربية كثيرة احتضنت الشّتاتَ الكورديَّ ، كي تحتضن الحلم الكردي، والألم الكردي ، وتحظى بأنْ تكونَ مقارَّ ملائمة لإطلاق مشروع الصحافة الكوردية، ولعلَّ القاهرة تحديداً تُعدُّ "الانطلاقة" الأولى لهذه الصحافة، حيث ستصدرُ منها صحيفة الكورد الأولى "كوردستان" عام 1898 أي منذ مئة وأحدَ عشرَ عاماً من الآن ، على يد رائد الصحافة الكوردية "مقداد مدحت بدرخان"، وتميزت الصحيفة الكوردية آنذاك بالخطاب المعتدل، واهتمتْ بالجانب التربوي.
ثمة مَنْ يقولُ بأنَّ أعداداً سابقة أو تجريبية للصحيفة ذاتها، أصدرتْ في اسطنبول قبيل الانتقال للقاهرة بحسب قول السيدة "روشن بدرخان".
وإذا كانتْ عواملُ إصدار هذه الصحيفة تعود- كما هو واضحٌ - للضرورة وللظروف المحيطة بالساحة الكوردية ، والشرق الأوسط عامة، آنذاك ، فإنه يجوزُ الحديثُ عن صحافة اليوم ، بأنه بعد صراعٍ مريرٍ مع الاستعمار بشكليه : القديم والحديث "العثماني – الأوربي"، أدركَ الكوردُ بأنه ثمة مفاهيمُ ما في هذا العالم ستتغير، وأنَّ لغة البندقية والمدفعية ستكونُ مشينة ،ومحضَ استهزاء بالشعوب، ولابديل عن القلم، فحلبجة لن تتكررَ، في ظل المفاهيم الجديدة، والدور الفعّال للسلطة الرابعة، و لعله لو أدركَ مخططو جريمة حلبجة ما كان سيخلفُ جريمتهم تلك من استنكار كبير، وما تحظى به من اهتمام وسائل الإعلام "ولو في الوقت الراهن"، لامتنعوا عن اقترافها.
الصحافة الكوردية أخلاقية بإمتياز
انتهجت الصحافة الكوردية ومنذ مهدها الأول الجانب التعليمي والتربوي "الأخلاقي"، أي أنها كانتْ تستهدفُ لتوعية أمة، والسعي للعمل على إدراكه كنه ما يحيط به من ظروف، وإلى ضرورة التآخي مع الشعوب المجاورة والشريكة.
إنَّ الغلبة الظاهرة للجانب الأخلاقي على المهنية والحرفية لاتزال أحدَ معالم الصحافة الكوردية إلى اليوم، باستثناء التجربة الفريدة لكوردستان العراق، من حيث الهامشُ المتاحُ للصحافة الكوردية، فغدتْ أكثر مهنية.
لمحة عن واقع الصحافة الكوردية
استفادَ الصحافيون الكورد من المناخ السياسي السائد في كوردستان العراق، ودخولها عهد الحرية، وأيضا من قانون الصحافة الذي سنه المجلسُ الوطني في كوردستان العراق 22 نيسان 1998 بمناسبة الذكرى المئوية لعيد الصحافة الكوردية، كذلك القانون رقم "10" للعام 1993، كما تلقوا الدعمَ المباشر من الكاك مسعود البارزاني، الذي رفض منذ عامين من الآن التوقيعَ على اقتراح تقدّمَ به البرلمان الكوردستاني لتحديد مسؤوليات الصحافة، وتعريضهم للمساءلة القانونية.
أما في تركيا، فواقعُ الصحافة لا بأسَ به في ظل الهجمات الشعواء ضد القضية الكوردية، فصحيفة "Azadiya Welat" والتي تعمل بشكل علني وبرخصة تخولها للعمل، إلا أنها تتعرضُ لشتى أنواع المضايقات والرقابة من قبل الحكومة التركية، فآخرُ حادثة سجلتْ هي حرقُ السيارة التي تقلُّ مطبوعات الجريدة للأسواق، وثمة صحيفة أخرى تصدر باللغة التركية "Gndem" في اسطنبول.
وفي إيران منحت الحكومة الإيرانية هامشاً لا يكادُ يُذكرُ من الديمقراطية للكورد، فثمة إذاعاتٌ منها "راديو طهران" تبثُّ لمدة ساعة ونصف يومياً، إلا أنها في المقابل تجهشُ في حكمها على الصحافيين الكورد، وتنقضُّ على الصحفيين الكورد، وتفرضُ عليهم أحكاماً جائرة تتراوحُ ما بين المؤبد والإعدام، أو السجن لمدة تجاوز الخمسة عشر عاماً.
أما في سوريا، فقد كان دورُ الصحافة يقتصرُ على الأحزاب الكوردية من خلال إصدارها لنشراتٍ باللغتين الكوردية والعربية شهرية أو نصف شهرية، مع تطور ملحوظ ولفترة محدودة لصحيفة "الحزب اليساري الكوردي" ولاحقاً "آزادي" إلا أنَّ صحيفة هذا الحزب عادتْ لتطبع كنشرات، نظراً للمناخ السياسي العام.
ولقد صدرتْ في سوريا مجلاتٌ أدبية عديدة في سوريا كـ ""Gurzek Gul التي أسسها كلٌّ من عبد الباقي حسيني وكوني ره ش، وزانين التي أسسها كلٌّ من الكتاب سيامند إبراهيم وحفيظ عبد الرحمن وسلام داري وصلاح برواري ورشيد حسو، لتتالى صحف ومجلات أخرى، من بعدها، وإن كان بعضهم سيصدر مجلة من عدد واحد، ولا يستطيع الاستمرار.
ولقد كانتْ مجلة مواسم التي أطلقت تحت رعاية منظمة الحزب الشيوعي في الجزيرة و1992 وترأس تحريرها الكاتب والشاعر إبراهيم اليوسف، حافزاً لإصدار مجلات أدبية وحزبية ومستقلة من بعدها وخاصة : الحوار- أجراس، حيث قامتْ باحتضان إبداعات كوردية كثيرة، وإنْ تمت محاربتها حتى من قبل بعض المسؤولين في الحزب نفسه، من ضيقي الأفق، أو العدمييين، لأسباب معروفة ، ولا تُنكرمساندةُ قسم آخر منهم لها، و يتمُّ تجاهلُ دورها حين توثيق هذه الصحافة في سوريا، مع أنها مع الملتقى الأدبي كانت حاضنة لأسماء أدبية، صارت الآن كبيرة، منها مَنْ يعيشُ في الوطن، ومنها من هو خارج الوطن.
فمجلة مواسم خلقت تظاهرة ثقافية في الجزيرة وعموم سوريا، وكانت منبراً للكثير من المثقفين والأدباء، وقدمت كثير من الأسماء المبدعة واللامعة، في عالم الكتابة بفضل الجهود الحثيثة التي بذلها هيئة التحرير.
استمرتْ هيئة التحرير في نشر أعدادها الأخيرة على نفقتهم الخاصة، نتيجة خلافات مع الحزب الشيوعي السوري، وتوقفت بعد مدة قصيرة، ليقوم الحزب بالاستمرار في طباعة ثانية مستغلين أرشيف المجلة القديم، إلا أنها لم تحظ بالقدر العالي من القراء والتواصل..
وتطمحُ الهيئة الإدارية في إعادة إصدار المجلة، لكنْ في ظروف أكثر ملائمة..
ويأملُ الكورد في سوريا أنْ يعادَ النظر في مسوّدة قانون الأحزاب الذي لم يطلقْ بعد، و إصدار قانون مطبوعات عصري وألا يتمَّ تهميشهم، ليتمكنوا من تفعيل دورهم بشكلٍ علني، والمشاركة في المجالات الفعّالة في سوريا، وإصدار مطبوعاتهم دون قيد أو رقيب.
المواقع الالكترونية
تأقلمَ الكوردُ مع الثورة الرقمية العالمية، ولم يتوانوا في إنشاء منابرَ لهم على الشبكة العنكبوتية، فتعددت المواقعُ الالكترونية، وظهر على الساحة كتابٌ كثر، لم يتحْ لهم المجالُ من قبل في الظهور ، إلا أنّ كثيرين من بين الأسماء التي تظهر يومياً لا تتصفُ بالقدر العالي من الكفاءة والمؤهلات المطلوبة التي تخولهم للكتابة الجادة، وشاعتْ ظاهرة "الأسماء المستعارة"، التي تدفع الكاتب للكتابة دون مسؤولية ، في بعض الأحيان ، حيث تكثرُ الإساءاتُ المتبادلة ، والحملاتُ الظالمة على جهات وأشخاص، من بينهم بعضُ الشخصيات والكتاب والصحفيين، مستفيدة من واقع استشراس الرقابة ، فيما كثيرٌ من المواقع الالكترونية ترفعُ عن نشر ما يُرسلُ إليها من مهاترات، وهو ما باتَ جلياً للقارئ من خلال المتابعة للمواقع الالكترونية.
ويُذكرُ أنَّ هناك مواقعَ الكترونية أولى انطلقتْ في المهاجر ، و أولُ موقع كوردي الكتروني أُنشىء وأُدير من داخل سوريا كان "Keskesor" في العام 2001.
هل ستحتفلُ الصحافة العربية والعالمية بعيد الصحافة الكوردية
يُعدُّ هذا اليوم، يوماً وطنياً، وذا معانٍ عديدة لشعب يعتبر شريكاً أساسياً في الشرق الأوسط والمنطقة، شعبٌ أغنى الثقافة العربية، وأرفدها بكتاب وصحافيين وشخصيات كبيرة، وشارك بإسهمات في الصحف العالمية، إلا أنه لم يلق من الطرف الآخر أيَّ استحسان ، أو اهتمام.
لكنَّ السؤالَ: هل ستحتفلُ وتهنئ الصحافة العربية والعالمية، الشعبَ الكورديَّ، والصحافيَّ الكورديَّ بهذا اليوم في هذا العام؟ حيث أنَّ هذه الصحافة قد تجاوزتْ من حيث عظمة الدور الذي تؤديه عظمة أسطورة كاوى حداد ، لتكونَ السلطة الأولى لدى الكرد كما قال ذلك أحدُ الصحافيين الكرد .!
الصحافة الكوردية وأداؤها لرسالة نشر اللغة الكوردية
لمْ تلعب الصحافة الكوردية المطبوعة الدورَ المرجوَّ والمطلوبَ منها في أدائها لدورها الذي كان ينبغي أنْ تقومَ به وفقاً لتقديرات عالم الصحافة، ويكمنُ السببُ في تأثر الكورد - كلُّ على حدا - بثقافة منطقته من العربية والتركية والفارسية لأنَّ هذه اللغات كانتْ لغات الصحافة الرسمية والعلنية.
إلا أنَّ الصحافة الالكترونية كان لها دورٌ بالغُ الأثر والتأثير في الاهتمام والنشر باللغة الكوردية، فغدتْ مراكزَ ثقافية الكترونية، لما كانتْ تقومُ به من لمِ شملِ الكتاب الكورد من مختلف أصقاع الأرض..
مستقبلُ الصحافة الكوردية
تشيرُ كلُّ الدلائل بأنَّ حكومات بعض الدول في المنطقة تتجهُ صوبَ منحِ الكورد بعضَ الحريات، وحقهم في ممارسة عاداتهم والسماح بالتكلم بلغتهم الأم، بعد تجارب يائسة من قبلها ، لم ولن تؤديَ إلى نتائجَ قد تحيّد الكوردي عن قوميته وخصوصيته.
وهي في المرحلة الراهنة تهدفُ إلى إنشاء ودعم وجهات إعلامية تتماشى مع سياساتها وأهوائها، إلا أنها الخطوة الأولى في الاتجاه الصحيح، متغاضية النظرَ عمن سيلعنه التاريخُ متاجراً بالحقائق، ويسعى لتشويهها.
لذا سيتمتعُ الكوردُ بصحافة أكثرَ مهنية...
أو ستبقى كما حكم عليها التاريخُ ضحية للاغتراب، ولا أعتقدُ بأنّ هذا الأمرَ سيستمرُّ طويلاً.
*********************
(19 )الإعلام الموجّه
ضحية محاولات السيطرة عليه ( أيديولوجيا )

ماهين شيخاني
تعود ولادتها إلى عام 1898 حيث ظهرتْ أولُ جريدة كردية سياسية ( كردستان ) في القاهرة ولم تظهر في هذه الفترة المنظمات الاجتماعية السياسية الكبيرة ، إلا أنها شهدتْ بروز مجموعات وطنية صغيرة ومترقة وأضحت جريدة (( كردستان )) منبرا لها ولكلّ الأصوات الوطنية , إنّ أولَ مَنْ حرر هذه الجريدة هو مدحت بك بدر خان ( مقداد مدحت بك بدر خان ) وقد تولى إصدارها من بعده شقيقه عبد الرحمن بدر خان ولعوامل سياسية غيرت الجريدة مرارا مركز إصدارها فطبعت في جنيف وفولكستون ولندن ثم في اسطنبول تحت أشراف ثريا بدر خان
وانتقلت أثناء الحرب العالمية الأولى إلى القاهرة حيث أصبحت نصف شهرية ( صدرت الجريدة في 22 نيسان عام 1898 ودامت إلى 14 نيسان عام 1902 وبلغ مجموع أعدادها (31) عددا
من العدد (1-5) في القاهرة وترأس تحريرها مقداد مدحت بك بدر خان
من العدد (6-19) في جنيف .
من العدد (20-23) في القاهرة
العدد (24) في لندن
من العدد (25-29) في فولكستون – شمالي انكلتره .
من (30-31) في جنيف ، و ترأس تحرريها عبد الرحمن بك بد رخان.
وفي نهاية العقد الأخير من القرن التاسع عشر صدرت بعض الجرائد والمجلات الأخرى ، اجتازت جريدة ( كردستان ) ظروفا قاهرة تشكل السمة العامة لكل الصحافة الكردية الدورية ، فلم يتمتع المحررون بالحرية في كتاباتهم كما أنّ مخالفة أيديولوجية الطبقة الحاكمة للسلطة العثمانية ، والقيام بحملات دعائية مضادة اضطرت السلطة المستبدة إلى اتخاذ موقف المرونة في سياستها ، ولكنها راقبتْ بيقظة وارتياب الصحافة الكردية التي طرحت مسائل تغذية الوعي القومي وإنمائه .
لقد بذل المثقفون الأكراد قصارى جهودهم لصيانة ومضاعفة إصدارات الجرائد والمجلات الكردية ولكي يبرهنوا على ضرورة إصدارات الصحافة بلغات أخرى ، تذرعت هيئات التحرير بالحوافز الدينية في أغلب الأحيان وذهبت إلى أنّ الأكراد بما أنهم مسلمون أيضا أسوة بشعوب إسلامية أخرى فمن الأفضل أن تصدر المجلات والجرائد الكردية مثل (( كردستان )) 1898 (( كورد )) 1907 ، (( روزي كورد )) شمس الأكراد 1911 ، (( بانكي كردستان )) صوت كردستان 1913 باللغة التركية أيضا .
منذ أواسط العشرينيات عندما تجزأت كردستان بين حدود سياسية انتهت الصلات والعلاقة بين هيئات التحرير المركزية للصحافة الكردية ، وباتت الصحافة الكردية الدورية في تركيا ممنوعة بتاتا .
لم تكن الصحافة الكردية الدورية موجودة تقريبا في إيران في العشرينات ما عدا بعض الإصدارات المتطرفة للأحزاب والتجمعات الكردية السياسية الصادرة بصورة سرية ، وعندما اتسعت ونشطت الحركة القومية الكردية في مهاباد ،
ظهرت الصحافة الكردية الدورية ثانية في إيران خلال الحرب العالمية الثانية حيث صدرت في هذه الفترة في كردستان إيران بعض المجلات والجرائد الكردية ومن الضروري هنا التذكير قبل كل شيء بالمجلة الشهرية:
(( نيشتمانه )) الوطن - التي صدرت في مها باد باللغة الكردية وبالحروف العربية ، وصدر العدد الأول منها في حزيران عام 1943 والأخير في أيلول عام 1945 وكانت ( نيشتمانه ) لسان حال الحزب الكردي لبعث الأكراد .
(( خالا لا )) الوردة - بدأ إصدار هذه المجلة وفي 21 آذار عام 1946 لسان رابطة الشبيبة الكردستانية في مدينة بوكان ودامت هذه المجلة إلى حزيران من العام ذاته .
كما صدرت في التاريخ نفسه في مها باد مجلة :
(( هاواري نيشتمان )) صوت الوطن ، بالإضافة إلى مجلة :
(( عرو عالي منال )) تربية الأطفال ، التي رأت النور في العام ذاته وقد استمر صدور هاتين المجلتين المذكورتين طيلة فترة جمهورية مها باد الكردية .
وكانت الصحافة الكردية الدورية تصدر في العراق بصورة غير منتظمة وغالبا ما كانت تقف عن الصدور في فترات متقطعة من جراء مراقبة وملاحقة السلطة العراقية لها، ولم يسنح لها الدفاع بعلنية عن الطموحات القومية للشعب الكردي.
وقد أثر صدور المجلات والجرائد الكردية منذ بداية القرن العشرين بحروف مختلفة على توزيعها بصورة ملحوظة في نطاق ضيق في أجزاء كردستان الأخرى والى العشرينات من القرن صدرت الصحافة الكردية في تركيا وإيران والعراق بحروف عربية لكن صحافة الأكراد المهاجرين من كردستان تركيا صدرت بحروف لاتينية .
كانت كل هذه المجلات اجتماعية وسياسية وأدبية ولغوية في الوقت نفسه ولم تصدر جريدة يومية اجتماعية وسياسية في كل أجزاء كردستان إلى عام 1959 فقد ناضل المثقفون الأكراد بعناد ما بين فترة الأربعينيات والخمسينيات للحصول رخصة إصدار جريدة سياسية يومية ، لكنهم لم يتمكنوا من إنجاز هذا الهدف إلا إن الحكومة العراقية الجديدة سمحت للأكراد بعد ثورة عام 1958 بإصدار جريدتين اجتماعيتين سياسيتين هما :
( ( أزادي )) الحرية - لسان حال الحزب الشيوعي ( صدر العدد الأول منها في أيار 1959 بمدينة كركوك )
و(( خه بات )) النضال - لسان حال الحزب الديمقراطي الكردستاني ، صدر العدد الأول منها في 4 آذار عام 1959 ببغداد .
وبعد مرور عامين على إصدار هاتين الجريدتين أغلق الباب أمامهما لكن صحافة كردية دورية كثيرة خرجت إلى النور في العراق بصورة غير قانونية طوال فترة الأربعينيات والخمسينيات من هذا القرن ، وصدرت تلك الصحف بشكل غير منتظم ولا سيما في مرحلة الهجوم الصارم ضد الشيوعيين والوطنين الأكراد كان الدور الاجتماعي والسياسي لهذه الصحافة بارزا لأنها أضاءت المسائل الإستراتيجية والتكتيكية لنضال الجماهير الشعبية والصحافة السرية كانت جريدة :
(( شورش )) الثورة - لسان حال الحزب الشيوعي الكردي وجريدة :
(( رزكاري )) الخلاص - لسان حال حزب رزكاري كردستان ) خلاص كردستان ، وقد صدرتا في عام 1946 جريدة:
(( أزادي )) الحرية الصادرة في 1945 التي استأنفت صدورها في عام 1956 تحت اسم (( أزادي كردستان )) حرية كردستان كلسان حال الحزب الشيوعي العراقي ، جريدة :
(( خه بات كورد )) نضال الأكراد في عام 1956 لسان حال الحزب الديمقراطي الكردستاني ، كان إصدار الصحافة الكردية الدورية بلغتين أو ثلاث لغات هي السمة العامة لها ، لأنها أفادت المنظمات الكردية في إصدار دورياتها بلغة الدولة وبذلك لا ترتاب السلطات من محتوياتها ولا يثيرها الشك نسبيا .
كما إن بواعث إصدار الجرائد والمجلات بعدد من اللغات الشرقية هي إن المنظمات الكردية وضعت نصب عينيها هدف التعريف بحياة وتاريخ وأدب وثقافة وحالة كردستان وكل القضايا الهامة المتعلقة بمجتمعات دول الشرق الأوسط صدرت جريدة :
(( بانكي كردستان )) صوت كردستان - في السليمانية باللغات الكردية والفارسية والتركية ، وكان الشخصية الاجتماعية المعروفة مصطفى باشا يامولكي يرأس تحريرها ، كما كان الأديب البارز والصحفي رفيق حلمي محررا مسئولا عن القسم التركي وكان عالم الأدب على كمال بابير ، محررا مسئولا عن القسم الفارسي وصدر العدد الأول منها في 2 أب عام 1922 . وصدرت مجلة:
(( دياري كردستان )) هدية كردستان في بغداد ما بين العامين 1925-1926 باللغات الكردية والعربية والفارسية وكان رئيس تحريرها الشخصية الحكومية المعروفة صالح زكي .
لقد عكست المجلات والجرائد الكردية على صفحاتها طموحات وآمال الجماهير الشعبية الواسعة وإذا كان قد ظهرت فيها أحيانا مقالات ساذجة ذات طابع قومي بأفاق ضيقة فان هذه الحقيقة لا تشوه مطلقا النهج التقدمي العام للصحافة الكردية الدورية نعتقد أنه يمكن الاستشهاد هنا بما يقوله :ف .ا.لينين (( من الضروري التمييز بين النزعة القومية للشعب المضطهد والنزعة القومية للشعب المضطهد ، وبين التعصب القومي للقومية السائدة والتعصب القومي للقومية الصغيرة .
في غضون الحرب العالمية الثانية وبعدها ولجت الصحافة الكردية مرحلة جديدة وارتقت درجة أعلى من التطور حيث صقل طابعها التقدمي في هذه السنوات وعولجت فيها قضايا نضالية تحررية من مواقع أكثر عقلنه وصحة ثم قدمت دراسات تحليلية شاملة وعميقة في الوقت نفسه منحت الصحافة أهمية فائقة للزاوية الأدبية على صفحاتها والجدير بالذكر أنه قد تم بعد الثورة العراقية .
في 14 تموز عام 1958 نشر ترجمة العديد من إبداعات الكتاب والشعراء والشخصيات الاجتماعية الأوروبية التقدمية المعروفة كما أسلفنا القول سابقا
وفي إيران صدرت جريدة كردية أسبوعية :
(( كردستان )) بالأحرف العربية اتخذت هذه الجريدة موقفا سلبيا من المتبدلات والإصلاحات الاجتماعية ثم سعت إلى أضعاف نضال الصراع الطبقي والقومي التحرري في إيران والدول المجاورة لها ، وسعرت العداء بين شعوب الشرق الأوسط ، يبد أن المقالات العلمية والإبداعات الأدبية خدمت الثقافة الكردية والشعب الكردي ، لأن المواد و النتاجات المطبوعة بلهجات كردية متعددة أسست أرضية وقاعدة لدراسة مسألة اللهجات الكردية ولغة الأدب الكردي ، وأصول تدوينها وبقي أن نقول أن تطور الثقافة العمومية والمسائل اللغوية في هذه السنوات كانت على صفحات الصحافة الكردية الدورية مضيئة للغاية بحيث نشطت الصحافة الدورية ونشرت المؤلفات الكردية النادرة كما نشرت الأبجدية الكردية وكتاب القارئة للأطفال والأميين ، ولابد أن نذكر هنا تلك المجلات والجرائد الكردية التي ضربت شهرتها على نطاق واسع وهي (( زين )) الحياة جريدة أسبوعية ، تأسست في اسطنبول عام 1919م صدرت باللهجة الشمالية الكردية وبالأبجدية العربية وحررت الجريدة على يد فئة من المثقفين الأكراد القاطنين والدارسين في اسطنبول وصدر العدد الأخير (22) من الجريدة في 22 كانون الثاني عام 1920 وقد ألقت هذه الجريدة الضوء على المسائل النضالية للحركة القومية الكردية التحررية وبرامجها التكتيكية والإستراتيجية
(( زيانوا )) البعث - (( زيان ))الحياة – جريدة أسبوعية صدرت باللهجة الجنوبية الكردية وبالأبجدية العربية ومن عام 1920 إلى عام 1926 صدرت تحت اسم (( زيانوا )) البعث – وبعدها أخذت اسما جديدا (( زيان )) الحياة – وكانت لسان حال مجلس بلدية مدينة السليمانية حتى عام 1934 وبعدها انتقل حق تحرير الجريدة إلى الشاعر الكردي المعروف – بيره ميرد - . لكن السلطة أغلقت الجريدة في 1938 ، ومنذ عام 1939 بدأ ( بيره ميرد بإصدار الجريدة :
(( زين )) الحياة التي كانت تعتبر من حيث الجوهر والأساس استمرارا لجريدة (( زيانوا )) البعث ، وصدر العدد الأول منها في 26 كانون الثاني عام 1939 ودامت حياتها إلى يوم انقلاب 8 شباط عام 1963 .
قام بيره ميرد بدعابات ثقافية وتنويرية واسعة في الجريدة المذكورة (( زين )) حيث نشر فيها مقالات بخصوص الحياة الحضارية والنظافة وجمالية المدن ، ولاسيما السليمانية منها ، وعن الأعياد القومية ، ثم وجه مقالات خاصة الى المرأة الكردية ، كما حثت الجريدة الجماهير الكردية على الدراسة والعلم وأولت أهمية خاصة لتاريخ الشعب الكردي والتربية الوطنية وحب الحرية معتمدة في ذلك على الأمجاد البطولية الماضية .
ثم نشرت (( زين )) موادا أدبية غزيرة ، كقصائد لشعراء الأكراد الكلاسيكيين والمعاصرين وقصص ونفحات أدبية ونتاجات فلكلورية ، وكتب الشاعر بيره ميرد بسخاء في الجريدة طرح فيها مسألة تطور الأدب الكردي الحديث ونطر أليه كجسد لا يتجزأ ، وهي رؤية مهمة للغاية بالنسبة لأدبنا الكردي
كان – بيره ميرد – يتقن جميع اللهجات الكردية ويلم ببراعة بالأدب الكردي الجنوبي والشمالي والكوراني .
احتفظت الجريدة بنهجها حتى بعد غياب – بيره ميرد – عن الحياة عام 1950 وفي تشرين الثاني عام 1952 استلم الشاعر الكردي البارز والشخصية الاجتماعية المعروفة عبد الله كوران هيئة تحرير (( زين )) ومنذ توليه هذه المهمة الصحفية طرأ تحول جذري في نهج الجريدة وأمست صوتا علنيا للعمال والفلاحين الأكراد حيث روجت الأفكار النضالية بشكل واسع وحاد ضد الإقطاعيين الأكراد والقوى الرجعية في البلاد والإمبريالية العالمية وكان عبد الله كوران أحد مؤسسي لجنة الدفاع عن السلام في العراق ومناضلا لا يكل من أجل حماية وتمتين وشائج الصداقة بين جميع شعوب العالم كل هذا انعكس بصورة طبيعية في صفحات الجريدة المذكورة آنفا .
لكن عبد الله كوران اضطر تحت ضغط الظروف إلى ترك الجريدة بعد مرور سنة ليحل في منصبه وريث – بيره ميرد – الذي أصر على السير على النهج السابق إن اتجاهات الجريدة (( زين )) ككل الصحافة الكردية الدورية اهتمت مباشرة بالحياة السياسية للبلاد ، وبنهوض وإخماد الحركة الوطنية والاجتماعية التحررية إلى يوم انتصار الثورة العراقية في عام 1958 وحاولت الجريدة تحييد موقفها السياسي ولهذا السبب تحديدا امتنعت هيئة تحرير الجريدة عن الإفصاح عن أفكارها حول القضايا السياسية والقومية .
بعد الثورة مباشرة أبدت الجريدة ديمقراطيتها وعبرت عن أهداف القوى الثورية وعن أفكار الحزبين الشيوعي العراقي والديمقراطي الكردستاني في الوطن .
ومنذ النصف الثاني من سنة 1961 عندما بدأت في البلاد ملاحقات علنية للقوى الديمقراطية واتخذت السلطة تدابير مضادة للمطالب القومية للشعب الكردي ، اتبعت الجريدة ثانية نهجا مواليا للحكومة وبعد انقلاب البعث في شباط عام 1963 أغلقت الجريدة نهائيا
و (( هاوار )) الصرخة - هي المجلة التي تتميز بين الصحافة الكردية بطابعها الأدبي واللغوي ، أسسها الفيلولوجي البارع والكاتب جلادت بدرخان في عام 1932 صدرت المجلة مرتين شهريا باللهجة الشمالية الكردية ونشرت المواد في بداياتها بالأبجدية العربية واللاتينية ، وبعدئذ غطت المجلة صفحاتها بالأبجدية اللاتينية .
إن محرري المجلة جلادت وشقيقه العالم المشهور والشخصية الاجتماعية – كاميران بد رخان – كان بروفسور في باريس ( توفي في عام 1979 ) اعبرا من إحدى وظائفهما نشر الأبجدية اللاتينية بعد أن اجروا عليها بعض التعديلان ولعبت المجلة دورا إيجابيا ومميزا في نشر هذه الأبجدية التي تتناسب مع فونوتيكية اللغة الكردية ، كما أرست أيضا أركان اللغة الكردية المعاصرة وأولى المحرران انتباها فائقا إلى مسألة أتقان وجودة اللغة الكردية الأدبية وتحريرها من الكلمات الأجنبية وفق القوانين اللغوية وأضحت هذه المسألة في الثلاثينيات مدار نقاش ومعالجة حادتين لأنها كانت ذات صلة غير مباشرة بظاهرة التثقيف واقتراب الأدب من الجماهير الشعبية .
نشرت (( هاوار )) غالبا باللهجتين الشمالية والجنوبية نتاجات شعرية كلاسيكية ومعاصرة وفلكلورية وقدمت تحليلات عن مستوى الأدب الكردي المعاصر ثم ناقشت بعمق قضايا ثقافية مختلفة .
أما مجلة (( كلاويز )) الشعري – وهي مجلة أدبية شهرية صدرت باللهجة الجنوبية في بغداد منذ كانون الأول عام 1939 إلى آب عام 1949م فقد كانت أعدادها قد بلغت عندما أغلقتها الحكومة العراقية ( 105) أعداد .
ساهم في هيئة تحريرها المثقفون الحياديون وأعضاء الأحزاب العراقية التقدمية فكانت المجلة تمثل النخبة الطليعية للمجتمع الكردي ، وتجنبت توجيه انتقاداتها ضد الحكومة لتثبت لها أنها ليست مجلة سياسية ، وكان رئيس تحريرها الشاعر والقاص الكردي المعروف والشخصية الاجتماعية التقدمية البارزة في العراق إبراهيم احمد .
كتب المجلة للجماهير الكردية عن جوانب متباينة لحياة الشعب الكردي ولعبت (( كلاويز )) دورا مرموقا في تنشيط الحركة الأدبية ، حيث ظهر في كل عدد منها نماذج من الأدب الكردي الكلاسيكي وقصائد شعرية وأعمال نثرية لأدباء معاصرين كما أعطت هيئة تحرير المجلة أهمية فائقة للأدب العالمي التقدمي فنشرت باستمرار ترجمات المؤلفين الروس والأوروبيين الغربيين واحتلت المؤلفات المشهورة للأدباء الروس من أمثال ( ل.تولستوي – أز تشيخوف ، م .غوركي ) على صفحاتها مقعد هاما .
إن هذه الترجمات وغيرها لأدباء بارعين قد أثرت ، بلا ريب تأثيرا ايجابيا في نطور القصة والرواية الكردية الحديثة .
سارت المجلة على نهجها السياسية دون تحفظ بعد الحرب العالمية الثانية وواظبت على النضال من أجل الأفكار الأممية ، كما ألقت الأضواء بموضوعية على الأوضاع الداخلية في الاتحاد السوفييتي ، وهي الأوضاع التي لم يكن يعرف عنها الشعب الكردي ألا النذر اليسير ، ولهذه الأسباب بالذات بدأت الزمرة العراقية الرجعية في عام 1949 مدعومة من الإمبريالية الإنكليزية والأمريكية الهجوم على القوى العراقية الديمقراطية وأوقفت إصدار مجلة (( كلاويز ))
(( دنكي كيتي تازا )) صوت العالم الجديد – مجلة اجتماعية سياسية أدبية شهرية أسسها القنصل الإنكليزي في أكتوبر عام 1943 باللهجة الجنوبية الكردية وكانت المجلة علميا لسان حال الحلفاء المحاربين ضد الفاشية ثم نشرت المجلة بصورة عامة موادا حول الأحداث الدولية وبما أنها كانت تصدر من قبل الإنكليز ، فقد بان واتضح فيها دور انكلتره في النضال ضد ألمانيا الهتلرية . ويجب القول إن الكتابة حول الأحداث السياسية والحربية ونشر الوثائق الدبلوماسية على صفحات المجلة ساعد في أغناء اللغة الكردية وخاصة من ناحية بناء وتركيب مصطلحات جديدة .
وكان أعضاء أسرة تحرير (( دنكي كيتي تازا )) مؤلفة من العالم الكردي المشهور واللغوي والمؤرخ توفيق وهبي ، ومؤرخ الصحافة حسين حزني موكرياني وهما عالمان بارزان في ميدان الدراسات الكردية وشخصيتان اجتماعيتان تقدميتان .
ظهرت في المجلة بشكل واسع مسائل تطور الثقافة الكردية ، وأساليب تنويرية للشعب الكردي ، واحتل الأدب الكردي فيها مكانا لائقا كمؤلفات الأدباء الكلاسيكيين والمعاصرين ، ومقالات أدبية وفلكلورية وترجمات عن العربية والفارسية والأدب الأوروبي الغربي ، كما نشرت المجلة مقالات اتنوغرافية فمنها ملاحظات وذكريات الرحالة الإنكليز ، وللعلماء المستشرقين عن الأكراد ثم درست المجلة على صفحاتها مشكلة تطور اللغة الأدبية الكردية .
عقب الحرب العالمية الثانية انتقلت إدارة تحرير المجلة إلى المحامي الكردي فائق توفيق ، وبدأت (( دنكي كيتي تازا ) تصدر أحيانا كجريدة وأحيانا أخرى كمجلة . كرست (( دنكي كيتي تازا )) في هذه السنوات على صفحاتها مكانا واسعا للأدب الكردي ، ولاسيما لنتاجات أدبية باللهجة الكورانية وحرر القسم الأدبي في المجلة الأديب والمترجم جميل باندي روزبياني – وفي عام 1947 أغلقت السلطة العراقية هذه المجلة أيضا أما مجلة :
(( روناهي )) لمعان – أسبوعية صادرة في عام 1943 من قبل العالم الكردي المشهور والشخصية الاجتماعية البارزة – كاميران بدر خان – فقد كانت اجتماعية ، سياسية ، أدبية وعلمية ، صدرت في دمشق باللغة الكردية وبلهجتها الشمالية ، كما نشر في كل عدد منها قسم ضئيل باللغة الفرنسية وحررت المجلة بغزارة مقالات عن دول وشعوب الشرق الأوسط ولاسيما الأكراد ، وكان النهج السياسي لمجلة (( روناهي )) تمثلها أيديولوجية البرجوازية الكردية الصغيرة التي استغلت فرصة الظروف القائمة أثناء الحرب العالمية الثانية في الشرق الأوسط من أجل نيل حرية كردستان كما كانت المجلة تتحدث عن وقائع الحرب التي كانت تعلنها دول الحلفاء وخاصة الدولة الفرنسية منها ثم أولت المجلة اهتماما بالغا الى الأدب الكردي المعاصر والفلكلور الكردي حاول المحررون فيها تقديم جميع موادهم إلى عدد أكثر وأوفر من القراء ، وذلك من خلال لغة كردية سلسة , استمر إصدار المجلة بعد الحرب العالمية الثانية، وفي عام 1947 توقفت المجلة عن الصدور.
والجريدة الاجتماعية السياسية والأدبية: (( كردستان )) لسان حال الحزب الديمقراطي الكردستاني صدرت باللغة الكردية
وبلهجتها الجنوبية في مها باد عاصمة الجمهورية الكردية وخرجت العدد الأول منها إلى النور في 11 كانون الثاني عام 1946 وبعد نكسة الانتفاضة الكردية ، وانهيار الجمهورية الكردية عام 1947م ، باتت الجريدة الناطق الرسمي السري للحزب الديمقراطي الكردستاني منذ عام 1947 تعززت العلاقة السياسية بين الوطنيين الأكراد والأذربيجانيين المهاجرين ، وكاستمرار الجريدة (( كردستان )) بدأت تصدر جريدة : (( كردستان – أذربيجان )) باللغتين الأذربيجانية والكردية ، حيث طبع العدد الأول منها في 6 كانون الأول عام 1947 وبلغ مجموع أعدادها ( 1337) عددا إن هذه الجريدة كانت إحدى الصحف الكردية الدورية الأكثر أهمية حيث نشرت الأخبار الثقافية والسياسية الجديدة في جميع أجزاء كردستان وفضحت سياسة الإمبريالية ومواقفها ومؤامراتها إزاء دول الشرق الأوسط وذلك بالاتفاق مع السلطات الرجعية التركية والإيرانية والعراقية ضد النضال الديمقراطي والحركة القومية التحررية في الشرق ، وحررت الجريدة مواد أدبية منها القصائد السياسية ومقالات وقصص منوعة كان أغلبها يتميز بالطابع الدعائي توقفت جريدة (( كردستان – أذربيجان )) عن الظهور في آذار عام 1961م وذلك عندما انعقد كونفرانس لثلاثة أحزاب سياسية إيرانية ، توحد فيه الحزب الديمقراطي الأذربيجاني مع الحزب الشعبي الإيراني (( تودا )
أما المجلة الأدبية الشهرية : (( هيوا )) الأمل – الصادرة في بغداد حتى انقلاب 8 شباط عام 1963 كلسان حال
(( منتدى التقدم للأكراد )) فقد حررت باللغة الكردية وبلهجتها الجنوبية حررتها في البداية نخبة برجوازية كردية ، وكانوا أعضاء في البرلمان العراقي ، ولهذا ابتعدت مجلة ( هيوا ) عن الحياة السياسية في البلاد وبحثت الأمور الثقافية والأدبية بحدود ضيقة ، بالرغم أن هيئة تحريرها حاولت تقليد المجلة الكردية الشهيرة (( كلاويز )) ونشرت مواضيع كردية أدبية نادرة .
لكن المجلة تحولت بعد ثورة 14 تموز عام 1958 إلى لسان القوى الكردية التقدمية للمثقفين الذين دعموا نضال الشعبين الكردي والعربي من أجل الديمقراطية والتقدم الاجتماعي ، إلا أن ملاحقة القوى الديمقراطية والتقدمية في البلاد ، وقد بدأت في عام 1961 ، تركت آثارا سلبية على السمة العامة للمجلة وبالتالي أصبح إصدارها في الآونة الأخيرة بصورة ليست منتظمة .
أما المجلة الأدبية النقدية الشهرية :
(( شفق )) الفجر – فقد تأسست في كانون الأول عام 1958 بمدينة كركوك باللغتين العربية والكردية على يد مجموعة من الأكراد المثقفين التقدميين . أمثال الأديب الكردي ( إبراهيم احمد ) وساهم في تحريرها أيضا الأديب معروف برز نجي والمحامي عبد الصمد خانكا والمعلم عمر عارف والدكتور معروف خزنه دار والعقيد المتقاعد عبد القادر البر زنجي .
وقد أفسحت السمة الكيفية التي تمتعت بها المجلة مكانا واسعا للأدب ونظريته ونشرت بشكل مستمر نتاجات أدباء وشعراء الأكراد وكرت المجلة بصورة خاصة صفحاتها للنثر الكردي ، ولاسيما القصة منه كما كافأت المجلة مرارا على أفضل قصة رأت الحياة على صفحاتها استطاعت المجلة وبهذا الأسلوب أن تلعب دورا إيجابيا ملموسا في تطور الأدب الكردي الحديث .
وبعد ثورة 14 تموز في عام 1958، أضحت المجلة اجتماعية وسياسية ثم انتقلت هيئة التحرير في عام 1961 إلى السليمانية
كان دور الصحافة الكردية واضحا في الظروف الاجتماعية والسياسية المميزة لحياة الأكراد ، فقد قدمت الجرائد والمجلات الكردية خدمة جليلة في تنوير الأكراد وكانت بالنسبة لهم ألف باء وكتابا تعليميا وتدريسيا ، لأن الأطفال لم يكونوا يتعلمون باللغة الأم في المدارس ( باستثناء بعض المدارس في العراق التي درست فيا بعض المواد باللغة الكردية ))
وبما أن هيئات تحرير الصحافة أدركت الوظيفة الأساسية لدورياتها وهي تطوير الثقافة القومية وصقلها على صفحات المجلات والجرائد ، فأنها حررت بصورة منتظمة مخطوطات لنتاجات الكلاسيكيين الأكراد في مقدمة صحافتها كما أمست الجرائد والمجلات منبرا لشعراء وأدباء الأكراد المعاصرين ، ولأول مرة ظهرت على صفحات الصحافة المقالات النقدية للأدب الكردي المعاصر
كانت الجرائد والمجلات الكردية الوسيلة الأولى لتعريف الأدب الأجنبي بالقراء الأكراد ، حيث نشرت فيها ترجمات أوروبية خلال اللغة التركية ، بيد أنه في بداية القرن العشرين أصبحت الترجمة عبر اللغة الإنكليزية ولذلك يرتدي تعريف الأدب الأوروبي بالأكراد أهمية بالغة بالنسبة لهم ، حيث وسع الآفاق وطور اللغة الأدبية والطرائق الفنية الجديدة لديهم وبلا ريب كان دور الصحافة على الصعيد الاجتماعي مهما للغاية أيضا لأنها كانت ناطقة ومعبرة عن آمال قومية واجتماعية للشعب الكردي وعن نضالا ته لنيل الحرية.
وإن الثقافة الكردية استطاعت التوصل والتقدم فهي تقف اليوم على قدميها على مستوى المنطقة الكردية وعلى المستوى العالمي بشكل عام ، وذلك من خلال الإصدارات التي تزيد عددها عن ( 50) مطبوع من مجلات وصحف ودوريات ثقافية وكتب وأبحاث ، هذا التوسع الأفقي الذي طرأ على الواقع الثقافي الكردي يمثل مؤشرا صحيا ومشجعا لحدوث وبروز توسع عمودي مقابل - المسألة جدلية- فالتخصص بدأ يتبلور في كردستان وهناك في الأفق القريب توجه تخصصي كردي آتي ، ولذلك فنحن نلمس صدور مجلات ومطبوعات تخصصية كالمجلات المتخصصة في الآثار والأدب والبحث الأكاديمي والأطفال والكاريكاتير ، ومجالات أخرى عديدة ستطرح نفسها بقوة على الساحة الثقافية بدون شك بعيدا عن المبالغة ومنذ المرحلة التي تبلورت في التوجه العالمي الجديد نحو القضية الكردية والتي لا زالت مستمرة حتى يومنا هذا هي مرحلة تفاؤلية في الصميم وتبشر بحدوث تطورات ثقافية باتجاه أفق ثقافي كردي مفتوح هذا من الناحية الصحافية أما من الناحية الإعلامية فهناك العشرات من القنوات التلفزيونية والإذاعية المنتشرة في مدن كردستان يعمل فيها العشرات من الكتاب والصحافيين والمخرجين والمذيعين والفنانين والمعدين وهذا الواقع يمثل كينونة إضافية لرفد العملية الثقافية الكردية باتجاه كادر إعلامي متخصص ، وهذا يؤدي لحدوث تطور في البناء الثقافي وعلينا أن نتسلح بالعلم والأمل والتفاؤل وبالنظر إلى المستقبل بعين باسمة ونفس متطلعة .
المصدر: موجز عن تاريخ الأدب الكردي المعاصر للدكتور : معروف خزنه دار –
الترجمة عن اللغة الروسية الدكتور عبد المجيد شيخو
في الثاني والعشرين من نيسـان الجاري يحيي الشعب الكـردي يوم الصحافة الكـردية المتزامن مع يوم صدور أول جريدة كردية في العام 1898 في القاهرة ، التي رأت النور بجهود وإرادة الأمير مقداد مدحت بدرخان ، الذي اسـتطاع بوعيه وتنوره أن يدرك مدى أهمية إطلاع العالم على أوضاع الشعب الكردي عبر صوت ووسيلة إعلامية كردية .
لقد كرس البدرخانيون بشكل عام منذ أواخر القرن التاسع عشر جهوداً جبارة لخدمة الشعب الكردي وقضيته في المجالين الثقافي والإعلامي ، وإذا كان مقداد مدحت بدرخان صاحب أول صحيفة كردية ، فإن أسماء بدرخانية أخرى تبرز بقوة في مجال الثقافة و الإعلام كالأمير جلادت بدرخان والأمير كاميران بدرخان حيث كان لهم الفضل الكبير في نشر الثقافة الكردية عبر النشرات والمجلات والمؤلفات ، ولهم أيادٍ بيضاء على اللغة والأدب والكتابة الكردية .
إن الوفاء لهؤلاء الـرواد الأوائل من البدرخانيين ، وفي هذا اليوم بالذات ، يوم الصحافة الكردية ، يحرّضنا جميعاً على متابعة مسيرتهم الخلاقة والتفاعل الحقيقي والجدي مع التطور الهائل للوسائل الإعلامية ومواكبة التقنيات العصرية للنشر والإعلام الذي يحقق التواصل الفعال مع الـرأي العام الكردي والرأي العام العالمـي
............................................................................................

ردهادىء يا أستاذنا الفاضل يوسف ديبو ومع فائق الاحترام
شـفكر

انك ردت علي بالشكر وبنفس الوقت ألمحت الى وجود بعض الاخطاء في اللغة او الضعف في تعبير الجمل وقلت هناك أخطاء جمة؟ أية أخطاء ولماذا لم تفصح للقراء تلك الاخطاء  ؟
بامكانك وامكان الجميع مراجعة الارشيف في ولاتى مه نيت وكمياكورد وفي تلك الحوار أنني أعتذرت أكثر من مرة وقلت للقراء  سيكون هناك بعض الركاكة أو ضعف في اللغة العربية لأنني سأترجم من الصوت الكوردي الى الكتابة العربية ، وقلت ايضا سيكون هنالك مقاطع مكررة أكثر من عدة مرات لأن ضيفي السيد يوسف ديبو عند كل سؤال يكرر الذي يريده، وفعلا أنني ترجمت عن صوتك حرف بحرف وكلمة بكلمة وصوتك موجود عندي في الارشيف ونسخة طبق الاصل موجودة عند ابنك بروسك ونسخة أخرى موجودة عند السيد عبدالقار ديبو وللعلم ابنك بروسك شكرني وقال ياشفكر انك ترجمتها حرفيا ونشكرك على ذلك ،

اذا ا أين الاخطاء الجمة ؟ ان كان الاخطاء في الكتابة العربية او النحو والصرف فأنني وفي البداية أعتذرت للقراء وقلت لهم أنني أترجم من الصوت الى الكتابة ، ولكنني لست عربيا ويشرفني ان انطق وأكتب اللغة الكوردية ، صدقني يااستاذ يوسف الكثيرون وحتى أنني لم نفهم ماذا تقصد بالاخطاء الجمة ولماذا لم تفصح أو تؤشر الى تلك الاخطاء ؟ اذا كلنا بشر وكلنا نخطأ ويشهد الله  لم يكن لي أية نية أو هدف من تلك الحوار سوى أن أكشف شخصك ونضالك للمشاهدين بعد كل اختفاءك عن الانظار ولمدة طويلة،  وحقا مازلت أعزك مع احترامي لعائلتك الكريمة ، وللسيد عبد القادر ديبو له معزة خاصة عندي..
 
يا استاذي الفاضل يوسف ديبو النص الذي نشرته أنت فهو90% كوبية أو نسخة طبق الاصل من النص الذي انا نشرته سابقا، ولكن 10% الباقية هو أنك أزلت بعض الاسئلة وبعض الاجوبة لكي تتهرب من مجابهة القراء أو العائلات أوالأحزاب ، اذا ياسيدي الأن الكرة في ملعبك وأنت أرتكبت الاخطاء الجمة لأنك كل ما قلته لنا فهو موجود بالصوت وليس من طبعي أن أسيء للمناضلين وبالعكس أنني دائما في خدمة المناضلين وأكثر من 13 عاما وأنا في احتكاك مباشر مع كل قادة الاحزاب الكوردية في سوريا وحتى الكوردستانية أيضا ودعوتهم لمئات الندوات والألاف من الساعات من الحوار والدردشة وعلى مدى هذه الاعوام لم أسمع  منهم أية ملاحظة على سلوكي أو اشارة منهم نحوي بأنني أسأت أو اخطأت بحقهم ولا أزعم بنفسي انني معصي عن الاخطاء أولم أخطأ،  فكلنا بشر وكلنا نخطأ وعندما أخطأ انا اتجاه أي انسان أسرع في الاعتذار ولكنني لا أقبل الألتفاف المبطن من كلمة أو جملة ملغومة غير مفسرة تماما معانيها وأنا أقصد كلمة [ أخطاء جمة ]

 السؤال : من منا ارتكب الاخطاء ؟ هل أنا ؟ أم انت ؟ وبامكاني ان اوزع صوتك في الصفحات الكترونية وقتها المستمع سيقارن ما كتبته عن الترجمة وما نشرته ، وعن ما نشرته أنت وحسب مزاجك وأردت ان تصلح أخطاءك وأقوالك في شخص شـفكر فهذا غير ممكن وأنا أرفض الذل ولا يهزني جبل ، وان كنت جاهزا فأهلا بك مرة أخرى في غرفة غربي كوردستان وسنناقشك عن الاخطاء الجمة !!!

ليعلم المشاهد :
بعد ان نشر السيد يوسف ديبو الحوار أتصل ابنه بروسك معي في 29.1.2009 وبلغني تحيات والده وقال بالحرف الواحد :
1. بعض من الزملاء في القامشلي كان لهم ملاحظات على اللغة العربية والترجمة
2. وقال يا شفكر أنت تعرف واقع مجتمعنا الكوردي وانتقاداتهم فقلت له ماهي المشكلة ؟ أجابني : أن والدي تكلم في بداية حديثه عي سيرة عائلة ديبو لذا البعض فسروا أو انتقدوا والدي بأنه مدح في عائلته .

شفكر : أقول للقراء أنني لم أجبر السيد يوسف ديبوعلى أن يتكلم عن سيرة عائلته قبل مئات الاعوام فهوكان حرا في كل أجوبته ، فهو الذي أراد أن يكشف نضال عائلته ومشاركتهم في ثورة شيخ سعيد وأظن هذا من حقه ولاعيب في ذلك ،،،
 انظروا  كيف السيد يوسف ديبو أزال هذه الجملة : قال نحن آل ديبو حررنا [ المدينة ] وجعلناها  امارة أو عاصمة آل ديبو ] ... وحسب ما قاله لنا السيد ديبو عن عائلته وانخراطهم في ثورة شيخ سعيد فعلا يرفع الرأس ونكن كل الاحترام لنضالهم ،  واما ما يقال بأن البعض انتقدوا والدي في القامشلي عن ما تكلم عن عائلته فهذا كلام في كلام لأن أغلب الكورد يمدحون بأبائهم وأجدادهم وعشيرتهم ولاعيب في ذلك ...

يا استاذنا يوسف ديبوا : من حقكم أن تمدحوا بعائلتكم الوطنية لأنك والسيد صلاح والسيد عبد القادر ناضلتم في صفوق الحركة الكوردية أكثر أربعة عقود ومن حقنا أن نفتخر بكم ونفتخر بالعائلات الوطنية الأخرى ، ولكن العيب في بعض الناس من أمئال [عباس عباس ] الذي يريد ان يجعل من عائلته عائلة ريادية واسطورية في نضال الكورد في سوريا ، وبعدما قرأنا كتابات السيد عباس عباس الحاقدة على آل حاجو أغا وهجومه عليهم دون الانصاف في التاريخ وما دار في بياندور ، وحسب ما يتزعمه السيد عباس وآل عباس بأنهم أبطال بياندور وبعد مرور 70 عاما ماذا عملوا آل عباس ؟ لماذا لم يقودوا انتفاضة 12 آذار المجيدة ؟ وكم من عائلة عباس سجنوا في زنزانات النظام السوري ؟ وهل أخذ منهم أرضيهم وأملاكهم ؟ وهل معاملتهم جيدة مع الفلاحين ؟ هل من عائلتك أفراد منتسبين في الاحزاب الكوردية ؟ وبالعكس أنكم ...وانا أفصد آل عباس....  وأكتفي بأنكم لكي ؟؟؟؟؟     كان من واجبنا ان ننبهك يا أخ عباس بأن تترك هذه المهاترات لأنكم أهل وأقارب ، وأنا لست محاميا عن بيت حاجو وفيهم الكفاية أن يدافعوا عن أنفسهم ولم أتلقى الأموال منهم حتى لاتتهمني في المستقبل .

أستاذنا يوسف ديبو : أنني سألتك مرتين عن البارزاني في حوارنا وانت الأن لم تنشرها ؟ اقول لك من ارتكب أخطاء جمة  ؟ أليس  انت  جاوبنتني وقلت البارزاني  ذهب الى المرعى بين الغنم  في الندوة الاولى وثم أردت تصليحها في الندوة الثانية وقلت انهم قالوا [ البارزاني ضاع  أو اختفى] ويقولون بقي  أكثر من اسبوع في ايران ومن ثم رجع الى كلالة ...

استاذنا يوسف ديبو : أنت كررت أكثر من مرة بأن البارزاني فرض علينا 6 أشخاص فراطة وقلت لك منهم هؤلاء الفراطة ؟ وجاوبتني [ دهام ميرو ــ محمد سليم حاجو ــ وشيخ محمد عيسى .. السؤال لك : لماذا زلت هذا السؤال  في المشور؟ أسألك ثانية من  منا ارتكب اللأخطاء الجمة ؟

أستاذنا يوسف ديبو : قلت لك أننا سمعنا بأن السيد محمد سليم حاجو والسيد بهجت  كانوا يقودون تلك المظاهرة في القامشلي عام 1971  ... وكان جوابك لنا  لا لا  محمد سليم حاجولم يكون موجودا ولم يحضر وقلت كنت أنت والسيد عصمت سيدا وأوسكى زاخراني ونعمتو ..
السؤال ياسيدي : لماذا أزلت هذا السؤال من المنشور وأنت قلت هذا بلحم لسانك وصوتك خير دليل للمستمع وأنا محتفظ بالصوت .

استاذي يوسف ديبو : انا لم أسألك عن محطات حياتك السياسية ...لماذا انت من عندك تحسبها سؤال من شفكر وأنا لم أسألك ؟ ألا يكفي 50 عاما من الأخطاء الجمة [ وفعلا عجبني كلمة الأخطاء الجمة والله يحمينا من الاخطاء الجمة ]
تاريخ المحطات التنظيمية التي مر بها يوسف ديبو خلال 51عاما
*من العام 1957 الى العام 1958 كان عضو في الفرقة الحزبية
* من العام 1958الى العام 1965 كان عضوا في اللجنة الفرعية
* من العام 1965 الى العام 1967 كان عضوا للجنة المنطقية
* من العام 1967 الى العام 1969 مرشح للجنة المركزية
* من العام 1969 الى العام 1970عضو لجنة مركزية
* من العام 1970 الى العام 1971 عضو قيادة مرحلية
* من العام 1971 الى العام 1989 عضو مكتب سياسي
* من العام 1989 الى العام 1997 سكرتير للحزب اليساري
* من العام 1997 الى العام 1999 عضو مكتب سياسي
* من العام 1999 الى العام 2005 عضو مجلس عام للتحالف الكردي
*من العام 2005 وحتى الان عضو مكتب سياسي في اليساري

انا لم اسألك عن تسلسل  محطاتك السياسية  ولكن انت من عندك  أضفتها ؟  من ارتكب أخطاء جمة؟ مع الاسف 50 عاما وانتم ترتكبون الاخطاء ونحن ندفع ثمن أخطائكم ، خمسون عاما وانتم في خلافات ومشاكل وانشقاقات وأخيرا تريد ان تضعوا أخطائكم على أكتافنا وتتهموننا بالاخطاء الجمة ، والحمد لله  نحن لم نؤسس أحزابا وليس لنا يد في الانشقاقات ولم نستلم أموالا من الاحزاب ، قد نكون فقراء في الحالة المادية ولكننا أغنياء في ايماننا بقضية شعبنا الكوردي والكورداياتي وأنا لاأمدح نفسي بجدي الثالث أو الثالث عشر الذي حرر المدينة وعملها عاصمة لعشيرته ولعائلته ، فأنا  ابن كوردي مناضل ولد فقيرا ومات فقيرا ولكنه لم يرتكب الحماقات اتجاه قومه ، ولا امدح نفسي بأي انسان وأنا أقدر وأحترم الانسان الذي أراه أمامي  وما هوسلوكه ومكانته الاجتماعية والقومية ويهمني ماذا يعمل وماذا يقدم لشعبه  ،  واما الحسب والنسب فكلنا عباد الله ولدتنا أمهاتنا من تسعة أشهر مع احترمي لكل كوردي يعتز بأصله وبقوميته ومذهبه واحترامي لكل العائلات الوطنية المحترمة .
وفي النهاية : صدقني يا استاذنا المحترم يوسف ديبو ما كان بودي أن أرد عليك وكان من الافضل أن تتصل معي بالهاتف وتقول لي ما هي الاخطاء الجمة وقتها أكيد كنت أصلح الخطأ  وكنت تراني من الذين يعتذرون لك وللمشاهد ، ولكنك فاجئتني ووضعتني في زاوية محرجة وأظن أن من حقي الرد ... واذا اردت أن أوزع الصوت فأنا جاهز والصوت هو الدليل القانع والحاسم .
ثانيا : انظر في حوارنا السابق وأنا دائما كنت أذكرك يا استاذي الفاضل  أو يا استاذ يوسف ديبو ولازلت أحترمك وأقبل عيونك ، ولكنك في حوارك المشور  استخففت في شخصيتي ورددت فقط [ شفكر ] وكأنني طفل بعمر ابنك وكان الافضل ان تقول الاخ شفكر ،، وأنا لاأجبرك أن تقول لي يا أخي أو يا سيدي أو يأ استاذ  أوووو ويكفيني اسم شفكر الذي أحبني بها الملايين ، هذا الاسم الذي يغني ويكتب الشعر أكثر من 38 عاما لحرية شعبة ضد الظلم ، لذا لاأقبل الظلم من أي انسان كان من يكون وأظن أنك أتهمتني بشكل غير مباشر وملفوف  بكلمة [ أخطاء جمة ] .
مع فائق الاحترام والسلام

شــقكر

::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::

استضافت غرفة غربي كوردستان على البالتوك - التي يديرها الفنان (شفكر) - , سكرتير حزب يكيتي الكردي في سوريا, السيد فؤاد عليكو, في حوار مفتوح حول المرسوم (49) وتبعاته وموقف الحركة الكردية منه.

حوارات: عليكو: اما ان نعمل ونناضل ونضحي بأرواحنا في سبيل قضيتنا العادلة واما ان نستقيل ونترك الميدان السياسي لجيل يؤمن بالحرية
بتاريخ 13/10/2008
 
استضافت غرفة غربي كوردستان على البالتوك - التي يديرها الفنان (شفكر) - , سكرتير حزب يكيتي الكردي في سوريا, السيد فؤاد عليكو, في حوار مفتوح حول المرسوم (49) وتبعاته وموقف الحركة الكردية منه.

فيما يلي ملخص ما دار في الحوار:

ما غاية النظام السوري باصدار هكذا مرسوم حول المناطق الكوردية الحدودية؟


في البداية انني اعتبر هذا المرسوم بمثابة الطلقة القاتلة والاخيرة في وجودية 3 ملايين كوردي سوري يعيش على ارضه التاريخية الاصلية ويجرده من كل الحقوق في استئجار أو شراء الاراضي والعقارات والسكن


والغاية معروفة ومكشوفة علنا للجميع بأنه مخطط شوفيني ومؤامرة يتبع مسلسل محمد طالب هلال في تجويع وتشريد الكورد من مناطقهم ومدنهم حسابا لافكارهم الشوفينية كما يتوهمون ويخططون لها في تقليص التزايد السكاني الكوردي في المدن والقصبات الكوردية وانهم يريدون تطبيق نفس السيناريو الذي كان يطبقه نظام صدام في كركوك وخانقين وغيرها من المدن الكوردية, ثم عندما يتكلمون عن المناطق الحدودية لماذا لا يطبقون تلك المراسيم على منطقة درعا ومناطق حول الشام وحمص فكلها مناطق حدودية وقريبة من حدود الدول؟

هل ان هذا المرسوم يشمل الكورد وحدهم ؟

نعم يشمل الكورد وحدهم, مع الاسف عندما نسأل العرب واخوتنا السريان العائشين معنا في المنطقة حول هذا المرسوم فهم يردون علينا بكل بساطة بأن هذا المرسوم لايشملهم وكأنهم اخذوا الضمانة من النظام.

هل فهم وقراءة كل الاحزاب الكوردية متطابقة حول هذا المرسوم ؟

نعم ..الكل يقولون بأنه مرسوم خطير وعلينا التصدي له .

هل بامكانك ان توضح لنا ما هومضمون المذكرة التي انتم بصدد رفعها الى الرئيس السوري بهذا الخصوص؟

لا أستطيع ان اكشف المضمون ولم اذكر محتواها لانه سر حزبي يناقش عليه وفيه بعض الخلل في النواحي القانونية ويجب ان نتوقف على تفاصيلها بالمسؤولية التامة.

لماذا لم نجد تحرك جدي وسريع من الاحزاب الكوردية مادام أنهم يرون بأن هذا المرسوم خطير, وهل انتم متفقين حول كتابة نص المذكرة التي انتم بصدد ارسالها للرئيس السوري ؟

مع الاسف لم تجتمع الاحزاب سوية لحد الان ذلك لوجود خلافات شخصية بين بعض قيادات الاحزاب , واغلبنا نسكن في نفس المدينة او حتى نفس الشارع والمخجل نحن نستلم رأي الاحزاب عن طريق الوسطاء فبالله عليكم احكموا بضمائركم اين نحن من الحدث ومن المؤامرة ؟

من هم الاحزاب التي ترفض الجلوس معكم؟

المشكلة ليس معنا فقط بل يرفضون الجلوس مع اطراف أخرى, وهناك عقدة التباعد بين بعض الأحزاب المتشابهة في الاسماء, أما نحن كحزب يكيتي يدنا ممدوة لكل الاحزاب ونحن مجبورين للحوار والجلوس معا وعلى طاولة مستديرة وأن نستمع الى بعضنا البعض بشكل حضاري وان نبدي بآرائنا وان نحترم آراء الآخرين وأن نتفق على رأي وقرار موحد لمواجهة هذا المرسوم الشوفيني بحق منطقتنا وبحق شعبنا الكوردي, واما عن اصراركم ان أكشف من هم الذين يرفضون الجلوس ؟ نعم الذين يرفضون هم حزب التقدمي وحزب الوحدة الديمقراطي الكردي .. ومن خلال غرفتكم ارجو من كل القادة والاحزاب ان يسرعوا في الجلوس على طاولة واحدة والابتعاد عن الخلافات الشخصية لأن هذا المرسوم بمثابة نار سيحرق الاخضر واليابس وقتها لاينفع الندم ونحن سنتحمل كل المسؤولية امام شعبنا .

صدر بيان من التيار المستقبل, حليفكم في التنسيق وهم يتهمونكم وكأنكم تلتفون من حولهم للتقارب مع بعض الاحزاب الكلاسيكية بتشكيل مرجعية او مجلس سياسي ؟

نعم فوجئنا مثلكم عندما قرأنا بيان تيار المستقبل علما اننا نعمل ونتشاور معا في التنسيق ولكن قلنا لهم انتم أخطئتم في هذا البيان ونحن لم نلتف على أحد بل نسعى لايجاد حلول مرنة مرضية للجميع وسنتحرك في كل المحاور لترتيب البيت الكوردي .

سؤال من الضيوف / زير وهار من دياربكر /: يبدو انكم كتنسيق حسب تطلعاتكم الحزبية كتبتم صياغة المذكرة الموجهة لرئيس سوريا بدون التشاور مع حزب التقدمي أو مع حزب الوحدة لذا سيقابل بالرفض ؟

نحن التنسيق لم نكتب مسودة المذكرة, أخواننا في حزب الديمقراطي الكردي البارتي هم الذين كتبوا مسودة نص المذكرة ونحن رحبنا بها وهنا اريد ان اشكر طرفي اللبارتي على موقفهم الشجاع والنبيل عندما وقعوا البيان باسم واحد فهي دلالة خير للبارتي ولعموم الحركة الكوردية. المشكلة ليس في الذي يكتب ويقدم نص او يرفض بل المشكلة الحقيقة بأننا لم نناقش الامور الخطيرة وجها لوجه وعندما نجلس معا على طاولة النقاش فكل واحد منا حر في رأيه ولابد ان نخرج من النقاش ونحن متفقين على صيغة يرضي الجميع.. وعليكم كوطنيين وكمثقفين وأعضاء في الاحزاب الضغط على قياداتكم بأن ينزلوا الى الشارع وان يقودوا مظاهرات تلوى المظاهرات في وجه هذه المراسيم والمظالم اليومية بحق شعبنا الكوردي المظلوم, ولابد للقيادات الكوردية ان تكون متكاتفة وان تستعد للمواجهة مهما كان الثمن فلا حياة بدون الحرية وعندما نطلب الحرية لنفسنا ولشعبنا لابد ان نستعد للشهادة وللسجون وللتعذيب ونحن الان في المعركة الاخيرة للدفاع عن شعبنا ومنطقتنا الكوردية ويجب ان لايمر هذا المرسوم كسابقاتها مرور الكرام .

سؤال من الضيوف /يادو بافي سوار/ : عندما نسمع منكم بأن الاحزاب الكوردية تنقل آرائها عن طريق الوسطاء يحي لنا بأن المرجعية اصبح حلما او ملغى تماما ولكن انك قلت اننا في حزب الوحدة وفي التنسيق سنسعى في تسيير المظاهرات ضد هذا المرسوم. السؤال: ان لم يشترك بعض من الاحزاب فما هو رأيك نحوهم؟

نعم انتم محقون عندما تقولون بان المرجعية اصبح خيالا , فبهذا المنطق المخجل الذي نرفض بعضنا البعض وهذه الخلافات التي لا معنى لها وهذا الاداء الذي لايرتقى الى مستوى طموحات شعبنا لايمكن ان نؤسس مرجعية او مجلس سياسي ميداني , المرجعية يجب ان يبنى على المحبة والاحترام وترتيب البيت الكوردي والعمل بوضوح على المطلب السياسي الكوردي وكامل حقوقه وخصوصيته بأنه يعيش على ارضه التاريخية الاصلية والاعتراف به دستوريا , اما الجزء الثاني من السؤال هل ستقومون بالنشاطات والمظاهرات لوحدكم؟ نعم أن لم نتفق معا فخيارنا كحزب يكيتي ان نقوم بكل النشاطات من اجل انهاء هذا المرسوم ونحن نقول لمنظمة حزبنا في الخارج عليكم المشاركة والعمل مع الاحزاب ومزيدا من النضال وبدون توقف. والان نحن في الوطن يوميا لنا ندوات مع الشعب الكوردي في القرى والمدن حول خطورة هذا المرسوم والمخططات الاتية وليكن لعلكم بأن الشارع الكوردي محتقن وسينفجر عاجلا ام آجلا كالبركان ولم يتحمل مشاكل وخلافات الاحزاب الكوردية ولا حتى مظالم ومراسيم هذا النظام الاستبدادي , هناك جوع وتشريد ونزوح الكورد من مناطقهم نحو المدن الكبيرة كدمشق وحلب, والبيع والشراء متوقف في القامشلي وعفرين وغيرها من المدن , واذا نفذ هذا المرسوم سيتوقف الحياة كاملة في المنطقة الكوردية وقتها سينزح الملايين من الكورد وراء لقمة العيش لذا أرفع صوتي عاليا تعالوا وكلنا يد واحد نستعد لمواجهة هذا المرسوم ولكل مخطط آتى .. وانتم الكورد في الاوطان الاوروبية عليكم الحضور في المظاهرات امام كل السفارات مساندين شعبكم الكوردي في الداخل الذي يموت جوعا والذي يترك بيته متجها الى ضواحي الشام وكأنه نازح آتى من دولة أخرى ليسكن في الخيم علما ان المنطقة الكوردية اذا أهتم به فهي تمتلك طاقات وخيرات كبيرة من الزراعة والفواكه والحبوب والثروة الحيوانية والزيتون والبترول ولكنهم يحكمون على أرضنا بالموت فالشعب والارض يموتان معا .

سؤال من / بافي نارين مسؤل اللجنة المشتركة للاحزاب الكوردية في ألمانيا/ : نحن منظمات الاحزاب الكوردية المتواجدة في ألمانيا تمكنا حاليا من تشكيل لجنة مشتركة وان نتفق ونقوم بعدة نشاطات بعيدا عن التحزبية الضيقة فسؤالي موجها لجنابك ولمعظم قيادات الاحزاب : ما هو السر الذي يبعدكم عن البعض ويجعل الحركة في أسوأ حال في الداخل؟

كل الاحزاب يقولون ان هذا المرسوم أسوأ مرسوم ولابد ان لا نسكت , ولكن انتم تطلبون منا تشكيل لجنة مشتركة على غرار لجنة الاحزاب المشتركة في المانيا ونحن هنا في القامشلي لم نجلس ولم نرى بعضنا البعض ونحن نتلقى الرسائل عن طريق الوسطاء والبريد , اما عن سؤال الاخ دارا تيريز وأكن كل الاحترام لشخصه لانه ذاق عذاب السجون ولكن عليكم يا أخ دارا ان تضغطوا على حزبكم ان يجلس مع كل الاحزاب وقولوا لهم لاداعي للوسطاء والتلفونات او البريد بين الاحزاب وخاصة نحن الان في امتحان الدفاع عن قضية شعبنا وابطال هذا المرسوم

واخيرا اريد ان اقول لولا ضعف وانقسام الحركة الكوردية لما تم اصدار وتمرير هذه المراسيم ولو كنا أقوياء ومتكاتفين وأصحاب مطلب سياسي علني بأننا نعيش على أرضنا التاريخية الاصلية ولنا خصوصيتنا ولو كنا مسلحين بفكرة الحرية لأستفدنا من انتفاضة 12 آذار المجيدة وقتها كنا حققنا انجازات لقضيتنا لاننا ضحينا ب36 شهيدا وهناك المئات من المناضلين الكورد في سجون النظام , والان شعبنا له كل الحق عندما يحاسبوننا عن فشلنا او ضعف أدائنا السياسي ويجب ان نعترف بأن شعبنا الكوردي جاهز للتضحية والدفاع عن ارضه وعرضه , وشعبنا الان يعيش في الحدث ويواكب العولمة ولايجوز ان نستهان بقدرات هذا الشعب العظيم الذي قدم انبل الشهداء والبطولات في انتفاضة 12 آذار, فنحن الأحزاب نتحمل كل المسؤولية اما ان نعمل ونناضل ونضحي بأرواحنا في سبيل قضيتنا العادلة واما ان نستقل ونجلس ونترك الميدان السياسي لجيل يؤمن بالحرية
شـــفكر  :  نشكرك جدا ونتمنى لحزبكم وللحركة الكوردية العافية والتقدم.

 

 .
















معركة بياندور  .. عباس عموكة هو الذي قتل روكان من عشيرة حجي سليمانا

 

محمد ملا أحمد


قرأت في موقع ( وه لاتى مه ) مقالة للاستاذ خالد عيسى ، عن مجلة فرنسية، تكتب عن العقيد (بيدكر دو كراند رويت) المكلف بفرض سيطرة فرنسا على الجزيرة، لإلحاقها بالعاصمة دمشق. وبعض المعلومات عن تحركاته، وقليلاً عن معركة بياندور. كما قرأت تنويهاً للدكتور: برجس شويش عن المقالة. ورأيتهما ناقصتين في المعلومات عن انتفاضة بياندور، وبما أنني مطلع نوعاً ما على احداثها، فقد وجدت لزاماً على أن أوضح الأمر، ليطلع عليها أبناء شعبنا.

وأبدأ بالقول وباختصار شديد، أن معلوماتي عن انتفاضة بياندور مستقاة من مصادر موثوق بها، معروفة في المجتمع الكردي بصلاتاها وعلاقتها بأحداث تلك الانتفاضة. مثل السيد (جميل آغا بن حاجو آغا) عميد آل حاجو، والسيد (محمد عباس) آغا قرية نصران، بن المغدوربه عباس محمد عباس صاحب الحادثة التي تسببت في الانتفاضة، وكذلك آخرين من القرى المجاورة مثل تل شعير وغيرها، كان لهم دورهم فيها. لذا فأنا، من جهتي، مطمئن تماماً لصدق أقوالهم.
انتفاضة بياندور انتفاضة كردية، قامت بها ، في شهر حزيران من عام 1923 (كما يقول بيير روندو)، عشائر كردية ضد ظلم واضطهاد الفرنسيين، المنتدبين على سوريا. وكانت الانتفاضة بداية الرحلة الكردية مع فرنسا في سوريا، وإن كانت بدايات التعارف الكردي الفرنسي في مؤتمر السلام بباريس لم تكن تبشر بالخير للاكراد، لذا خلال حكمها لسوريا الذي دام أكثر من 25 عاماً لم يستفد الأكراد منها قومياً في سوريا ( إلا سماحها بتأسيس جمعية خويبون التي حددت نشاطها، ثم السماح بإصدار مجلة هاوار مع الشروط، و تأسيس نوادي رياضية في عامودا ودمشق لعدة أشهر)، لأنها منعتهم بشدة، من النضال من أجل حقوقهم القومية في سوريا. وما كانت علاقتها بهم إلا استثمارهم لمصلحتها، فالتاريخ والأحداث تشهد.
وقد كانت انتفاضة بياندور انتفاضة وطنية، وردة فعل من مواطنين لسوريا (بحكم المادة 30 من معاهدة لوزان) على الظلم الذي لاقوه من مستعمر لسوريا، واحتجاجاً مسلحاً على ممارساتها اللاإنسانية في الواقع الجديد للمجتمع الكردي، بعد التقسيم، الذي رافقه متغيرات حدثت لكردستان، وتأثر بها شعبها. كما كانت دعوة صريحة لفرنسامن أجل تطبيق العدالة في التعامل مع المواطنين، والسماح بالحريات، لكنها مع الأسف أصبحت كصرخة في واد، ذهبت بعد ذلك، مع أدراج الرياح.
والانتفاضة بحد ذاتها جزء من تاريخ كردستان الملحقة بسوريا، وجزء من تاريخ شعبها. لا يمكن القفز من فوقها، (وكذا الحال مع انتفاضة عامودا عام 1937 ). لذا لن أطنب أو أحمل اكثر مما كانت تمثله. وسأروي الأحداث كما جرت، وكما نقلها لي أصحاب الانتفاضة، ليطلع الجميع عليها.
وأقول، ما أن جاء الفرنسيون إلى سوريا عام 1920، حتى بدأوا يتحكمون بمصيرها ومصير أهلها، مثل تقسيمها إلى دويلات (لم يكن للأكراد حصة فيها). وكذلك في 20 / 11 / 1921 وقعوا مع تركيا الكمالية، الا تفاقية المعروفة باتفاقية ( بريان ـ بكر)، أوباتفاقية (فرنكلين ـ بويون). هذه الاتفاقية جعلت القسم الجنوبي الغربي من كردستان، ابتداء من خليج اسكندرونه على البحر الأبيض المتوسط غرباً، إلى نهر دجلة شرقاً، ضمن الأراضي التابعة لدولة سوريا الناشئة حينها. مقسمة المدن والقرى والعشائرإلى قسمين، قسم بقي في تركيا وآخر أصبح في سوريا. كما حدث لمدينة نصيبين التارخية ومدينة رأس العين مثلاً. ومن هذا الوقت بدأت القضية الكردية ( قضية أرض وشعب ) في سوريا.
وبعد ترسيم الحدود جاءت قوات فرنسية إلى الجزيرة (القوات التي تكلم الاستاذ خالد عيسى عنها) تريد تكملة مهمتها بربط الجزيرة إدارياً بالعاصمة دمشق، التي لا سابقة لها، وجعلها قسماً من سوريا. إذ أن الجزيرة كانت دائماً مرتبطة بولاية ماردين، وجزؤها الشرقي بجزيرة بن عمر أو بالموصل. المهم أن الفرنسيين جعلوها في مخططهم محافظة مرتبطة بدير الزور بشكل مؤقت، إلىأن يتم تنظيمها إدارياً (ثم جعلوا من قرية الحسكة في عام 1930 مركز لمحافظتها). ومن ناحية أخرى أرادوا تقسيمها إلى أقضية ( مناطق ) فأوجدوا قضاء في الشرق مركزه (عين ديوار) على نهر دجلة، ثم نقلوه إلى (ديريك ـ المالكية)، كما أوجدوا قضاء في غرب الجزيرة جعلوا مركزه بلدة (رأس العين) ، واحتاجوا لإيجاد قضاء متوسط بينهما، إذ المسافة بينهما أكثر من / 200 / مائتي كم، لذا وجدوا قرية ( بياندور) الواقعة شرق القامشلي ب / 20 / كم، مكاناً مناسباً لمركز القضاء في وسط الجزيرة، وسموه بقضاء ( كيرو) نسبة إلى اسم نهر صغير يجري بقربه معروف باسم نهر ( قيرو ) فحوره الفرنسيون حسب لغتهم إلى (كيرو). وأوجدوا في القرية قاعدة عسكرية وأماكن إدارية، وعينوا رجلا ً من دير الزور اسمه (سالم نوح) قائمقاماً للقضاء. وكان حينها الكابتن (روكان) هو المسؤول عن القضاء. وبدأوا بإيجاد علاقات تبعية مع العشائر والجماعات. وما أن عين المركز والقضاء وبدأت ترتيبات الاستقرار، حتى بدأت الجماعات والعشائر من الأكراد والعرب والمسيحيين، المهاجرين من آزخ ومديات وماردين ودياربكر، نتيجة الأحداث الدامية المؤسفة، التي أقامها فيهم الأتراك وشارك فيها بعض الأكراد الجهلاء، وبعض أصحاب المصالح ورجالات السلطة التركية، بالتقرب من الحكام الجدد لتأمين مصالحهم. وفي هذه الأثناء تمكن بعض المقربين من الفرنسيين الوشاية بالأكراد عامة ورؤساء عشيرة (دوركان) خاصة، على انهم ألحقوا الضرر الكبير بالمسيحيين ، لذا يجب الانتقام منهم. فما كان من الكابتن (روكان) العصبي المتهور، إلا أن استدعى رئيس عشيرة دوركان (سليمان عباس) إليه، فجاء هذا ومعه ابن أخيه (عباس محمد عباس) فألقى روكان القبض عليهما وزجهما في السجن. ومن ثم حفر حفرة عميقة وضع ابن أخ الآغا (عباس محمد عباس، ذي الجثة الضخمة، ظنا ً منه أنه هو رئيس العشيرة) في الحفرة، ثم ملأها بالتراب حتى عنقه، ورشها بالماء حى توفي فيها (حسب قول السيد محمد "آغا قرية نصران وغيره" ، ابن المغدور به عباس بن محمد عباس، في مقابلة معه). وقد شاءت الصدف أن يكون ضيف الكابتن في تلك الليلة، أحد شيوخ عشيرة طي العربية، الشيخ محمد العبد الرحمن، صاحب الفرنسيين، ولما رأي هذا الشيخ وفاة عباس، وسجن سليمان عمه، رئيس العشيرة الذي ينتظر موته في صبيحة اليوم التالي، استنكر عمل الكابتن ونصحه بإطلاق سراحه، وأن ويحسن معاملته مع زعماء العشائر، إذا كان يريد جذبهم إليه. يكمل محمد ابن المغدور به عباس قوله لي: (أنهم افتدوا سليمان عباس رئيس العشيرة ب 300 ثلاثمائة ليرة ذهبية، و12 إثنا عشر حصاناً، حتى تم أطلق سراحه في اليوم الثاني) .
هذه الجريمة النكراء التي اقترفها الضابط الفرنسي روكان، كانت السبب المباشر لقيام عدد من العشائر الكردية (عشيرة دوركان وعشيرة حاجي سليمانا وعشيرة هفيركان وآخرين) بالانتفاضة ضد الحكم الفرنسي في سوريا، الذي كان يعمل على تأجيج نارالفتنة بين أبناء الوطن الواحد، ليديم سيطرته وحكمه.
وتجاه هذه الجريمة النكراء، عزمت عشيرة (دوركان) الأخذ بالثأرمن قاتلها، يقول جميل آغا حاجو، في مقابلة لي معه، كتب رئيسها، سليمان عباس رسالة إلى حاجو آغا، الذي كان وقتها ما يزال في تركيا، يطلب منه المساعدة للأخذ بثأر ابن أخيه المقتول عباس، على اعتبار أن عشيرة دوركان تعود في أصولها إلى هفيركان (إذ هفيركان، تتكون من تحالف ( 18 )عشيرة، مسلمة ويزيدية و مسيحية، منها عشيرة دوركان )، ويكمل جميل آغا كلامه بقوله : أن والده عرض رسالة سليمان آغا على الجهات المسؤولة في تركيا، فأعطته الضوء الاخضر. حينها أرسل / 400 / اربعمائة من رجاله بقيادة أحد أبنائه إلى قرية تل شعير (الشيتية)، للمشاركة مع رجال عشيرة دوركان ورجال عشير حاجي سليمانا، سكان تل شعير وما حولها، بالإضافة لآخرين (ومن بين الآخرين كانت عدة بيوتات عربية (حولي خمسة) من عشيرة جوالة الطي، ساكنة بين ظهراني الأكراد في إحدى قرى عشيرة دوركان، وحينما تهيأت العشيرة لمقاتلة الفرنسيين، اشترك رجال هذه العوائل مع مضيفيهم في مقاتلة الفرنسيين في معركة (كرى توبى) قرب محطة القطار. (ومع الأسف يذكر بعض عرب الجزيرة، أنهم هم أصحاب انتفاضة بياندور، تزويراً للتاريخ). وبعد التحضيرات للعملية، تسللوا ليلاً عن طريق مسيل جاف بين القريتين، تل شعير وبياندور المتجاورتين، وفاجؤوا الجند الفرنسي فقتلوا عددأ منه، كما قتلوا القائمقام وأحرقوا القاعدة العسكرية ، وانهزم بقية الجند الفرنسي إلى العشائر المجاورة المتصاحبة مع فرنسا، حيث أوصلتها إلى الحسكة.
لم يكتف المنتفضون، بل تقدموا بجموعهم نحو الشرق، لملاقاة القاتل، الكابتن (روكان) العائد من جولة له في الشرق، وكمنوا له ما بين بلدة تربسبي ومحطة قطارها. وحينما اقترب منهم، رآهم بمنظاره ينتظرونه، واشتعلت المعركة بينهما في المكان المعروف باسم (كرى تو بى) فسدد
عباس عموكه، من أهالي قرية حلوة، التابعة لعشيرة حاجي سليمانا، نحو روكان وأرداه قتيلا، مضرجاً بدمائه، ثأراً لعباس محمد عباس المقتول غدراً.
وتنتهي المعركة بانهزام بقية الجند الفرنسي، وعودة العشائر الكردية إلى قراها، ويبقى الاسم لحاجو آغا كقاتل للكابتين روكان الفرنسي. ويحاسب عليها حينما يهرب من الأتراك إلى سوريا عام 1926 . لكنه يعرف كيف يتعامل معهم.
لقد كان للمعركة وقع سيئ على فرنسا، الدولة الكبيرة المنتصرة في الحرب العالمية الأولى، مما دفعها للتوقف عن التقدم في هذه الديار المجهولة عليها، وتتأنى في الخطو فيها، بعد أن دفعت ضريبة غالية من رجالهاوسمعتها، وتسأل عن طريق جديد لإحكام سيطرتها على المنطقة، فوجدت في تغيير مركز القضاء من بياندور، إحدى الوسائل إلى ذلك، فتوجهت إلى موقع القامشلي، جنوب نصيبين التاريخية، على نهر جقجق، وبنته منذ عام 1926 ، وجعلته مركز القضاء بدل بياندور.